السلطات السورية تبلغ باريس حرصها على الحوار لإزالة «سوء التفاهم» حول التمديد للرئيس اللبناني لحود

مباحثات وزير الخارجية المصري في دمشق تناولت تقييم الوضع اللبناني وتعاملها مع القرار 1559

TT

كشف مصدر سوري واسع الاطلاع لـ«الشرق الاوسط» ان حركة الحوار بين دمشق وباريس توقفت منذ مدة، وقبل الانتخابات الرئاسية في لبنان، الأمر الذي ادى الى «سوء تفاهم» بين الدولتين انعكس على النظرة الفرنسية للاستحقاق الرئاسي في لبنان وعلى مواضيع اخرى مما دفع فرنسا الى اتخاذ موقفها المعروف في مجلس الامن والمشاركة في اصدار القرار 1559.

وتوقع المصدر ان تشهد العاصمتان السورية والفرنسية في وقت قريب لقاءات سياسية تعيد الحرارة الى «الحوار المقطوع»، لافتاً الى ان مقدمة هذه اللقاءات ظهرت في استقبال الرئيس السوري بشار الاسد قبل يومين رئيس لجنة الصداقة الفرنسية ـ السورية في الجمعية الوطنية الفرنسية فيليب ماريني والوفد المرافق له، حيث جرى عرض للعلاقات السورية ـ الفرنسية. وقد سمع البرلماني الفرنسي من القيادة السورية حرصها على ابقاء العلاقات بين البلدين جيدة وراسخة والسعي باتجاه تلافي العوامل التي ادت الى «سوء التفاهم» الذي حدث، وذلك عن طريق المزيد من الحوار وتبادل الزيارات على المستويات كافة وخاصة البرلمانيين من الجانبين.

وذكر المصدر السوري الواسع الاطلاع ان دمشق ابلغت الوفد الفرنسي انفتاحها على فرنسا، وتقديرها للرئيس جاك شيراك ولمواقفه من القضايا الرئيسية التي تهم المنطقة، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الاسرائيلي والوضع في العراق. كما ذكّر المصدر بموقف الرئيس الفرنسي المتفهم للوجود السوري في لبنان في الكلمة التي القاها في البرلمان اللبناني خلال زيارته الاخيرة الى بيروت وقوله: «ان وجود القوات السورية في لبنان مرهون باحلال السلام في المنطقة. وان هذا الامر فيه خدمة للبنان».

ورداً على سؤال حول ما تردد عن تلقي دمشق طلباً رسمياً من باريس بعدم تعديل الدستور في لبنان والتمديد للرئيس لحود ولاية ثانية تستمر ثلاث سنوات، اوضح المصدر ان المسؤولين السوريين لم يتلقوا اي طلب رسمي بهذا الخصوص، لافتاً في الوقت نفسه الى ان موقف فرنسا من هذا الموضوع كان معروفاً سابقاً وقد عبر الفرنسيون صراحة عن معارضتهم تعديل الدستور اللبناني والتمديد للرئيس لحود.

وفي هذا الاطار تسلم الرئيس السوري بشار الأسد أمس رسالة من الرئيس المصري محمد حسني مبارك نقلها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، تتعلق بالأوضاع الراهنة في المنطقة وخاصة في العراق وفلسطين. وتناولت المحادثات بين الرئيس الأسد والوزير المصري بحضور وزير الخارجية السوري فاروق الشرع المستجدات على الساحة العربية ووجهات النظر السورية والمصرية إزاءها.

وعقب لقائه الرئيس الأسد قال وزير الخارجية المصري إن اللقاء «كان إيجابياً، وكانت رسالة الرئيس مبارك إلى الرئيس الأسد واضحة، وتضمنت الكثير من النقاط. وقد أوضحت ردود فعل الرئيس الأسد مدى تفهم حقائق الوضع العربي بصفة عامة، والتفاصيل المحيطة بالوضع الإقليمي المباشر، وكشفت عن الفهم العميق لهذه النقاط، حيث كان الهدف من زيارتي هذه لدمشق، هو الاستماع إلى رأي الأشقاء السوريين بما يتصل بالوضع العام في المنطقة، والجهود المصرية المبذولة في مجال التسوية الفلسطينية». وأضاف:«سأنقل إلى الرئيس مبارك وبكثير من التشجع ردود فعل الرئيس بشار الأسد». ونفى الوزير المصري وجود أية وساطة مصرية على المسار السوري الإسرائيلي، مؤكداً رفض بلاده لأي تهديدات لسورية، وقال«إن أية تهديدات لها هي أمر مرفوض من جانب مصر». وقال أبو الغيط لقد تبادلنا تقييم الموقف في ما يتعلق بالاجتماع المقبل لمجلس جامعة الدول العربية في القاهرة، والاجتماعات المقبلة للأمم المتحدة في العشرين من سبتمبر(ايلول) الحالي، وتم التطرق إلى القرار 1559 وتقييم سورية في ما يتعلق بالتعامل معه، وتقييم الوضع اللبناني بصفة عامة، والرؤية في ما يتعلق بالمجتمع الدولي والقوى الغربية الأُخرى التي كانت وراء القرار.

وأضاف أبو الغيط أن محادثاته في دمشق تناولت الجهد المصري في ما يتعلق بتشكيل موقف فلسطيني إيجابي من أجل تحقيق وحدة العمل الفلسطيني، مؤكداً أنه لمس تعهداً سورياً كاملاً للجهد المصري على هذا المسار ومع المنظمات الفلسطينية.

وفي إشارة من الوزير المصري إلى الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، الذي تقوده مصر قال إن الجهد المصري ينصب على تأكيد وحدة العمل الفلسطيني، وصياغة موقف فلسطيني يتفق على الحدود الدنيا، لما يمكن أن يرضى به الفلسطينيون، لافتاً إلى أنه يمكن للقيادات الفلسطينية العمل في مواجهة قرار إسرائيل الانسحاب من غزة، وأن تكون عند الشروع بالانسحاب سلطة فلسطينية مؤثرة على الأرض للتعامل مع هذا الوضع.

وتطرق الوزير المصري في تصريحه إلى الوضع العراقي، مؤكداً أنه يؤرق الجميع، ومعرباً عن الأمل في أن يصل الشعب العراقي إلى الصيغة المثلى في التعامل مع هذا الوضع وقال: إن العراق يحتاج إلى الكثير من الدعم لتجاوز هذه الفترة الصعبة التي يمر بها. وكان الوزير المصري قد أجرى محادثات مع نظيره الشرع، تناولت تطورات الأوضاع في المنطقة، وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحوار الفلسطيني الفلسطيني وأهميته في مواجهة المرحلة المقبلة، ثم تطرق الوزيران إلى مجريات الوضع المتدهور في العراق.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسؤولا كبيرا في بلد أوروبي (غير فرنسا) أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لإقناعه بإرجاء جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب التي كانت مقررة يوم الجمعة الماضي للبحث في تعديل الدستور والتمديد لرئيس الجمهورية إميل لحود ولاية جديدة لثلاث سنوات. إلا أن الرئيس بري الذي أمضى أكثر من ربع ساعة متحدثا إلى المسؤول الأوروبي رفض الطلب بعد أن شرح لمحدثه المبررات التي تجعله متمسكا بالمضي في انعقاد الجلسة في موعدها المحدد.

وكان الرئيس بري قد لمح، في مؤتمره الصحافي الذي عقده أول من أمس وأطلق خلاله حملة برلمانية ـ دبلوماسية لمواجهة القرار1559، صراحة الى «اتصالات حصلت معي قبل الجلسة، وإغراءات عديدة قدمت قبل الجلسة»، رافضا الكشف عن تفاصيلها أو الإدلاء بأية معلومات حولها.

وعلم في هذا الإطار أن المسؤول الكبير في البلد الأوروبي المشار إليه كان واحدا من بين جهات أخرى، منها فرنسا، اتصلت برئيس البرلمان اللبناني لثنيه عن تعديل الدستور والتمديد للرئيس لحود.