الحرس الوطني. . من قوة تثير الريبة إلى قوة تكتسب الثقة والشرعية

TT

بلد (العراق) ـ ا.ف.ب: رغم ان بداية الحرس الوطني العراقي كانت محفوفة بالمصاعب في المعركة التي دفعه اليها الجيش الاميركي، الا ان التجربة التي خاضها على جبهة مكافحة العنف اكسبته شرعية وثقة. وقال العقيد شاكر العزاوي «بعد سقوط صدام (حسين) كان الناس يخشون الانضمام (الى الحرس الوطني). وكنا نضطر الى ترجي الشباب للتجند في صفوف الحرس ولكن الان اصبح الجميع يرغبون في الانضمام اليه». واصبح العزاوي اللواء السابق في جيش صدام حسين، يقود 1550 رجلا في كتيبة الحرس الوطني 203 المسؤولة عن المنطقة المحيطة ببلد، شمال بغداد، والتي تعتبر من أكفأ كتائب الحرس الوطني الجديد. ويتعرض افراد الحرس الوطني لنيران القناصة المنتمين الى مختلف التيارات كما يتعرضون لانتقادات الجنود الاميركيين المشرفين على تدريبهم لعدم اجادتهم التصويب واحيانا للاشتباه في تورطهم مع الحركة المسلحة المعادية لقوات التحالف في العراق وفي الوقت ذاته يتهمهم العديد من العراقيين بالخيانة وبالاستعداد لقتل اهاليهم مقابل راتب جيد.

ويتألف الحرس الوطني العراقي من 29 كتيبة قوامها 40 ـ 45 الف عسكري تم تشكيلها لتحل محل قوات الدفاع المدني العراقي. وقد شاب تجربة هذه القوات حادثتان تحسب عليها. فقد تراجعت تلك القوات اثناء هجوم كبير على مدينة الفلوجة السنية المضطربة في ابريل (نيسان) الماضي كما انسحب افرادها باعداد كبيرة في مواجهة مع مليشيا «جيش المهدي» التابعة لرجل الدين الشيعي المتشدد مقتدى الصدر في النجف في اغسطس (اب) الماضي. وعندما قامت سلطة الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة بمنح رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي سلطات كاملة في يونيو (حزيران) الماضي، وعد باتخاذ اجراءات صارمة ضد جيوب المسلحين والقى بقوات الحرس الوطني في المعارك. وقال شاكر «كنا في احسن الاحوال دمى وفي اسواها اهدافا حية. أما الآن فإن الجيش الأميركي يعطينا فعليا فرصة العمل واصبح بامكاننا اتخاذ قرارات حاسمة». وكانت الهجمات الضخمة التي شنت على معاقل المسلحين في بلدات اللطيفية جنوب بغداد وتلعفر غرب مدينة الموصل الشمالية، احدث امثلة على استعانة قوات التحالف بقوات الحرس الوطني العراقي للقيام بعمليات كبيرة. وقال الميجور ريف الذي يعمل بتنسيق وثيق مع الحرس الوطني من معسكر باليوودا الصغير قرب بلد، ان الاستعانة بقوات الحرس الوطني العراقي «تريحنا من عبء تكتيكي سببه عدم وجود اعداد كافية من الجنود. كما انه يمنح افراد تلك القوات المزيد من الثقة». وبلدة بلد الواقعة على بعد حوالى 100 كيلومتر شمال بغداد هي بلدة شيعية كانت قوات الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد دمرتها في اعقاب محاولة فاشلة لاغتيال صدام حسين عام 1982. وكانت بلد نفسها قد رحبت بالقوات الاميركية الا ان ضواحيها التي يسكنها المسلمون السنة لا تزال تؤوي العديد من الموالين لصدام، كما ان مدينة سامراء المجاورة التي تسكنها ايضا غالبية من السنة لا تزال معقلا للمسلحين. وبدأ الحرس الوطني العراقي بالتخلص من صورته كعنصر مساعد لقوات التحالف ورغم الهجمات الرهيبة التي يقوم بها المسلحون، الا ان العديد من العراقيين الذين ينضمون الى تلك القوة يشعرون انهم ينضمون الى جيش حقيقي.لكن قوات الحرس الوطني لا تزال تعتمد بشكل كبير في تدريبها ودعمها العسكري على التحالف الا ان الميجور ريف مسرور بالتقدم الذي تم احرازه في الاشهر الاخيرة. وقال «مقارنة مع عام مضى، فان مشاعر المجندين الجدد مختلفة تماما. فقد اصبح معظم هؤلاء يرغبون فعلا في ان يكونوا جزءا من شيء جيد». اما الرائد محمد من الحرس الوطني والذي يتمركز في معسكر باليوودا فقال «سيكون من الاسهل علينا حل المشاكل اذا استطعنا تثبيت سلطتنا من دون ان يكون الاميركيون وراءنا طوال الوقت». ورغم ان العقيد شاكر يؤيد بشدة التدخل الاميركي في العراق الا انه يؤكد ان فصل الجيش الجديد عن قوات التحالف هو الطريق الوحيد لكسر دائرة العنف التي تغذي الجماعات المسلحة بمجندين جدد. واضاف ان «الاميركيين لديهم الاجهزة والتقنية ولكن لدينا ادوات افضل من ذلك. فأنا اعرف الجميع هنا وأحظى بدعم الشيوخ». وتابع انه «بالنسبة لبلدة بلد، فقد اختار مجلس المدينة قائمة من الافراد المحتمل انضمامهم الى قوات الحرس الوطني، وبالنسبة للقرى المجاورة اخترت اشخاصا بما يتناسب مع حجم مختلف القبائل».

واضاف ان «الناس اصبحوا يدركون بسرعة انهم اذا اختاروا العنف فانهم سيقتلون أبناءهم».