أنان يشعل موجة غضب بين دول التحالف بإعلانه لأول مرة بشكل صريح أن حرب العراق غير شرعية

TT

اشعلت تصريحات الامين العام للامم المتحدة كوفي انان التي قال فيها لاول مرة بشكل صريح ان الحرب على العراق «غير شرعية» غضب حكومات الدول التي قادت الحرب ومن بينها اليابان وبريطانيا واستراليا وبلغاريا وهولندا. وقال انان في مقابلة بثتها هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان القرار الاميركي باجتياح العراق في مارس (آذار)2003 «غير شرعي». كما تشكك في قدرة العراق على تنظيم انتخابات في الموعد المقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل اذا استمر الوضع الامني على حاله. ولم يصدر رد رسمي عن واشنطن، لكن راندي شونمان وهو مستشار سابق لوزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد قال ان أنان ليس له الحق في ان يشكك في التقدير القانوني لأعضاء الأمم المتحدة. وقال في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية ان «عمل ذلك قبل 51 يوما من الانتخابات الاميركية تفوح منه رائحة تدخل سياسي». وكان انان ادلى بتصريحات مماثلة في العاشر من مارس (اذار) عام 2003 خلال مؤتمر صحافي في لاهاي بهولندا قبيل الغزو. وقال انه اذا اتخذت الولايات المتحدة عملا عسكريا بدون موافقة مجلس الامن «فلن يكون موافقا للميثاق».

وأوضح الامين العام للمنظمة الدولية فى تصريحاته اول من امس أن قرار الولايات المتحدة شن الحرب «لم يكن مطابقا لمجلس الامن الدولي ولا لميثاق الامم المتحدة» الذي يشكل احد اسس القانون الدولي. وردا على سؤال كرره عليه مذيع الاذاعة البريطانية ثلاث مرات حول ما اذا كان يعني ان الحرب لم تكن شرعية، قال «نعم اذا اردت قول ذلك». وفي اشارة الى الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلت قبل الحرب، قال انان ان «امر الموافقة على الحرب وتحديد النتائج كان يعود الى مجلس الامن الدولي». واضاف انان «انا واحد من الذين يعتقدون انه كان من الضروري صدور قرار ثان» لمجلس الامن للموافقة على الاجتياح الاميركي الذي اطاح نظام صدام حسين. وتابع «قلت حينذاك ان ذلك غير متطابق مع ميثاق الامم المتحدة من وجهة نظرنا وغير شرعي من وجهة نظر الميثاق».

كما شكك الامين العام في قدرة العراق على تنظيم «انتخابات تتمتع بالمصداقية» في يناير (كانون الثاني) المقبل كما هو مقرر «اذا بقيت الظروف الامنية على وضعها الحالي». وتابع «اعتقد ان الولايات المتحدة واعضاء اخرين في الامم المتحدة استخلصوا العبر» من تلك الاحداث، مشيرا الى ان «الجميع تأكدوا في نهاية المطاف ان من الافضل العمل جميعا مع حلفائنا في الامم المتحدة لحل جزء من هذه المشاكل». واضاف «ارجو ألا نرى عملية اخرى على غرار العراق قبل مضي وقت طويل... بدون موافقة الامم المتحدة وبدون تأييد اوسع كثيرا من المجتمع الدولي». وكان مجلس الامن الدولي تبنى عددا من القرارات خلال سنوات لاجبار نظام صدام حسين على التخلي عن اسلحة الدمار الشامل. وصدر آخر هذه القرارات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 وحذر نظام صدام حسين من «العواقب الوخيمة» التي ستترتب على وجود مواد محظورة بما يخالف القرارات السابقة.

واغضبت تصريحات انان كل دول التحالف الدولى فى العراق. وقالت وزيرة التجارة والصناعة البريطانية باتريسيا هيويت امس ان الحرب في العراق كانت «شرعية» و«ضرورية». واضافت هيويت لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) «اوضحنا حينذاك الاسباب التي تجعلنا نعتقد ان الحرب في العراق شرعية ولماذا كنا نعتقد انها ضرورية لفرض احترام قرارات الامم المتحدة». وتابعت الوزيرة البريطانية انها تحترم وجهة نظر انان في هذا الشأن لكنها اكدت ان الحكومة البريطانية ليست متفقة معه وتأسف لذلك. واعترفت هيويت بتناقض آراء الخبراء في القانون الدولي في هذا الشأن. ومن جهته، قال متحدث باسم الخارجية البريطانية ردا على تعليقات انان ان «المجلس القانوني للحكومة قال بوضوح ان موقف الحكومة المؤيد لاستخدام القوة كان يستند الى قاعدة شرعية».

واعتبرت الحكومة اليابانية ان كلام انان «يفتقد الى الوضوح». وقال متحدث باسم الحكومة اليابانية حليفة الولايات المتحدة في الحرب على العراق خلال مؤتمر صحافي «نريد التحقق مما اراد قوله. يبقى معرفة كيف عبر انان عن هذا الموقف وما علاقته بقرارات مجلس الامن الدولي». من جهتها تحدثت وزيرة الخارجية اليابانية يوريكو كواغوتشي عن قرارت المنظمة الدولية لتبرير اجتياح العراق. وقالت «استنادا الى قرارات الامم المتحدة موقفنا كان ولا يزال ان عمل الولايات المتحدة والبلدان الاخرى في العراق مبرر». ونشرت اليابان نحو 550 جنديا في مدينة السماوة جنوب شرقي البلاد الهادئة نسبيا في اطار مهمة «غير قتالية» للمساعدة الانسانية واعادة الاعمار.

كما رفض رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد انتقادات انان. وقال هاوارد للاذاعة الاسترالية في اطار حملته الانتخابية استعدادا للانتخابات التي تجري في التاسع من اكتوبر( تشرين الاول) والتي اصبحت فيها قضية العراق موضوعا محوريا «المشورة القانونية التي حصلنا عليها وطرحتها في حينه هي ان التحرك كان صحيحا تماما بموجب القانون الدولي». وقال رئيس الوزراء الاسترالي انه ما زال متمسكا بالنصيحة التي قدمها للبرلمان العام الماضي ودافع فيها عن الحرب. وتابع «ذلك كان رأيا قانونيا من المختصين في استراليا. صدرت سلسلة من قرارات الامم المتحدة والمشورة التي حصلنا عليها تقول ان الحرب مشروعة تماما». واصبحت قضيتا الامن القومي والعراق من القضايا الرئيسية في الانتخابات الاسترالية.

وأعلن مارك لاتام زعيم المعارضة الاسترالية انه يريد سحب ما بقي من قوات استرالية في العراق وقوامها الان 850 فردا بحلول عيد الميلاد في حالة فوزه في الانتخابات. اما هاوارد فيصر على بقائها ما دامت هناك حاجة لها.

واصرت بولندا وهي مؤيد قوي اخر للعملية العسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق على ان الغزو كان مشروعا، ساردة قرارات الامم المتحدة الخاصة بالعراق. وقالت وزارة الخارجية في بيان امس «يجب قول ان القرار الذي اتخذه المجتمع الدولي بشأن العراق له اساس قانوني». ومن ناحيتها، اعلنت وزارة الخارجية البلغارية ان التدخل العسكري في العراق يستند الى قرارات دولية. واوضحت المتحدثة باسم الوزارة غيرغانا غرانتشاروفا ان «القرار رقم 1441 لمجلس الامن ينص على ان العراق كان وما زال يخرق واجباته المنبثقة من قرارات موجبة بينها القرار 687 وفيه عبارة نتائج خطيرة في حال عدم احترام القرار 1441». وقالت «الى ذلك ينص القرار 687 على استخدام كل الطرق الضرورية لاقرار السلام الدولي والامن في المنطقة علما ان نهاية احتلال الكويت علقت (تنفيذ القرار) من دون ان تلغي قيمته».

واضافت غرانتشاروفا «تقدر بلغاريا مساعدة الامين العام لتخطي سلسلة من النزاعات ودعم الدور الفعال للمنظمة في العراق وخصوصا في المسار السياسي والتشريعي والانتخابي».

وكانت بلغاريا بصفتها على رأس مجلس الامن الدولي في 2003 دعمت موقف الولايات المتحدة حول العراق. وتشارك في قوات التحالف في العراق بكتيبة من 470 جنديا بقيادة بولندا في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة.