حلفاء سورية في لبنان ينتقدون رهان جنبلاط على الخارج ويدعونه للمشاركة في مسيرة الحوار والإصلاح

TT

أطلق مؤيدو تمديد ولاية الرئيس اللبناني اميل لحود امس حملة مضادة في مواجهة تصاعد الحملات السياسية عليه والتي يقودها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي تحول هدفاً لانتقادات واسعة ركز بعضها على تاريخه السياسي، فيما انتقد بعضها الآخر «الرهان على الخارج وخروجه (جنبلاط) عن الخط الوطني».

وفيما كانت الانظار متجهة لمعرفة ما سيقوله جنبلاط ليلاً في برنامج تلفزيوني يُفترض ان يستضيفه، وما اذا كان سيواصل حملته على الرئيس لحود ام سيتجه الى التهدئة وفقاً لـ «نصائح» تردد انه تلقاها، كان الحدث الابرز امس لقاء جامعا لحلفاء سورية في لبنان عقد في فندق الكومودور ببيروت بدا وكأنه رد على مؤتمر المعارضة الذي عقد اول من امس في فندق البريستول والذي نال نصيبه من الانتقادات ايضاً.

وحضر لقاء الكومودور نائب رئيس البرلمان ايلي الفرزلي وعشرة وزراء و29 نائباً ونواب سابقون ورؤساء احزاب وهيئات وشخصيات. وقد دعا اللقاء جنبلاط الى «المشاركة الفاعلة في مسيرة الحوار والاصلاح» محذراً من «ان مواقفنا الداخلية لا يجوز ان تكون معبراً يستفيد منه الخارج».

وقال النائب قبلان عيسى الخوري في كلمته التي توافق المجتمعون على اعتبارها بياناً ختامياً للقاء: «ان النظام الديمقراطي البرلماني هو المثال الحي لحق المعارضة في الوجود وممارسة دورها وواجبها الوطني. ولكن المعارضة يجب ان تكون ايضاً تحت سقف النظام الذي قبلنا به جميعاً، وكذلك تحت سقف الشرعية الدستورية، لا ان تتحول المعارضة الى رافضة للنظام والشرعية لانها سوف تتحول عندها، لا سمح الله، الى حالة انقلابية على النظام الذي هو سبب وجودها».

وقال: «من هذا المنطلق ادعو بكل اخلاص النائب وليد بك جنبلاط، ابن البيت اللبناني العريق، كما ادعو جميع الزملاء المعارضين، الى المشاركة الفاعلة في مسيرة الحوار والاصلاح والوفاق لانه لا يجوز في هذه الظروف الداخلية والاقليمية الضاغطة ان تكون مواقفنا الداخلية معبراً وجسراً يستفيد منه الخارج لضرب وحدتنا الداخلية القائمة على التوازنات الوطنية الدقيقة التي قام عليها لبنان».

وشدد عيسى الخوري على «ان مقاومة الاحتلال وحق الشعوب في تقرير مصيرها هو حق شرعي اقرته الامم المتحدة. وهو حق مارسه اللبنانيون في السابق ولسوف يبقون يمارسونه طالما ان ارضهم لا تزال محتلة في جنوبنا الحبيب»، رافضاً «ان توصف مقاومتنا الشريفة بالارهاب، وخصوصاً انها لا تزال تقاوم اسرائيل داخل الاراضي اللبنانية المحتلة».

واكد: «ان الوجود العسكري السوري في لبنان ساهم ولا يزال يساهم في تأمين الاستقرار الامني الذي ننعم به، بل انه ساهم كما ساهم بالامس في منع الاعتداء الارهابي على السفارة الايطالية، وانقذ ارواح الابرياء كما انقذ سابقاً ارواح الابرياء الاميركيين باقرار الادارة الاميركية بالذات»، معتبراً «ان الوجود العسكري السوري شرعي ومؤقت، ومبني على بنود وثيقة الوفاق الوطني واتفاقية التنسيق والتعاون بين لبنان وسورية، علماً ان عملية اعادة انتشار الجيش السوري تمت على مراحل متعددة قبل صدور القرار 1559».

وناشد عيسى الخوري الجميع «الالتفاف مجدداً حول الشرعية اللبنانية المتمثلة برئيس البلاد العماد اميل لحود، كي نستطيع معاً وكما تمنى بالامس غبطة البطريرك الماروني نصر الله صفير، وكما تطالب بذلك قيادات لبنانية صادقة، تشكيل فريق انقاذ وطني قادر على ازالة الخلل في التوازن وتنقية العلاقات اللبنانية السورية من اي ثغرات وصولاً الى تأمين الوفاق الوطني الشامل لان التوافق الحقيقي لا يعني التوافق على الاخطاء باسم الوفاق».

وتساءل نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي في كلمته عن اسباب «التصرف بطريقة تؤدي الى استحضار النار الى الداخل اللبناني»، معتبراً «ان الطرح الانقلابي الذي يرفض نتائج اقرها مجلس النواب، هو طرح لاخراج الامور من داخل المؤسسات الى خارجها. وهذا خطير ويحمل في طياته دفع الامور الى مكان لا اعتقد ان اي لبناني مخلص مؤمن بلبنان يريده. وهذا ما اراه في نداء البطريرك صفير الذي يرى نتيجة ادراكه للنتائج التي يمكن ان تترتب على هذا الواقع».

والقى وزير الطاقة ايوب حميد (نائب رئيس حركة «امل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) كلمة رأى فيها «ان التشنج لا يواجه بالتشنج وان الحدة في المواقف لا تواجه بالحدة». وقال: «اننا بأمس الحاجة الى لحظة الوحدة ومرحلة الانطلاق الى رحاب اوسع في العلاقات مع سورية وليس الانطلاق نحو سجن كبير او صغير« (في اشارة الى كلام للنائب جنبلاط).

وقال النائب قيصر معوض: «ان هذا اللقاء ليس رداً على لقاء في مكان آخر (لقاء البريستول) وليس محكمة تهدف الى ادانة هذه المجموعة او تلك. انه لقاء لجذب الوطن للحوار الفاعل المنتج». فيما اعلن النائب عمار الموسوي (حزب الله) انه: «عندما قررنا ان نكون مع خيار التمديد للرئيس لحود فقد كان ذلك انطلاقاً من رؤية وتصور واضحين لطبيعة التحديات التي تواجه المنطقة». ودافع عن سورية التي «حالت دون تقسيم لبنان في العام 1976، وحالت دون هجرة المسيحيين. وفي العام 1982 حالت دون صهينة لبنان وامركته. وفي التسعينات كانت المساهم الاول في اعادة مؤسسات لبنان وفي ازالة الحواجز بين اللبنانيين، ثم دعمت المقاومة وصولاً الى التحرير».

ومن الذين تحدثوا في اللقاء النائب نقولا فتوش، الذي كان من ابرز معارضي التمديد ثم صوّت تأييداً له، والوزير السابق النائب بشارة مرهج، والنائب السابق تمام سلام، ورئيس حركة «التضامن» المحامي اميل رحمة، والنائب السابق زاهر الخطيب، ورئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن.

الى ذلك، توالت امس المواقف من الوضع السياسي القائم. وفي هذا الاطار، رفض «التكتل الطرابلسي» الذي يضم ثلاثة نواب من مدينة طرابلس بشمال لبنان «اي محاولة لزرع الشقاق بين اللبنانيين وبينهم وبين سورية»، كما رفض «استخدام لبنان ساحة لاستهداف سورية». وابدى ارتياحه «للخطوات الهادفة الى تنفيذ اتفاق الطائف بما يعزز الثقة بين الدولتين».

ودعا النائب احمد حبوس جنبلاط الى «عدم التغريد خارج سرب الوطنية». ورأى، في بيان اصدره امس «ان المواقف والتصريحات التي يدلي بها النائب وليد جنبلاط هذه الايام هي وليدة قراءة خاطئة للتاريخ والجغرافيا وتؤسس لفتنة».

ودعا النائب علي خريس (كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري) الى «مزيد من الوحدة والتفاهم وتجاوز كل النقاط الخلافية التي لا تشكل خرقاً لسقف التفاهم ولا سيما اننا ابناء وطن واحد».

ورأى حزب الله وحركة أمل ان حملة الضغوط على لبنان «تهدف الى المس بالاستقرار الداخلي وبالعلاقة مع سورية».

وانتقد حزب «الكتائب اللبنانية» الذي يرأسه وزير التنمية الادارية كريم بقرادوني «اولئك الذين ينامون على احلام الرهانات الخارجية املاً بانقلاب مزعوم للاوضاع يستغلونه لركوب اطماعهم الشخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطن».