بلير يعتذر للمرة الأولى في كلمته أمام مؤتمر حزب العمال الحاكم عن خطأ المعلومات التي دفعته إلى المشاركة في الحرب على العراق

رئيس الوزراء البريطاني يلمح إلى سن تشريعات جديدة تعاقب على التمييز الديني ضد المسلمين

TT

واخيرا، نطق رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، بعبارات «الاعتذار عن المعلومات (الخاطئة)» حول اسلحة بغداد المزعومة للدمار الشامل، التي اعتبرها طويلا مبررا لغزو العراق. جاء ذلك في كلمة ألقاها امس امام مؤتمر حزب العمال الحاكم في مدينة برايتون بجنوب انجلترا، وذلك بعد يومين من رفضه لآخر مرة، الاعتذار عن ذلك «الخطأ» في مقابلة صحافية. كما مضى بلير الى ابعد مما ذهب اليه سابقا في اطار تسليطه الضوء على «الارهاب» الذي يستند الى نسخة «مشوهة للاسلام»، قائلا ان لهذا الاسلام المشوه «جذورا عميقة» في مدارس باكستان ومعاقل «القاعدة» في افغانستان والارهاب في الشيشان. ولمح بقوة الى عزمه على اصدار تشريعات جديدة من شأنها ان تجعل الاساءة للاسلام في بريطانيا جريمة يعاقب عليها قانون «التمييز الديني» اسوة بالمسيحية واليهودية.. الخ.. ووعد مجددا، بانه سيبذل قصارى جهده لتحقيق السلام في الشرق الاوسط على اساس حل الدولتين، موضحا ان ذلك سيحظى بجل اهتمامه بعد الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.

وكان الزعيم البريطاني يتحدث في مركز المؤتمرات على ضفة بحر المانش (القناة الانجليزية) الذي تحول الى قلعة حصينة يطوقها آلاف رجال الشرطة بطائرات هليكوبتر وسيارات صغيرة وكبيرة تراها اينما تلفت. غير ان هذه الحراسة المشددة التي لم يشهد مثلها على الارجح أي مؤتمر سابق لحزب بريطاني حاكم، والتي كلفت اكثر من مليوني جنيه استرليني، لم تمنع معارضي الحرب على العراق من مقاطعة بلير اثناء خطابه. وهو كرر قسطا يسيرا مما قاله في الماضي عن تصميمه على مواصلة المعركة في سبيل ارساء دعائم الديمقراطية في العراق التي يخشاها «الارهابيون»، مؤكدا ان بريطانيا لن تتخلى عن العراق الجديد. واستهل رئيس الوزراء البريطاني كلمته بالاشارة الى اقاويل اخيرة افادت بانه سيتهرب من مناقشة الموضوع العراقي في خطابه.

وأردف «سأعالج ذلك مباشرة». واضاف «اعترف وأقبل بأن الأدلة التي توفرت قبل الحرب عن حيازة صدام لأسلحة جرثومية وكيماوية، علاوة عن القدرة على تطوير هذه الأسلحة، قد تبين انها كانت خاطئة».

وقال بلير «والمشكلة هي انني استطيع الاعتذار عن المعلومات التي تبين انها خاطئة، بيد انني لا استطيع الاعتذار عن ازاحة صدام. بات العالم مكانا افضل بوجود صدام في السجن وليس في السلطة». وتابع لينفي ان احكامه على صعيد السياسة الدولية، بما في ذلك قراراته حول العراق، كانت خاطئة، وان ما اتخذه من اجراءات عملية بعضها عسكري، قد جعل الاوضاع العالمية وخطر الارهاب اكثر خطورة وأشد سوءا. كما سخر بشكل لطيف، ممن يعتبرونه تابعا للرئيس الاميركي جورج بوش وسياسة واشنطن عموما. وشدد على ان «التقييمات ليست مماثلة تماما للحقائق»، مضيفا ان «الغرائز ليست علما (دقيقا)».

وتابع في صيغة اعتذارية طغت على جزء من خطابه الذي يهدف بصورة اساسية الى استعادة بعض شعبيته التي اصابتها الحرب على العراق بضربة قاصمة، قائلا «انا عرضة للخطأ وقادر على ارتكابه كأي انسان آخر».

وأعرب بلير عن قناعته بأن حل مشكلة الارهاب لا يمكن ان يتم عن طريق الحرب وحدها. وقال «الخلاص لن يأتي عبر الطائرة (الهليكوبتر) القاذفة وحدها». واضاف ان «العمل العسكري سيكون بلا جدوى ما لم نعالج الظروف التي يعيش فيها الارهاب والقضايا التي يستغلها». واعتبر ان سعيه الدائب لنشر الديمقراطية في العراق وافغانستان، يأتي في اطار هذه المعالجة لأسباب الارهاب.

ولفت رئيس الوزراء البريطاني الى وجوب انصاف المسلمين الذين يعيشون في البلاد. وقال «دعونا نظهر للمسلمين هنا في بريطانيا، اننا نطبق هذه القيم (الحرية وسيادة القانون والتآخي..) على كل مواطنينا، ونغير القانون بحيث يصبح التمييز على اساس الدين (ضد المسلمين) غير شرعي وذلك كما نفعل بشأن العرق والجنس والعجز الجسدي». وتعهد، كما فعل في مؤتمري الحزب السنويين السابقين، ببذل قصارى جهده لمعالجة ازمة الشرق الأوسط على اساس حل الدولتين. وقال «بعد الأول من نوفمبر، سأجعل احياءها (عملية السلام) اولوية شخصية لي».