سفاح تارودانت المغربية يعيد تمثيل وقائع جرائمه بأعصاب باردة

TT

تحولت اول من امس ثلاثة اماكن في مدينة تارودانت (شرق اغادير) الى مسرح في الهواء الطلق، اقبل عليه المتفرجون زرافات ووحدانا، من دون ان يدفعوا ثمن تذكرة، لمشاهدة وقائع جرائم القتل التي اقترفها في فترات متباعدة وأماكن متفرقة، من أصبح يطلق عليه «سفاح تارودانت».

والمذهل في الأمر، استنادا الى شهود عيان، ان الظنين، كان يتقمص الادوار الموكلة اليه بأمر من الشرطة والدرك، بأعصاب باردة، وكأنه ممثل مسرحي محترف، لم يرهبه حضور الجمهور وترقبه لفصول الجرائم الشنيعة التي وضعت مدينة تارودانت الهادئة والمسالمة تحت المجهر والاضواء، كما لم يبال المتهم بصيحات الاستنكار التي اطلقها المشاهدون، ونداءات التذرع الى السماء، وخاصة في المحطة الطرقية التي كان يشتغل فيها بائعا للاكلات الخفيفة (السندويتشات). وتبين من فصول المسرحية التي أدى أدوار البطولة فيها السفاح، انه كان يستدرج ضحاياه الاطفال الصغار المحتاجين، ليمارس عليهم شذوذه الجنسي، ثم يكمم افواههم وأنوفهم بشريط لاصق الى ان يصابوا بالاختناق، ليقوم بعد ذلك بدفنهم في نفس المكان الذي ارتكب به افعاله الجرمية.

وروى لـ «الشرق الأوسط» شاهد عيان حضر مشاهد التمثيل، وراعه ان المتهم بالقتل، حينما طلب منه ان يعيد تمثيل مشهد الاعتداء الجنسي على طفل، احضر للقيام بالدور، تحرج هذا الاخير، لكن الجاني الحقيقي عبد العالي حاضي، شجعه، وقال له: لا تخف، ان الامر مجرد تمثيل، ورغم ذلك، فإن الطفل الممثل البريء، طلب ان تغطى ملامح وجهه، اتقاء شر كاميرات التصوير التي انارت فلاشاتها أمكنة الحادث. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة، ان عملية التمثيل في اماكن الجريمة، استمرت حوالي ساعتين، من الخامسة الى السابعة مساء، اشرفت عليها عناصر من الامن والدرك الملكي. ولوحظ ان الظنين كان مكبل اليدين وهو يستعيد ما اقترفه من افعال مشينة، مزهوا بنفسه لأنه محاط بالمصورين ومراسلي الصحف والتلفزيون المغربي بقناتيه، ولم ينقص إلا مراسلو القنوات الاجنبية التي لم يغرها لحد الآن الحادث على ما يبدو.

وللتذكير فإن المتهم، طبقا لما روته وكالة الانباء المغربية، اتخذ من احدى البقع الارضية الخالية الموجودة بتجزئة «جنان السوسية» في حي «لمحايطة» مأوى له منذ حوالي ثلاث سنوات، وبهذا المكان لجأ الى بناء كوخ بداخله كان يرتكب فيه افعاله الاجرامية وذلك على الرغم من كون البقعة الارضية العارية التي يوجد بها الكوخ كانت محاطة من الجهتين الشمالية والجنوبية بمبان سكنية فضلا عن كون الممر الطرقي الذي يؤدي اليها توجد به منازل اخرى مأهولة بالسكان. وبعدما بلغ الى علم الظنين ان مالك البقعة الارضية التي كان يتخذها مأوى له، يرغب في استغلالها، بادر الجاني الى نبش الحفرة التي سبق ان دفن فيها ضحاياه قصد التخلص من الجثث واخفاء آثار جريمته.

واستنادا الى مصدر امني فإن المتهم حمل رفات ضحاياه العظمية في دفعتين اثنتين، حيث توجه نحو مقبرة «باب الخميس» التي كان ينوي ان يخفي فيها الهياكل العظمية للضحايا، الا انه صبيحة اليوم الذي توجه فيه للمقبرة تصادف مع يوم 20 اغسطس (آب) الماضي حيث كان اعوان بلدية تارودانت يقومون ببعض الاشغال في اطار الاحتفال بذكرى ثورة الملك والشعب، مما اضطره الى التوجه صوب السهوب المتاخمة لمجرى «الوادي الواعر» وهناك تخلص من رفات الضحايا التي تم العثور عليها صبيحة اليوم نفسه.

الى ذلك، أحيل المتهم على محكمة الاستئناف باغادير القريبة من تارودانت، ليحقق معه قاضي التحقيق وتحديد التهم، لتشهد قاعاتها فصول محاكمة، تذكر المغاربة، في بشاعتها، بمحاكمة من سمي في حينه «وحش الدار البيضاء» ضابط الشرطة ثابت محمد مصطفى، الذي استغل منصبه ونفوذه لإرغام الضحايا من النساء على فعل المكروه وحفظه في افلام ليتلذذ بمشاهدتها لاحقا.

والى ان يثبت التحقيق الدوافع الحقيقية للجرائم المرتكبة، وهل يتعلق الامر بمجرم مختل عقليا او يعاني من اضطراب كبير وازدواج في شخصيته، ودرجة تعاطيه الشذوذ الجنسي خاصة وانه اعزب. الى حين ذلك تستيقظ «تارودانت» كل صباح، على استحياء مما وقع فوق ترابها. لكن الحادث، فضلا عن طابعه الجرمي الممقوت، يشير الى ان بعض المدن التي تظهر بمظهر المحافظة والهادئة، انما تخفي في منعرجات دروبها وتحت اقبية مساكنها الفقيرة ما لا يصدقه العقل وترفضه الشرائع.