مسيرة أطفال في بغداد تطالب بإطلاق سراح الرهينتين الإيطاليتين

TT

دعا العشرات من الاطفال العراقيين في مسيرة نظموها في بغداد أمس، الى اطلاق سراح الرهينتين الايطاليتين اللتين اختطفتا الثلاثاء الماضي.

وطالب الاطفال، الذين ينتمون الى عدد من الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها بعض المنظمات الانسانية العاملة في بغداد، خلال مسيرة في ساحة الفردوس وسط العاصمة الخاطفين باطلاق سراح الرهينتين سيمونا باري وسيمونا تورييتا.

وكانت الرهينتان تعملان لحساب منظمة ايطالية غير حكومية تسمى «جسر الى بغداد» عندما اقتحم مسلحون مكاتب المنظمة في وسط بغداد وخطفوهما مع عراقيين يعملان معهما.

وقال الطفل سفيان محمد من جمعية امل الخيرية: «نحن هنا نريد ان نطلق سراح الرهينتين الايطاليتين». وأضاف إن موظفي الاغاثة «يقدمون لنا الادوية ويوصلونها الى ديارنا ويعالجوننا من دون ان يأخذوا منا اموالا».

وقال محمد الذي يخضع لعلاج تشرف عليه المنظمة التي تنتمي اليها الرهينتان «انهم هنا يقدمون انفسهم لنا، ليس لهم ذنب ولولاهم لما بقينا على قيد الحياة».

ورفع مشارك في المسيرة يخضع ابنه لعلاج تشرف عليه المنظمة الايطالية لافتة كتب عليها «باسم الانبياء والائمة والاولياء اطلقوا سراح الرهينتين الايطاليتين اللتين تعملان من اجل انقاذ حياة اطفال العراق من الامراض المستعصية». ورفع اطفال اخرون لافتة اخرى كتب عليها «باسم الطفولة نناشدكم باطلاق سراح رسل المحبة والسلام سيمونا توريتيا وسيمونا باري».

وقالت هناء ادوارد سكرتيرة جمعية أمل، وهي جمعية تحتضن العديد من الاطفال العاجزين لتقديم العلاج والاشراف على برامج تأهيلية لهم، ان اختطاف الايطاليتين أحدث صدمة كبيرة لكل العاملين في الجمعية وللاطفال الذين ينتمون اليها ولعوائلهم، حيث تقدم منظمة «جسر الى بغداد» خدماتها في العراق طوال اكثر من عشر سنوات.» واضافت ان المنظمة الايطالية كانت تدير عددا من البرامج الانسانية والخدمية البحتة. وكان تحت رعاية المنظمة 93 طفلا عراقيا يخضعون للعلاج وكان من المؤمل زيادة العدد ليصل الى 300 طفل.

ومضت ادوارد قائلة، ان نشاط المنظمة لم يكن يقتصر على رعاية الاطفال وتقديم الدواء لهم وعلاجهم، وانما ايضا تأمين المياه الصالحة للشرب في اماكن عديدة من العراق، وقامت المنظمة ببناء عدد من المدارس وتجهيز وتأثيث عدد من المراكز الصحية وعدد من المستشفيات، اضافة الى تقديم مساعدات غذائية. وطالبت ادوارد الخاطفين باطلاق سراح الرهينتين الايطاليتين والرهينتين العراقيين وقالت: نناشد الخاطفين الحفاظ على حياة هؤلاء الرهائن والحفاظ عليهم كما تحافظون على اولادكم.. هؤلاء امانة في اعناقنا نحن العراقيين وعلينا اعادتهم الى عوائلهم سالمين باسرع وقت ممكن.

وأثار اختطاف السيدتين الايطاليتين في وضح النهار وفي مكان يقع في قلب العاصمة العراقية مخاوف من تأثر عمل المنظمات الانسانية العاملة في بغداد مع توقع سحب عدد كبير من عمال الاغاثة الاجانب المتبقين في العراق وتوقف عمل عدد من هذه المنظمات.

* روما تتحرك دبلوماسيا

* وفي هذه الاثناء بدأت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية الإيطالية، مرغريتا بونيفير، أمس جولة في عدد من الدول العربية في مسعى للإفراج عن إيطاليتين تعملان في منظمة إغاثة إنسانية اختطفتا في العراق.

ووصلت بونيفير أمس إلى القاهرة وتنتقل اليوم إلى عمان فغي إطار الجولة التي تشمل أيضا لبنان واليمن وسورية بهدف الحصول على مساعدة هذه الدول للإفراج عن الإيطاليتين سيمونا باري وسيمونا توريتا اللتين اختطفتا الثلاثاء الماضي. وكان وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه قد زار الأسبوع الماضي كلا من الأردن ومصر وقطر في إطار مهمة مشابهة لحشد الدعم لمساعي إطلاق سراح صحافيين فرنسيين اختطفا في العراق. والى جانب باري وتوريتا احتجز الخاطفون أيضا اثنين من عمال الإغاثة العراقيين الذين يعملون مع المنظمات الإيطالية غير الحكومية في بغداد. ولم يعلن أحد أي مطالب بفدية تتعلق بالرهينتين.

وأحدث الاختطاف صدمة في أنحاء إيطاليا ونحت الحكومة الإيطالية وأحزاب المعارضة جانبا خلافاتهما المعتادة لإصدار بيان مشترك يطلب إطلاق سراح المرأتين التين يبلغ عمر كل منهما 29 عاما.

وشدد مسؤول في المعارضة الإيطالية أمس على ضرورة بذل كل الجهود والاقتداء بـ «النموذج الفرنسي» لإنقاذ الرهينيتين الإيطاليتين، مشيرا إلى أن المعارضة لن تطلب الآن سحب القوات الإيطالية من هذا البلد.

وقال لوتشيانو فيولانتي زعيم مجموعة الديمقراطيين اليساريين في البرلمان في مقابلة مع صحيفة «كورييري دي لا سيرا» : «علينا الاقتداء بالنموذج الفرنسي في تعميم المهمة الإنسانية الحقيقية لهاتين الشابتين وإنشاء علاقات واضحة مع الحكومات العربية في المنطقة ومع المنطمات الإسلامية».

ورأى فيولانتي أن من المبالغ فيه الحديث عن «مناخ وحدة وطنية»، في إشارة إلى الدعم الذي قدمته المعارضة لحكومة سيلفيو برلوسكوني في محاولة لتحرير توريتا وباري.

وأشار إلى أن هناك «مناخا من الوحدة ضد الإرهاب على الرغم من استمرار الخلافات في باقي المواضيع».

وأضاف «علينا إبراز وحدة البلاد فنحن الآن نتكلم عن مكافحة الإرهاب. اما الباقي فنبحثه في وقت لاحق«، مشددا على أن دعم الحكومة الإيطالية للحرب على العراق وإرسال فرق عسكرية إلى هذا البلد شكلا «خطأ مأساويا».

وردا عما إذا كانت المعارضة ستطالب بسحب القوات الإيطالية من العراق قال فيولانتي «إذا ما فعلنا ذلك الآن فهذا يعني مساعدة الإرهابيين».

من جهته، رأى الأمين العام لحزب التجدد الشيوعي المعادي لوجود قوات إيطالية في العراق أن سحب القوات ليس مطروحا في هذه المرحلة.

وذكرت صحيفة «كوريري دي لا سيرا» الإيطالية أمس أن محتجزي الرهينتين الإيطاليتين قد يكونوا عملاء سابقين لأجهزة استخبارات النظام السابق.

وقالت الصحيفة أن «طريقة عمل الخاطفين تشبه إلى حد كبير طرق الفرق الخاصة لصدام حسين»، موضحة أنهم «أشخاص مدربون بشكل جيد ومتعلمون وجميعهم عراقيون من المجتمع الراقي الذين درسوا مخططات مقري المنظمتين «جسر الى بغداد» و«انترسوس». وأضافت أن عملية الخطف التي وقعت الثلاثاء تذكر «بالكابوس الرهيب لسنوات النظام الدكتاتوري» وبأن المخابرات في عهد صدام حسين كانت تملك وحدة متخصصة بعمليات الخطف وإخفاء المعارضين وزعماء العشائر المستقلين.

ونقلت الصحيفة عن ضابط سابق في المخابرات «قد يكون أعضاء هذه الأجهزة قد غيروا مواقفهم ويعملون حاليا للأصوليين المتطرفين او لبعثيين سابقين ينشطون بين الفلوجة والمحمودية قرب بغداد».

كما أكدت صحيفة «ايل ميساجيرو» أن الايطاليتين «محتجزتان لدى موالين لصدام حسين».