بيروت: محاولة اغتيال الوزير المستقيل مروان حمادة بتفجير سيارته.. وجلوسه في المقعد الأمامي أنقذ حياته

لحود يعتبرها مسعى لإثارة الفتنة وخدام يعلن أن القيادة السورية أصيبت بصدمة * مقتل المرافق وإصابة السائق بجروح واحتراق عدد من السيارات وتضرر أبنية

TT

اهتز لبنان الرسمي والشعبي امس جراء محاولة الاغتيال التي تعرض لها الوزير المستقيل النائب مروان حمادة، العضو في كتلة «اللقاء الديمقراطي» البرلمانية التي يرأسها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ونجاته منها بأعجوبة بعد تفجير سيارة مفخخة بواسطة اللاسلكي شحنت باكثر من 10 كيلوغرامات من المواد شديدة الانفجار، وذلك لدى مرور موكبه بمحاذاتها، وبعد لحظات على مغادرته منزله في غرب بيروت صباح امس.

وأدى الحادث المروع الى اصابة حمادة بجروح وحروق في وجهه وقدمه، ومقتل مرافقه الرقيب اول في قوى الامن الداخلي غازي بو كروم، واصابة سائقه اسامة عبد الصمد بجروح. وقد حطم الانفجار مؤخرة السيارة التي كان يستقلها حمادة واحرق سيارة اخرى تابعة لموكبه من نوع مرسيدس بنز «الفئة اس» تحمل الرقم «7 حكومي» تبين انها كانت المستهدفة بالتفجير. كما تسبب التفجير باحتراق عدد من السيارات المركونة بالقرب من السيارة المفخخة وتحطم زجاج الابنية الواقعة على مسافة 300 متر من مكان وقوعه. وتعد هذه المحاولة التي تستهدف مسؤولاً لبنانياً، الاولى بعد اقرار وثيقة «الوفاق الوطني» في الطائف، واغتيال رئيس الجمهورية الراحل رينه معوض في العام 1989.

رئيس الجمهورية العماد اميل لحود اعتبر الحادث مسعى «يستهدف الامن والاستقرار في لبنان والجهود المبذولة لتحصين الساحة الداخلية وتعزيز مسيرة الوفاق الوطني». وطالب باحالته الى المجلس العدلي «كون المقصود من هذا الاعتداء اثارة فتنة على المستوى الوطني». وبينما اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الموجود في جنيف (سويسرا)، «ان الاستنكار وحده لا يكفي، بل التحقيق الفاعل الذي يكشف هذه الجريمة. وبذلك وحده نواسي اهل الضحية والمصابين، وبذلك وحده نهنئ بنجاة مروان حمادة ومن بعده الركيزة لنجاة لبنان كل لبنان»، ووصف رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، الموجود في باريس، محاولة الاغتيال بـ«الجريمة النكراء» التي تستهدف كل الشرفاء. واعتبرها الحريري «اعتداء سافراً على السلم الاهلي والاستقرار في البلاد». وقد اتصل بالنائب جنبلاط وبعائلة حمادة للاطمئنان على حالته.

اما جنبلاط فقال عقب زيارته حمادة في مستشفى الجامعة الاميركية، انه لا يريد «استباق الامور قبل اتضاح التحقيقات»، واصفاً ما حدث بانه «رسالة»، وطالباً من محازبيه الامتناع عن القيام بأي أعمال شغب.

هذا وقد اوفد الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد نائبه عبد الحليم خدام للاطمئنان الى صحة حمادة. ووصل خدام الى المستشفى ظهر امس حيث كان في استقباله جنبلاط وعدد من اعضاء الكتلة البرلمانية التي يرأسها. وادلى خدام بعد الزيارة بتصريح قال فيه: «لقد اصيبت القيادة في سورية وعلى رأسها الرئيس بشار الاسد بصدمة كبيرة عندما علمنا بنبأ محاولة اغتيال الأخ والصديق مروان حمادة الذي يعتبر احد الشخصيات السياسية التي بذلت جهوداً كبيرة من اجل تحقيق السلم الاهلي في لبنان، ومن اجل تعزيز وترسيخ العلاقات السورية ـ اللبنانية. الآن اشعر بالسرور عندما عرفت ان الاخ مروان في حالة جيدة، ونأمل ان يخرج قريباً من المستشفى. ولا شك بأن هذه الجريمة النكراء انما تستهدف السلم الاهلي في لبنان. واعتقد ان جميع اللبنانيين وجميع محبي لبنان يستنكرون هذه الجريمة ويتمنون ان يتمتع لبنان الشقيق بكل عوامل الامن والاستقرار». وسئل خدام عما اذا كانت هناك ايدٍ خارجية تدخلت في الموضوع، فأجاب «من الصعب تحديد الاتجاه قبل ان ينتهي التحقيق». وعن نظرته الى الوضع في لبنان في ظل القرار 1559 وما يتعرض له لبنان وسورية من ضغوط، قال خدام «هذا الامر يحتاج الى وضع افضل من هذا الوضع للاجابة».

هذا، وأبدت اوساط سياسية تخوفها من عودة مسلسل السيارات المفخخة الى الساحة اللبنانية. ورأت في محاولة اغتيال حمادة «اختراقاً متعمداً لحالة الاستقرار الامني الذي يعيشه لبنان، ومحاولة لتوجيه اكثر من رسالة في وقت واحد، احداها تصب في خانة تأجيج الاحتقان السياسي، مستغلة مواقف جنبلاط المعارضة للتمديد للحود ومطالبته بتصحيح العلاقات اللبنانية ـ السورية، للايحاء بضلوع هذه الجهة او تلك في عملية الاغتيال، مع ما يثيره ذلك من اهتزاز في مسيرة السلم الاهلي والوفاق الوطني، بحيث يمهد لعودة الصراعات الداخلية التي طالما عانى منها لبنان وادت في احدى مراحلها الى اندلاع حرب اهلية امتدت لسنوات». وهذا ما عبر عنه صراحة الوزير السابق النائب غازي العريضي (أيضاً عضو في كتلة جنبلاط) الذي ابدى تخوفه من عودة مسلسل التفجيرات والاغتيالات، واصفاً المرحلة التي تمر فيها البلاد بـ«الخطيرة».

* تفاصيل

* وفي المعلومات التفصيلية عن الحادث انه بعد دقائق على مغادرة حمادة منزله القريب من فندق الريفييرا في منطقة عين المريسة ببيروت تم تفجير سيارة مفخخة من نوع مرسيدس بنز «300» كانت مركونة الى جانب الطريق لحظة مرور سيارة النائب والوزير المستقيل بمحاذاتها. وتبين ان اوراق السيارة المفجرة مزوّرة وان رقم «الشاسيه» العائد لها ازيل. وكان حمادة يستقل سيارة تحمل لوحة نيابية رقمها «125»، بينما كانت ترافقه سيارة اخرى ما زالت تحمل الرقم الوزاري «7». وهي التي استهدفها التفجير والتهمتها النيران وادت الى مقتل مرافقه وجرح سائقه. كما تسبب الحادث باحتراق عدد من السيارات والحاق اضرار مادية طاولت زجاج الابنية الواقعة على بعد 300 متر من مكان التفجير. وعلى الفور حضرت الى المكان دوريات من قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني وضربت طوقاً امنياً حول المكان. كما حضرت فرق الاطفاء والصليب الاحمر والدفاع المدني واخمدت النيران. وعاين وزير الداخلية الياس المر المكان، واطلع من الضباط المعنيين على التفاصيل ميدانياً.

الى ذلك، اتهم الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني الشيخ حسن نصر الله اسرائيل بالوقوف وراء جريمة محاولة اغتيال النائب والوزير المستقيل مروان حمادة. وقال «ان اليد التي تستطيع ان تصل الى الضاحية الجنوبية وتقتل الشهيد غالب عوالي (احد كوادر «حزب الله» قبل شهرين والذي اعترفت اسرائيل بقتله) تستطيع ان تصل الى اي مكان في لبنان وتفجر وتقتل من تشاء».

من ناحيته، وفي اول تعليق لبناني رسمي على تقرير انان، الذي اعلن ان بيروت ودمشق لم تلتزما بالقرار 1559، قال وزير الاعلام ميشال سماحة، مساء أمس، ان لبنان لم يتلق حتى الساعة النص الحرفي للتقرير، وانه من الافضل ان تجرى دراسة ومناقشة داخل مجلس الوزراء، حتى يصار بالتالي الى اتخاذ موقف منه يصدر عن الحكومة اللبنانية.