اللجنة الرباعية متشائمة حيال فرص السلام وباول يحث عرفات على التنازل عن سلطاته إلى رئيس وزرائه بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة ويؤكد دعم واشنطن لخريطة الطريق

TT

القاهرة: «الشرق الأوسط» في تقييم متشائم للأوضاع في الشرق الأوسط، دعت اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، الاسرائيليين والفلسطينيين الى اتخاذ اجراءات حاسمة للخروج من الوضع المتأزم الحالي. ويأتي ذلك فيما استبعد رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع (أبو علاء) قيام السلطة الوطنية الفلسطينية حاليا بتفكيك «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح» طالما واصلت اسرائيل القيام باستهداف الكوادر الفلسطينية، موضحا في الوقت ذاته انه مستعد للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لبحث سبل استئناف عملية السلام. وفي خطوة أميركية تصعيدية اخرى ضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قال وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان عرفات غير قادر على القيام بعمله، وانه ينبغي على السلطة الفلسطينية تقوية أبو علاء وتعزيز صلاحياته كي يقود الفلسطينيين بدلا من الرئيس الفلسطيني بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة وشمال الضفة الغربية. وقال باول في تصريحات صحافية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ان قريع «يجب ان يرى كشخص له صلاحية التصرف باسم الشعب الفلسطيني وان يعمل مع الاسرائيليين والأميركيين والمصريين». كما كرر باول موقف بلاده الداعم لـ«خريطة الطريق» كأساس لحل القضية الفلسطينية. وأوضح أول من امس ان هذا هو الطريق الوحيد للتقدم وان اطراف اللجنة الرباعية ما زالت تؤيد خريطة الطريق. وقال باول «ان الرئيس عرفات غير قادر على التحرك باتجاه السلام، ولهذا نحن نحثه على تسليم سلطته الى رئيس الوزراء». ومن ناحيتها، اكدت اللجنة الرباعية في بيان ليل أول من امس ان «الوضع على الارض بالنسبة للفلسطينيين والاسرائيليين على حد سواء يبقى بالغ الصعوبة ولم يتحقق أي تقدم يذكر بشأن «خريطة الطريق»، الخطة الدولية التي اعدتها اللجنة لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. ونشر النص بعد اجتماع للمجموعة عقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حضره الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ووزراء خارجية الولايات المتحدة كولن باول وروسيا سيرغي لافروف وهولندا بيرنار بوت الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي.

وبعد ان اكدت تمسكها بـ«خريطة الطريق»، طلبت اللجنة «بالحاح» من الجانبين تحقيق مطالب خطة السلام هذه التي تنص على ان يتخذ الجانبان اجراءات لاحلال الثقة تمهيدا لاقامة دولة فلسطينية في 2005. وأشارت اللجنة في بيان «بقلق عميق الى ان تحركا حقيقيا ما زال ضروريا ليكون هناك رئيس وزراء فلسطيني يتمتع بصلاحيات قوية» تسمح «بوضع حد للعنف والارهاب بدون لبس»، ملمحة بذلك الى التوتر في السلطة الفلسطينية بين عرفات وقريع حول الصلاحيات الأمنية. وأكدت اللجنة ضرورة ان تكون هناك «قيادة فلسطينية مسؤولة». كما طلبت اللجنة ايضا من اسرائيل احترام التزاماتها بموجب «خريطة الطريق» في تجميد الاستيطان وازالة المستوطنات غير القانونية. وقال البيان ان «نقص التحرك في هذا المجال يشكل مصدرا للقلق». كما دعت اللجنة اسرائيل الى «اتخاذ كل الاجراءات الممكنة والتي تتناسب مع الاحتياجات الأمنية المشروعة لاسرائيل لتخفيف الصعوبات الانسانية والاقتصادية للفلسطينيين». وقالت اللجنة انها «تشجع» رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في خطته للانسحاب من قطاع غزة واخلاء بعض مستوطنات الضفة الغربية، مؤكدة ان ذلك يجب ان يتم بشكل يتناسب مع «خريطة الطريق» وبدون التخلي عن هدف تحقيق تسوية شاملة وتفاوضية للنزاع. وعبرت اللجنة في بيانها عن «قلقها» بشأن مسار الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية، داعية تل أبيب الى تجنب ان يستبق هذا الحاجز تسوية نهائية يتم التفاوض حولها. الى ذلك، ابدى رئيس الوزراء الفلسطيني استعداده للقاء نظيره الاسرائيلي ارييل شارون. وقال قريع «لقد قلت منذ البداية ان لقاء شارون لا يطرح لي أي مشكلة». واضاف في مقابلة مع الاذاعة العامة الاسرائيلية امس «انني مستعد لهذا اللقاء اذا تم التحضير له بشكل جيد واذا كان يسفر عن نتائج». وردا على سؤال لمعرفة اذا تم قطع الاتصالات بين الطرفين لا سيما ان قريع لم يلتق أبدا شارون منذ توليه مهامه في خريف 2003 قال «هناك نوع من التنسيق بين مساعدي وبعض المسؤولين الاسرائيليين». وأضاف «ان مكتبي يجري بين الحين والآخر اتصالات مع دوف فيسغلاس في محاولة لتحضير لقاء» مع شارون. ودوف فيسغلاس المدير السابق لمكتب شارون هو رجل ثقة لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي.

من جهة اخرى، قال قريع ان «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لفتح يمكن ان تفكك بشرط ان توقف اسرائيل ملاحقة ناشطيها. وأوضح «نحن مستعدون لدمجهم لكن ذلك سيكون صعبا طالما ان اسرائيل تلاحقهم وتقتلهم». واعتبر قريع انه من اجل قبول حلها، يجب ان تحصل كتائب شهداء الاقصى على ضمانات «لأمنها وهذه الضمانات يجب ان تأتي من اسرائيل».

والى القاهرة، وصلت امس المجموعة الأولى من الفصائل الفلسطينية المشاركة فى مفاوضات القاهرة حول ترتيب البيت الفلسطيني والاستعداد للانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة واحتمالات وقف اطلاق النار. ومن المقرر ان تواصل الفصائل التوافد خلال الايام المقبلة لاجراء مشاورات حول حوار القاهرة المزمع ان يبدأ بحسب المصادر في الاسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وفي اطار المعركة التي يخوضها اليمين الاسرائيلي المتطرف ضد خطة الفصل، والاجواء العدائية التي يبثها ضد شارون، بسبب اصراره على تطبيق هذه الخطة، صدرت دعوة من عدد من رجال الدين اليهود في المستعمرات لجمهور المصلين اليهود لكي يقيموا اليوم وغدا صلوات باللعنة على شارون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وكان عدد من الحاخامات (رجال الدين اليهود) قد دعوا الاسبوع الماضي الى صلاة لتحل اللعنة على شارون بسبب خطته، ولكن مجموعة اخرى منهم خرجت بتصعيد جديد هذا الاسبوع، وذلك بمناسبة حلول يوم الغفران (مساء اليوم وطوال نهار غد)، وهو اليوم الذي يصوم فيه المتدينون اليهود ويمارسون طقوس الحداد حزنا على تدمير الهيكل الأول والهيكل الثاني ويستغلونه لطلب العفو من الله وغفران ذنوبهم. وطالبت هذه المجموعة بأن يلعن الله شارون ومعاونيه في تطبيق خطة الفصل بواسطة «الصلاة المريعة»، وهي أعلى درجات اللعنة لدى اليهود وفيها يتمنون القتل بأبشع صورة لأعدائهم. وفي المنشور الذي صدرت الدعوة فيه، جاء بوضوح انهم يطلبون اقامة هذه الصلاة ضد شارون وضد عرفات، وضد رئيس لجنة تطبيق خطة الفصل، يوناتان باسي، وضد عضو الكنيست نيسان سلومياتنسكي، النائب عن حزب «المفدال» الذي أيد بقاء حزبه في حكومة شارون واعترض على الانسحاب منها في هذه المرحلة.