مصر مستعدة لاستضافة المؤتمر الدولي حول العراق وفرنسا تثير تساؤلات

المتحدث باسم الرئاسة المصرية : ترتيبات الدعوة ما تزال قيد النقاش في نيويورك والبحث يتركز حول التوقيت والأهداف

TT

أعلنت مصر عن استعدادها لاستضافة المؤتمر الدولي المزمع لدعم الديمقراطية في العراق، ولكنها قالت إن القرار النهائي بشأن ترتيبات الدعوة تنتظر المشاروات الجارية بين عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وخاصة في ما يتعلق بالأطراف التي ستشارك فيه وجدول أعماله والنتائج المتوخاة منه. وذلك بينما تضاربت المواقف حول ما إذا كان يمكن توجيه الدعوة لأطراف المعارضة العراقية التي تدعم المقاومة المسلحة.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية ماجد عبد الفتاح أمس عقب اجتماع عقده الرئيس حسني مبارك مع مجموعة من وزرائه لبحث عدد من القضايا الاقتصادية، انه «لم يتم حتى الآن تحديد موعد لانعقاد المؤتمر الدولي الخاص بمناقشة ترتيبات الانتخابات في العراق»، مضيفا أن «هذا المؤتمر لا يزال محل نقاش بين وزراء الخارجية في نيويورك» على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأوضح انه ينتظر أن يجمع «هذا المؤتمر دول الجوار والعراق ومجموعة الدول الثماني والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى وعددا من المنظمات الأخرى المهتمة بالعراق». وأضاف أن «التوقيت ما زال محل بحث في ضوء عدد من الاعتبارات، أولها أجندة المشاورات الجارية حول هذا الموضوع ومحاور هذا المؤتمر وأهدافه وأسلوب صياغة الوثيقة النهائية التي ستصدر عن المؤتمر. وثاني هذه الاعتبارات مواقف بعض الدول الأخرى حيث طالبت فرنسا بانعقاد المؤتمر في نيويورك وأن يبدأ بإقرار مبدأ انسحاب جميع القوات الأجنبية من العراق».

وأعرب عبد الفتاح عن استعداد مصر لاستضافة هذا المؤتمر، ولكنه قال إن انعقاده في القاهرة «ليس نهائيا»، موضحا أن «طلب عقد هذا المؤتمر بالقاهرة جاء من الجانب العراقى خلال زيارة رئيس الوزراء العراقى إياد علاوي الى مصر ولقائه بالرئيس حسنى مبارك»، مضيفا أن «مصر ليس لديها أي مانع في القيام بكل ما يساعد الشعب العراقي».

واحتل الوضع في العراق الحيز الرئيسي في المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي جاك شيراك وعاهل الأردن عبد الله الثاني صباح أمس في باريس، المحطة الأولى للملك الأردني الذي يقوم بجولة أوروبية تشمل كذلك إيطاليا.

وامتنع العاهل الأردني، الذي عقد مع شيراك لقاء مغلقا دام نصف ساعة يوسع لاحقا ليشمل مساعدي رئيسي الدولتين، عن الإدلاء بأي تصريح الى الصحافيين. وبحسب الناطق باسم الرئاسة الفرنسية، فإن مباحثات شيراك ـ عبد الله الثاني أبرزت وجود «تقارب كبير» في وجهات النظر بخصوص مشاكل المنطقة الشرق أوسطية.

ونقل الناطق باسم الرئاسة الفرنسية أن شيراك حرص على تقديم الشكر للعاهل الأردني للمساعدة التي وفرها الأردن في الجهود المبذولة لضمان إطلاق سراح الصحافيين الفرنسيين جورج مالبرونو وكريستيان شينو المخطوفين في العراق منذ 20 أغسطس (آب) الماضي.

وقال جيروم بونافون إن الزعيمين تناولا الوضع العراقي والعملية الانتخابية المقررة في شهر يناير(كانون الثاني) القادم، وفكرة انعقاد مؤتمر دولي حول العراق الذي يبدو أكثر فأكثر أنه سيلتئم في القاهرة في موعد غير محدد حتى الآن. وبحسب بونافون، فإن شيراك وعبد الله الثاني أكدا أن هدفهما المشترك هو التنفيذ السليم للقرار الدولي رقم 1546 الذي تم تبنيه بالإجماع في شهر يونيو (حزيران) الماضي والذي يحدد مراحل عملية نقل السلطة الى العراقيين وقيام حكومة شرعية منبثقة عن انتخابات عامة.

غير أن باريس اغتنمت زيارة الملك عبد الله الثاني لتوضيح موقفها من مشروع المؤتمر الدولي حول العراق بعد تصريحات وزير الخارجية ميشال بارنيه أول من أمس التي فسرت على أنها شروط فرنسية صعبة التحقيق لدعم المؤتمر، خصوصا ما جاء فيها عن القوة المتعددة الجنسيات، وتحديدا القوات الأميركية وانسحابها من العراق. وقال جيروم بونافون: إن شيراك وعبد الله الثاني تناولا المؤتمر الدولي «من زاوية تطبيق القرار الدولي رقم 1546 الذي يشكل حسن تنفيذه هدفنا المشترك» مضيفا أن الوضع الحالي «مصدر قلق»، وبالتالي فإن فكرة الدعوة الى مؤتمر دولي «تستحق النظر». لكن الناطق الرئاسي طرح عدة تساؤلات تتناول هوية المشاركين الذين سيدعون الى المؤتمر، إن من بين دول المنطقة أو من الأطراف العراقية أو من بين شركاء العراق الخارجيين (مجموعة الثماني أو غيرها). كذلك تساءل عن المواضيع الواجب طرحها على المؤتمر في إطار تطبيق القرار 1546 الذي لا يشمل فقط الانتخابات، في إشارة مبطنة الى مستقبل الحضور الأميركي في العراق. وأخيرا طرح الناطق الرئاسي مسألة تاريخ انعقاد المؤتمر، بحيث يخدم على أفضل شكل المصالح العراقية. وأمس أكد مصدر دبلوماسي فرنسي عالي المستوى في ما يبدو أنه محاولة للتهدئة، أن طلب فرنسا طرح موضوع مصير القوة المتعددة الجنسية التي تشكل القوات الأميركية عمودها الفقري «لا يعني أنه يتعين على المؤتمر التوصل الى قرار عملي، آني ومباشر حول مصير القوة (أي تاريخ انسحابها) بل التأكيد على أن هذا الموضوع جزء من الأجندة السياسية الخاصة بالعراق»، مما يعني ضرورة التفكير بالموضوع وإبقائه ماثلا في الأذهان وفق ما يطلبه القرار الدولي الذي افضى الى إنشائها. وبرأيه فإنه من الأساسي إعطاء العراقيين انطباعا بأنهم عادوا أسياد أنفسهم ومصيرهم واستعادوا سيادتهم ولذا يجب طرح موضوع القوة الدولية ومصيرها في العراق.

أما حول مسألة مشاركة الأطراف العراقية في المؤتمر بما فيها تلك التي «اختارت المقاومة المسلحة» وفق تعبير بارنيه أمس، فقد ذكر المصدر الفرنسي أن موقف باريس ليس جديدا، مضيفا أن الشرط المطلوب احترامه هو «التخلي عن السلاح وقبول العمل السياسي». وقال المصدر الفرنسي: إن المسار السياسي يجب أن يضم أكبر عدد من المشاركين وان يشمل من يرفض العنف حتى وإن لجأ في الماضي الى السلاح.