شارون يعدل مسار الجدار ليلتهم نصف الضفة الغربية وشالوم يؤكد أن إبعاد عرفات بات قريبا جدا

TT

في تحد سافر لمحكمة العدل الدولية في لاهاي ومحكمة العدل العليا في اسرائيل، وبالتناغم مع سياسة التصعيد الحربي الكبير في قطاع غزة، اصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، اوامره الى طاقمه السياسي ـ الامني بتعديل مسار الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية بطريقة اتضح منها انها تلتهم ليس فقط مدينة القدس الشرقية المحتلة، بل ايضا نصف مساحة الضفة الغربية من الأراضي.

وفي الوقت نفسه، خرج وزير الخارجية سلفان شالوم، بتصريحات هجومية ضد رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء)، وعاد ليكرر التهديد بابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. فقال ان يوم ابعاده بات اقرب من أي وقت مضى.

ومع ان المراقبين يشيرون الى ان هذا التصعيد جاء لإرضاء اليمين المتطرف في الليكود ومعسكر اليمين، مع اقتراب الحسم في «خطة الفصل» يوم الثلاثاء المقبل، الا ان الممارسات نفسها تخلق امرا واقعا يصعب التراجع عنه في المستقبل، علما بأن شهوة اليمين المتطرف تزداد ولا تنقص اثر هكذا تصريحات.

وكان شارون قد عقد اجتماعا مساء الأول من امس، للطاقمين الامني والقضائي في حكومته لبحث موضوع الجدار العازل، الذي تبنيه اسرائيل في قلب الضفة الغربية. وتبين من خريطة الجدار انه يقترب كثيرا من الخط الاخضر (خط الحدود بين اسرائيل والضفة الغربية ما قبل حرب 1967)، من الجهة الغربية. وقال شارون انه لا يريد ترك الانطباع لدى احد بأن اسرائيل تتبرع بالعودة الى حدود 1967، لهذا طلب ان ينشر المسار الشرقي من الجدار، الذي يخطط لبنائه في السنوات الثلاث المقبلة. واتضح ان هذا المسار يبتعد عن نهر الأردن (خط الحدود بين الأردن وفلسطين) 20 كيلومترا كحد ادنى (في المناطق الشمالية) ويصل الى 30 كيلومترا في الجنوب، بينما في الوسط (من اريحا الى القدس) يلتهم كل الأراضي.

وصرح شارون بأنه يريد ان تشمل داخل الجدار، أي في المنطقة التي ستبقى داخل حدود اسرائيل وسيطرتها بعد بناء الجدار، التجمعات الاستيطانية الكبرى مثل: «غوش عتعيون» (المستوطنات القائمة جنوب غربي بيت لحم في الطريق الى الخليل) والمستوطنات القائمة جنوب جبل الخليل وجيب كبير وسط الضفة الغربية يضم مستوطنة ارييل (الواقعة على بعد 25 كيلومترا شرق الخط الاخضر، جنوب نابلس) ومجموعة مستوطنات شمال قلقيلية وطولكرم وغرب جنين. كما اتضح ان الجدار يلتهم القدس بمعظم احيائها واراضيها الشرقية حتى مشارف اريحا.

وبحساب بسيط، تكون اسرائيل ـ بعد بناء الجدار ـ قد سيطرت على نصف مساحة الضفة الغربية تقريبا.

وأثارت تصريحات شارون الحرج لدى المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز وطاقمه. فقالوا له ان هذا المسار للجدار، لن يكون مقنعا للقضاء عموما، ولمحكمة لاهاي الدولية ومحكمة العدل العليا الاسرائيلية. فهو يلتهم اراضي شاسعة من المناطق الفلسطينية. فرد عليه شارون بغضب: «فليذهب القضاة الى جبل هرتسل (مقابر يهودية في القدس المحتلة) ويعدوا عدد القتلى (اليهود) ضحايا عمليات الارهاب. انا لن اسمح ببقاء بيت استيطاني واحد وراء الجدار».

واحتدم النقاش بين الطرفين، وتدخل رئيس المخابرات العامة آفي ديختر، فقال ان امن المستوطنين يحتم ضم المستوطنات الى تخوم الجدار. وقال وزير الدفاع شاؤول موفاز، ان الاعتبارات الامنية تحتم ازاحة مسار الجدار نحو الشرق في عدة مناطق. وانتقد الجنرال غيورا آيلاند، مسؤول لجنة رسم مسار الجدار، موقف النيابة العامة «التي لم تفلح في اقناع المحكمة بحيوية الجدار وطرحت الأمر كأنه جدار عسكري جاء للدفاع عن اسرائيل، بينما كان عليكم ان تطرحوا الأمر كجدار يحمي ارواح الاسرائيليين». واقترح آيلاند العودة مرة اخرى الى المحكمة العليا الاسرائيلية وطرح ادعاءات قضائية اخرى مقنعة. واقترح موفاز ان يذهب هو بنفسه الى المحكمة ليقنع القضاة بوجهة نظره.

وأثار هذا النشر ردود فعل غاضبة في اليسار وفي وسائل الاعلام الاسرائيلية. فاعتبروا هجوم شارون على محكمة العدل العليا تطاولا خطيرا لم يسبق له مثيل في التاريخ الاسرائيلي. وقال رئيس طاقم الناطقين بلسان حزب العمل اوفير بنيس، ان شارون يحول اسرائيل الى دولة من العالم الثالث، لا تحترم السلطة القضائية. واما في اليمين المتطرف، فاعتبروا تصريحات شارون محاولة للتستر على خطة الفصل «التي لا تعني الا امرا واحدا هو ازالة مستوطنات وترحيل اليهود عن بيوتهم»، وقالوا ان مسار الجدار غرب الضفة الغربية يلتصق بالخط الاخضر «ولن يقنعنا بكاء شارون بأنه حريص على تغيير الوضع».

وتقرر في ختام هذه الجلسة طرح الموضوع على الحكومة ولكن ليس قبل ان يطرحه شارون على الادارة الاميركية. ومن المقرر ان يسافر مستشاره السياسي دوف فايسغلاس، الى واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة ليفعل ذلك.

من جهة ثانية، خرج الوزير سلفان شالوم بتصريحات حادة ضد الفلسطينيين امس، حاول بها التغطية على الانشغال بشارون.

وكان شالوم يتحدث الى مجموعة من مؤيديه في مركز حزب الليكود امس، بمناسبة حلول رأس السنة العبرية. فقال ان يوم طرد الرئيس ياسر عرفات بات اقرب من أي وقت مضى، ليعقبه قادة فلسطينيون من طراز جديد «وعندها سنفاوض الفلسطينيين على السلام»، ثم هاجم رئيس الوزراء الفلسطيني وقال ان حكومة ابو علاء اثبتت خلال السنة الاولى من وجودها انها حكومة شلل وفشل، لم تفعل شيئا لمصلحة الشعب الفلسطيني ولم تتقدم خطوة واحدة على طريق مكافحة الارهاب او تحريك مسيرة السلام.

وربط المراقبون بين تصريحات شالوم ضد عرفات والتصريحات المشابهة التي كان اطلقها موفاز قبل ايام. ورأوا انها لم تأت صدفة، وانه، كما يبدو، هناك مخطط لتوجيه ضربة الى عرفات. الا ان عناصر سياسية في محيط شارون، قالت امس ان «السياسة ضد عرفات لم تتغير. ولا توجد هناك خطة لطرده حاليا. والحكومة الاسرائيلية تراقب الاوضاع وتنتظر الظروف المناسبة للتعامل معه».