يوسف إسلام يعلن أنه مصدوم جدا بعد عودته إلى لندن واحتجاج بريطاني رسمي على رفض دخوله الأراضي الأميركية

منظمات إسلامية في بريطانيا وأميركا تحتج على اعتبار واشنطن المغني البريطاني خطرا أمنيا وتقول ان ذلك لا يساعد الحوار بين الولايات المتحدة والمسلمين

TT

ظهرت علامات الصدمة والحيرة على المغني البريطاني كات ستيفنز لدى عودته امس الى مطار هيثرو بلندن بعد ان منع من دخول الاراضي الاميركية «لأسباب تتعلق بالأمن القومي». وعند وصوله الى المطار، صرح ستيفنز بانه «مصدوم جدا» بسبب منعه من دخول الولايات المتحدة، واصفا هذه الحادثة للصحافيين بانها «تافهة جدا». وقال المغني الذي اعتنق الاسلام عام 1977 واطلق على نفسه اسم يوسف اسلام، «ينتابني شعور منقسم بين الرغبة بالضحك والرغبة بالصراخ».

وردا على سؤال حول ما اذا كان يشعر بانه ضحية تمييز، قال «طبعا، لكن الناس يرتكبون الاخطاء بحجة حبهم لله». واعرب عن رغبته باستشارة محاميه. وقال «انه جنون. فالجميع يعرف نشاطي الخيري». لكنه اضاف «اني سعيد بعودته». وقد حول مسار الطائرة التي كان يركبها والمفترض ان تحط في واشنطن. ومن جهته قال شقيقه ديفيد جوردون، ان يوسف اسلام دان العمليات الارهابية في اكثر من مناسبة وتبرع لضحايا تلك العمليات». وقال جوردون المدير المالي لاعمال شقيقه: «انه كان يريد ان يكون رسولا للسلام».

من ناحية اخرى ذكرت وكالة الانباء البريطانية «برس اسوسييشن» مساء امس، ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قال لنظيره الاميركي كولن باول ان الولايات المتحدة ما كان يجب ان تطرد المغني البريطاني السابق كات ستيفنز.

وقال المتحدث باسم سترو ان وزير الخارجية البريطاني الموجود في نيويورك حاليا حيث يشارك في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة بحث مع نظيره الاميركي كولن باول في رفض اجهزة الهجرة الاميركية السماح لنجم البوب السابق الذي اعتنق الاسلام بدخول الاراضي الاميركية «لاسباب تتعلق بالامن القومي». وقال المتحدث ان سترو اكد لباول ان «هذا الاجراء ما كان يجب ان يتخذ». وكان مسؤول عن الامن الداخلي في واشنطن اعلن عودة المغني البريطاني الى بلاده اول من امس بعد تحويل مسار الطائرة التي كان فيها الى شمال الولايات المتحدة «لاسباب تتعلق بالامن القومي».

من جهتها، اعربت المنظمات الاسلامية البريطانية انها «صدمت» لرفض السلطات الاميركية السماح ليوسف اسلام بدخول اراضي الولايات المتحدة، معتبرة ان ذلك يمنع «الحوار البناء مع المسلمين». وقال الدكتور زكي بدوي مدير الكلية الاسلامية في بريطانيا في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط»: «اشعر بالالم الشديد لرفض الولايات المتحدة السماح ليوسف اسلام زيارة اراضيه، وهو بطبيعة الحال «رجل فن» يعرض الاسلام عرضا جميلا ومسالما يتفق مع طبيعة الاسلام السمحة، وهذا ما يريده الاميركيون لهذا العرض للدين الذي يقف في مواجهة التطرف والعنف». والى ذلك قال محمد عبد الباري الامين العام المساعد للمجلس الاسلامي في بريطانيا «انه رجل معتدل جدا وليست لدينا اي فكرة عن سبب حدوث ذلك. انه رجل محترم في الجالية الاسلامية». وتابع المسؤول عن هذه المنظمة التي تضم 350 جمعية اسلامية «صدمنا فعلا بما حدث. انه امر مخالف للحس السليم. اذا عوملت شخصيات معروفة ومن الدرجة الاولى بهذه الطريقة فكيف يمكن بناء جسور» بين الطوائف. كما عبر المجلس الاسلامي في بريطانيا من جهته عن اسفه معتبرا ان «اجراءات من هذا النوع تمنع اجراء حوار مفتوح وبناء وايجابي بين الولايات المتحدة والمسلمين في العالم». وقال المتحدث «يبدو ان السلطات الاميركية تفضل ان تبقي صورا مشوهة وخاطئة عن الاسلام في اذهان مواطنيها».

ومن ناحية اخرى عقد مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) ـ وهو أكبر منظمات الحقوق المدنية المسلمة الأميركية مؤتمرا صحافيا بمقره الرئيسي في واشنطن اول من امس، لمطالبة الإدارة الأميركية بالإعلان عن الأسباب التي دفعتها لمنع دخول الداعية المسلم يوسف إسلام من دخول الأراضي الأميركية. وقال الدكتور نهاد عوض المدير العام لـ«كير» في بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه امس إن «يوسف إسلام هو أحد أكثر الشخصيات شهرة واحتراما في العالم الإسلامي، وهو صاحب تاريخ طويل في مجال نشر السلام والتسامح وإدانة الإرهاب». وأضاف عوض قائلا «معاملة المسلمين المعروفين بالوسطية والاعتدال مثل يوسف إسلام وكأنهم مجرمون أو إرهابيون بدون إعلان أسباب إدانتهم أو إعطائهم حقهم في دحض التهم الموجهة إليهم وفقا لما يقتضيه السير الطبيعي للعدالة والقانون، يرسل رسالة إلى العالم الإسلامي مفادها أن أميركا لا ترحب حتى بمن يدينون الإرهاب وينادون بالسلام. نحن نطالب إدارة الرئيس بوش بأن يشرحوا لنا لماذا منع يوسف إسلام من دخول اميركا». وقال: «عليهم أن يشرحوا لنا ما إذا كان مسافرون وعلماء مسلمون آخرون سوف يواجهون مصير مشابه في المستقبل. هذا ليس أسلوب مناسب للفوز بعقول وقلوب المسلمين في أميركا أو خارجها».

يذكر ان ستيفن جورجيو من مواليد في 21 يوليو (تموز) 1947 بلندن وكان أبوه يونانيًا أرثوذكسيًا، بينما والدته سويدية كاثوليكية، أدخلته أمه مدرسة دينية تعلم فيها أن الإنسان يمكن أن يصير نجما إذا أتقن عمله، فشجعه هذا على إجادة الغناء; إذ أنه سجل 8 شرائط قبل أن يبلغ العشرين من عمره، ووصلت إحدى أغنياته ضمن أفضل 10 أغنيات في بريطانيا آنذاك، فغيّر اسمه إلى كات ستيفنز، وهو الاسم الذي ذاعت به شهرته وأصبح يحلق في آفاق أوروبا كلها أثناء موجة «الهيبز» في ستينيات القرن الماضي ولم يكن قد تعدى الثانية والعشرين من عمره بعد! وبدخوله الإسلام اعتزل يوسف إسلام الموسيقى الصاخبة ورأى أن يستغل موهبته في خدمة الدعوة الاسلامية، فقام بتسجيل عدد كبير من الأناشيد الدينية التي ألفها بالإنجليزية مع تطعيمها بكلمات وجمل عربية لإكسابها روحًا إسلامية عذبة، وحرص في تلك الألبومات على إيصال قيمة ومفهوم الإسلام للمسلمين وغير المسلمين; إذ تضمنت هذه الشرائط أناشيد دينية ذات محتوى تثقيفي تعليمي.