8 قتلى و168 جريحا في هجوم بسيارة مفخخة على سفارة أستراليا بجاكرتا قبل يومين من ذكرى 11 سبتمبر

أستراليا تعلن أنها لن ترضخ للإرهاب وتشتبه في الجماعة الإسلامية وميغاواتي تقطع زيارتها لبروناي وهولندا تغلق سفارتها

TT

قتل ما لا يقل عن ثمانية اشخاص أمس واصيب حوالي مائة وثمانية وستين اخرين بجروح بعضها خطرة اثر تفجير كبير وقع امام مبنى السفارة الاسترالية في العاصمة الاندونيسية جاكرتا. وأثار التفجير الذي حدث قبل يومين من الذكرى الثالثة لاعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في الولايات المتحدة، مخاوف متجددة من العمليات الارهابية، لا سيما ان أمام اندونيسيا واستراليا تجربتين انتخابيتين صعبتين بالنسبة لرئيسة الجمهورية الاندونيسية ميغاواتي سوكارنوبوتري ورئيس الحكومة الاسترالي جون هوارد.

التفجير جرى بسيارة مفخخة، وعلى الفور نصحت الولايات المتحدة واستراليا، الحليفتان في حرب العراق، رعاياهما بتجنب الفنادق الكبرى في جاكرتا. ومعلوم ان العدد الأكبر من ضحايا التفجيرين المدمرين في جزيرة بالي الاندونيسية في اكتوبر (تشرين الاول) 2002 الذين زاد عددهم عن الـ 200 قتيل كانوا من الرعايا الاستراليين. ويومذاك اعتبر المراقبون ان «الجماعة الاسلامية» المتشددة وحلفاءها تعمدوا معاقبة استراليا على دعمها استقلال اقليم تيمور الشرقية ذي الغالبية المسيحية عن اندونيسيا وتأييد حكومتها اليمينية حرب واشنطن ضد «الارهاب».

* موقف جاكرتا: إدانة وحذر

* ودان نائب الرئيس الاندونيسي حمزة حاز أمس ما وصفه بـ«هذا العمل الهمجي»، مشيراً الى انه «يشوه صورة» اندونيسيا حيث تجري خلال ثمانية ايام الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. واختصرت الرئيسة ميغاواتي زيارتها الى بروناي للعودة بسرعة الى جاكرتا، وحرصت ميغاواتي على حث المواطنين على التحلي بالهدوء مع توخي الحذر لدى عيادتها عددا من الضحايا في مستشفى قريب. كذلك زارت الرئيسة مقر السفارة الاسترالية مع السفير ديفيد ريتشي. أما بما يخص استراليا، فقد اعلنت الحكومة الائتلافية برئاسة هوارد زعيم حزب الأحرار المحافظ انها «لن ترضخ للارهاب»، مضيفة انها تشتبه بـ«الجماعة الاسلامية» الناشطة في جنوب شرقي آسيا والتي تشتبه الدول الغربية بعلاقة لها مع تنظيم «القاعدة». وتوجه وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر الى العاصمة الاندونيسية في وقت لاحق مع فريق من خبراء القنابل والمتفجرات.

* أشلاء في مكان التفجير

* ووفق شهود عيان ومصادر أمنية هز التفجير الذي حدث في الساعة 10.30 (03.30 بتوقيت غرينيتش) بحي كونينغان بجنوب عاصمة اندونيسيا ـ اكبر دولة مسلمة في العالم ـ في مسافة قطرها عدة كيلومترات، وأوقفت السيارة المفخخة المفجرة قرب مركز تجاري ضخم تحطمت واجهاته، وروى شهود انهم رأوا جثثا مقطعة اشلاءً او محترقة ممددة على الطريق قبالة مبنى السفارة الأسترالية، كما مراسلو وكالة «أ ف ب» الفرنسية ان محيط المكان تحول الى مشهد خراب يلفه غبار كثيف، وتضررت عدة سيارات بينها حافلة للشرطة. وفوراً تدفق رجال الاطفاء والشرطة والانقاذ الى الحي. وتحدث ناطق باسم وزارة الصحة عن سقوط ثمانية قتلى على الاقل و168 جريحاً. وتابع ان معظم الجرحى تلقوا العلاج وتمكنوا من مغادرة المستشفيات بينما بقي فيها 24 شخصا عند الساعة 17.00 بالتوقيت المحلي (11.00 بتوقيت غرينتش).

الجدير بالذكر ان الحادث الأخير، على ابواب الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة، اغرق بورصة جاكرتا واعاد البلاد الى ذكريات سيئة، بينها تفجيري بالي والهجوم على فندق ماريوت في جاكرتا الذي اوقع 12 قتيلا في أغسطس (آب) 2003. وقد شبهت الجهات الأمنية أمس الاعتداء الجديد بتفجيري بالي وهجوم الماريوت، وقال قائد الشرطة الاندونيسية ضياء بختيار خلال زيارة الى موقع الاعتداء ان «طريقة التنفيذ مطابقة تقريبا للطريقة التي اتبعت في اعتداءات ماريوت وبالي، وفي المرحلة التي وصل اليها التحقيق نعتقد انها سيارة مفخخة لان عددا كبيرا من قطع سيارة عثر عليها في المكان». الا ان بختيار لم يتمكن من تأكيد ان الهجوم عملية انتحارية موضحاً ان الشكوك تحوم حول مجموعة اسلامية ينتمي اليها ماليزيان خبيران في المتفجرات هما نور الدين محمد توب وازهري حسين. وتبحث السلطات الاندونيسية عن الرجلين اللذين يشتبه بانهما كانا في المجموعة المسلحة المسؤولة عن تفجيري بالي اللذين نسبا الى «الجماعة الاسلامية». من جهة أخرى، ذكر أمس، ان السفارة الاسترالية في جاكرتا كانت تخضع بالفعل لحماية مشددة ولم يصب اي من موظفيها، حسب المعلومات الاولية، كما اعلنت وزارة الخارجية الاسترالية. هذا، وقامت تايلاند المجاورة لاندونيسيا بتعزيز الاجراءات الامنية في محيط السفارة الاسترالية في عاصمتها بانكوك.

* أستراليا لن ترضح

* واكدت الحكومة الاسترالية، على لسان رئيس وزرائها جون هوارد، انها لن ترضخ للارهاب على الرغم من الاعتداء الذي وقع أمس امام سفارتها في جاكرتا موضحة انها تشتبه بمسؤولية «الجماعة الاسلامية» في آسيا عما حدث. ومما قاله هوارد، وهو أبرز حلفاء الرئيس الاميركي جورج بوش في الحرب المعلنة على «الارهاب» وحرب العراق، في كلمة له بمدينة ملبورن ان بلاده لن تخضع للترهيب على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات العامة التي قرب موعدها الى 9 اكتوبر في استراليا وذكرى اعتداءات 11 سبتمبر 2001 . أما وزير الخارجية الكسندر داونر فقال «في هذه المرحلة لا نعرف المسؤول عن التفجير وقد يستغرق كشفه بعض الوقت. بطبيعة الحال تحوم الشبهات حول الجماعة الاسلامية». ثم أردف أمام الصحافيين «انه بوضوح اعتداء ارهابي. لقد وقع خارج السفارة الاسترالية ويمكننا ان نستنتج ان استراليا مستهدفة مباشرة بالهجوم».

وأدانت الحكومة الاندونيسية أمس على لسان وزير الخارجية حسن ويراغودا التفجير الذي يعتقد انه كان يستهدف سفارة استراليا، لكنها اعتبرت انه يجب عدم تصوير الحادث كهجوم على أي دولة بعينها.

وتابع ويراغودا الذي كان يتحدث للصحافيين في موقع الحادث «ندين هذا العمل بشدة.. ونحن نخوض سويا الحرب ضد الارهاب، لدينا في الجانبين (الاندونيسي والاسترالي) التزام قوي لذا لا بد أن نعمل معاً».

أيضاً قال الناطق باسم وزارة الخارجية مارتي ناتاليغاوا انه لا يجوز أن ينظر الى الاعتداء بوصفه عملاً موجهاً ضد استراليا وحدها «ذلك ان جميع القتلى مواطنون اندونيسيون عاديون، اننا لا نستطيع أن نقصر طبيعة التهديد على المبعوثين الاجانب أو الحكومات الاجنبية. كلنا ضحايا محتملون».

* هولندا تغلق سفارتها

* الى ذلك اعلنت هولندا امس عن اغلاق سفارتها في العاصمة الاندونيسية جاكارتا حتى يوم الاثنين القادم وذلك في اعقاب التفجير الذي استهدف السفارة الاسترالية، التي لا تبعد أكثر من مائة متر من مقر السفارة الهولندية. وقال وزير الخارجية الهولندي برنارد بوت امس ان المجموعة الاوروبية «تستنكر الحادث وتعلن رفضها كل اشكال الارهاب .. وان الاتحاد الاوروبي على قناعة بان السلطات الاندونيسية ستبذل قصارى جهودها للتوصل الى منفذي حادث الاعتداء على السفارة الاسترالية». واشار الى استعداد الجانب الاوروبي للتعاون مع اندونيسيا واستراليا لمواجهة الارهاب ومخاطره.