المغرب: هيئة الإنصاف والمصالحة توشك على تقديم تقريرها عن انتهاكات حقوق الإنسان

TT

أعلن ادريس بنزكري، رئيس هيئة الانصاف والمصالحة (هيئة استشارية لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس) عن قرب تقديم نتائج خلاصاتها وتحرياتها حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بالمغرب في الماضي. ولم يحدد بنزكري تاريخا لذلك واكتفى بالقول: ان الهيئة ستنشر وثيقة في هذا الشأن، وستكون مرجعية كاشفة عن الحقيقة حتى لا يتكرر ما حصل في الماضي.

وكشف بنزكري الذي كان يتحدث في ندوة نظمها امس الفريق الاشتراكي (غالبية حكومية) بمجلس النواب، عن زيارة هيئته لأكثر من 40 قرية وبلدة للتحري في موضوع الاختفاء القسري وتجميع شهادات الضحايا والشهود المباشرين.

ونفى بنزكري في رد غير مباشر على ما قاله محمد اليازغي الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، ان تكون الهيئة بصدد كتابة تاريخ المغرب السياسي حول خروقات حقوق الانسان في الماضي، مشيرا الى ان اعمال الهيئة انصبت على تحديد السياق التاريخي لكل حدث وواقعة تهم الانتهاكات، وذلك لقراءة كيفية وقوع الانتهاكات وضبط المسؤوليات.

وأوضح بنزكري ان حالات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي جرت في فترات مختلفة منذ بداية الاستقلال وبكيفيات وأهداف مختلفة ادت الى وجود قراءات وروايات وتبريرات، بعضها واقعي وبعضها سياسي، والبعض الآخر ايديولوجي، مما حتم على الهيئة تطبيق منهجية متكاملة المقاربات للوصول الى حقيقة ما جرى وطي صفحة الماضي.

وأكد بنزكري ان هيئة الانصاف والمصالحة اشتغلت وفق برنامجين أساسين، الأول يهم التخطيط الأفقي، ويعتمد على تحليلات الدراسات والابحاث في جلسات مطولة وورشات عمل مشتركة مع باحثين في الشؤون التاريخية والاجتماعية والسياسية لتحليل الظواهر حسب سياق الوقائع التي جرت، والثاني يخص تجميع الوقائع وتدوينها من خلال الاستماع الى شهادات الضحايا المباشرين وشهود عيان سواء في جلسات عمومية علنية أو مغلقة، للتعرف على معاناتهم جراء الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي او التعذيب.

وأضاف بنزكري ان عمل فريق الهيئة يعتمد الموضوعية والدقة لمقاربة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في الماضي، من أجل استجلاء الحقيقة كاملة واجراء المصالحة وجبر الضرر، وذلك بالاعتراف بمعاناة الضحايا واعادة ادماجهم في النسيج المجتمعي ورد الاعتبار لهم ماديا ومعنويا.

وذكر بنزكري ان الهيئة ستستعين، في ما يخص التعويض المادي عن الضرر، بالتجربة السابقة للهيئة المستقلة للتحكيم والتعويض، مع اضافة اجتهادات خاصة بها من قبيل تقديم الخدمات الطبية للحالات المستعجلة التي تدخلت بشأنها.

ومن جهته قال محمد كرم، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، إن حزبه يواكب مسلسل التسوية الجاري لطي صفحة الماضي خلافا لما يدعيه البعض، مؤكدا ان مرحلة الانتقال الديمقراطي التي يمر بها المغرب أدت الى اختيار مقاربة خاصة لتسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، خلافا لما جرى في تشيلي والأرجنتين وجنوب افريقيا. وأوضح كرم ان حزبه ضحية للانتهاكات الجسيمة ويوجد في صلب الحقائق لكونه شكل رقما سياسيا في حقيقة الصراع الذي عرفته البلاد منذ الستينات، مقترحا تدقيق مفاهيم الحقيقة والانصاف والمصالحة والمساءلة.

وأضاف كرم ان المصالحة يجب ان تكون سياسية عامة تتصالح فيها الدولة مع المجتمع، وتتصالح الأمة مع ذاكرتها وتاريخها حتى تنصرف الى مواجهة التحديات بدون عقد ومخلفات الماضي، وقال إن الانصاف يجب ان ينصب على جبر الضرر والتعويض المادي والمعنوي وتخليد أسماء الضحايا المتوفين في المجالات العمومية وادماج الاحياء منهم، وترك المساءلة لذوي الحقوق، اما بمتابعة الجلادين او العفو عنهم، معربا عن أمله في ان يشكل اعتذار الدولة عما جرى طيا نهائيا لصفحة الماضي، مطالبا البرلمان والحكومة باقرار قانون لالغاء عقوبة الاعدام.