السودان بعد المحاولة الانقلابية: تشديد الحراسة على الترابي وحملات التفتيش والمداهمات تطال المنازل

السلطات الأمنية: الشعبي شكل خلية باسم «المجاهدين» لتنفيذ عمليات تخريبية وإطلاق الترابي وقلب الحكم

TT

كثفت السلطات السودانية امس من حملات التفتيش والمداهمات في أحياء وضواحي العاصمة الخرطوم التي وصلت الى حد تفتيش المنازل بلا تمييز، في سياق إجراءاتها «الاستباقية الاحترازية» لمنع ما تصفه بـ«عمل تخريبي»، قالت ان المؤتمر الشعبي، الذي يقوده الدكتور حسن الترابي، يدبر له بتسهيلات من دولة اريتريا المجاورة. ورفعت السلطات درجة الحراسة المفروضة على الدكتور الترابي في محبسه، فيما لم تسجل اعتقالات جديدة وسط أنصار الشعبي. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» ان عمليات الدهم التي جرت امس شملت عددا من أحياء العاصمة مثل الحاج يوسف والثورات في أم دردمان وامبدة وامتداداتها، استمرت من الساعة الخامسة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر. وذكرت ان الحملة أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من المتهمين، وتم ضبط كميات من الأسلحة والذخيرة وسيارات مسروقة، ومنشورات معادية للحكومة. وقالت ان التفتيش وصل الى حد الدخول الى المنازل فضلا عن التفتيش الشخصي للسكان والسيارات العابرة، وان بعض الأحياء مثل الثورة الحارة التاسعة أغلقت تماما لساعات الى ان انتهى التفتيش. وأشارت المصادر الى ان عمليات الدهم والتفتيش شاركت فيها قوات الشرطة والقوات الامنية الأخرى.

ولوحظ ان السلطات الامنية رفعت امس من درجة الحراسة المفروضة على الدكتور الترابي المحبوس في منزل في ضاحية كافوري بالخرطوم بحري، وشوهدت عربتان مدججتان بالأسلحة وجنود حول المنزل. وقال أحد أفراد أسرة الترابي لـ«الشرق الأوسط» انهم لم يتمكنوا من زيارته منذ أكثر من اسبوع «لأنه ضرب عزلة على نفسه ورفض مقابلة أي شخص حتى لو كان من أفراد الأسرة ».

من جهة طالب كمال عمر عبد السلام، أمين الدائرة العدلية لحزب المؤتمر الشعبي، الحكومة بـ«التعامل بالحكمة في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، وإطلاق سراح منسوبي الشعبي، لعلمنا التام بأنهم أبرياء». وطالب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة اذا كانت لديها ادلة ان تقدمهم الى محاكمة، قبل ان يكرر ان «الحديث عن المحاولة الانقلابية ذريعة فقط لاعتقال عناصر الشعبي. ونفى محمد حسن الأمين، القيادي في حزب الترابي، ان يكون حزبه يخطط لتهريب زعيمه من محبسه، وقال «ليست هناك دولة من دول الجوار أو دولة اسلامية ستقبل باستقبال الترابي في ظل حملة مكافحة الارهاب العالمية». واستبعد ان تكون عمليات التخريب التي تحدثت عنها الحكومة معدة من قبل حزبه الشعبي، وقال «الأجواء الآن للسلام».

من جهته قال نائب رئيس جهاز الأمن الوطني اللواء محمد عطا، ان المعتقلين من الشعبي كانوا يريدون إسقاط الحكومة بخلق جو من الفوضى للايحاء بأن الحكومة فقدت السيطرة على دارفور. وقال في تصريحات لرؤساء تحرير الصحف السودانية ان المعتقلين من حزب المؤتمر الشعبي شكلوا خلية اطلقوا عليها اسم «المجاهدين» مكلفة تنفيذ هذه «الخطة التخريبية» بأسلحة مصدرها إريتريا. وأوضح ان الخلية «كلفت بإطلاق سراح الترابي وتوزيع الأسلحة على اعضاء الحركة». ووصف الاعتقالات بأنها «اجراء وقائي لاحباط مخطط تخريبي». وأكد انه تم العثور على «اسلحة وذخائر»، من دون ان يذكر أي تفاصيل أخرى. واعتبر ان الهدف الأخير لحزب المؤتمر الشعبي كان الاطاحة بالنظام من خلال الايحاء بأن الأوضاع في دارفور وفي الخرطوم أصبحت خارجة عن سيطرة السلطات.

وقال العطا ان العلاقات بين حزب المؤتمر الشعبي واريتريا بدأت عام 2003 عندما توصلا الى اتفاق يسعى بموجبه حزب الترابي الى الحد من أنشطه المعارضة الاريترية في السودان، وفي المقابل تدعم اريتريا المؤتمر الشعبي سياسيا واعلاميا. وتابع ان السلطات الاريترية وافقت على امداد حزب المؤتمر الشعبي بالسلاح خلال زيارة قام بها الى أسمرة اخيرا نائب رئيس الحزب علي الحاج محمد، الذي يقيم في منفي اختياري في ألمانيا. واتهم العطا حزب الترابي بتاجيج الصراع في دارفور، وبأنه كان وراء تأسيس حركة العدالة والمساواة (إحدى حركتي التمرد في هذا الاقليم). من جهة أخرى أطلق في الخرطوم أول من أمس سراح المهندس يوسف حسين الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني بعد اعتقال دام حوالي شهر إثر اجتماع علني ضمه مع معارضين آخرين في «مركز عبد المجيد إمام» بالعاصمة السودانية، الذي درجت المعارضة السودانية على عقد اجتماعاتها فيه أخيرا. وكان الاجتماع بصدد تقديم مذكرة عن الأوضاع في دارفور الى المشير عمر البشير رئيس الجمهورية.

وقال مصدر موثوق لـ«الشرق الأوسط» إن حسين لم توجه له أي تهمة خلال فترة الاعتقال، ولم يحقق معه حول أي مخالفة قانونية، أو يوضح له السبب وراء اعتقاله. ويذكر أن حسين جرى اعتقاله مع حزبيين من فعاليات المعارضة الا أن معظمهم أطلق سراحهم في يوم القبض عليهم، فيما بقي آخرون ليوم أو بضعة أيام.