حملة «أيام الندم» الإسرائيلية تهدف لاغتيال 300 من أفراد المقاومة الفلسطينية عبر ملاحقتهم «من بيت إلى بيت»

احتلال بيت حانون وتطويق جباليا ومقتل 48 فلسطينيا في أسوأ موجة عنف منذ أربعة أعوام * المعارضة الإسرائيلية تطالب بالانسحاب من غزة خلال شهرين

TT

دشنت قوات الاحتلال الاسرائيلية مرحلة جديدة في عملياتها العدوانية الشرسة ضد شمال قطاع غزة بعدما اخذ الجيش الضوء الاخضر من رئيس الحكومة ارييل شارون لتوسيع نطاق العمليات بهدف «استئصال» ما لا يقل عن 300 ناشط فلسطيني من مختلف الفصائل في «المرحلة الاولى» من الهجوم الذي سيتواصل بلا مدى زمني. وقال مسؤولون اسرائيليون ان العملية الدامية في غزة تم تغيير اسمها من «الحل الجذري» الى «ايام الندم» بعد اقرار الحكومة والجيش والمخابرات توسيعها. وفيما طالبت احزاب المعارضة الاسرائيلية حكومة شارون بتقديم موعد الانسحاب من غزة وشمال الضفة الغربية، مقترحة ان يتم ذلك خلال شهر او شهرين. خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين يتوعدون «بالانتقام».

وقد ارتفع اجمالي الفلسطينيين الذين قتلوا خلال اقل من 72 ساعة الى نحو 48 ، اغلبهم من المدنيين والصبية في أسوأ موجة لإراقة الدماء خلال اربع سنوات من الصراع. الى ذلك، قال مصدر سياسي ان بنيامين نتنياهو وزير المالية الاسرائيلي المتشدد الذي يعارض خطة شارون للانسحاب من غزة اقترح خلال الاجتماع الذي عقدته الحكومة الاسرائيلية المصغرة المعنية بشؤون الامن ان يقصف الجيش شبكة المياه والكهرباء في غزة لزيادة الضغط على الفلسطينيين. لكن شارون رفض. وقال مصدر امني اسرائيلي ان الجيش سيقوم بدوريات «دون توقف حتى يجذب المسلحين الى الشوارع ويقتلهم من الجو». وقد توغلت القوات الاسرائيلية بعمق في مخيم جباليا، وهو معقل للمقاومة الفلسطينية، كما اعادت احتلال اجزاء كبيرة من بلدة بيت حانون. ووصف متحدث باسم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التوغل الاسرائيلي بانه حرب شاملة ضد الفلسطينيين وتعهد بعدم الاستسلام امام القوة العسكرية.

وأعلنت مصادر اسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي والمخابرات العامة وضع لوائح بأسماء نحو 300 فلسطيني فى بيت حانون ومخيم جباليا فقط، تقول السلطات الاسرائيلية انهم متورطون في تصنيع صواريخ القسام واطلاقها على المستوطنات اليهودية، بهدف تصفيتهم «فردا فردا». وبحسب الخطة الاسرائيلية، فإن قوات الاحتلال ستلاحق الناشطين الفلسطينيين من بيت الى بيت ومن شارع الى شارع، اعتمادا على معلومات استخباراتية من عملاء على الارض وصور بواسطة الطائرات بلا طيار. غير انه اذا كان من الممكن مطارة الناشطين بهذه الطريقة في بلدة مفتوحة مثل بيت حانون. فإنها ستكون «كارثية» النتائج اذا طبقت في مخيم جباليا للاجئين حيث يعيش 120 الف نسمة على مساحة 4 كيلومترات، واذا طبقت هذه الطريقة فإنها يمكن ان يترتب عليها سقوط عدد كبير جدا من الضحايا المدنيين.

وقال مصدر امني اسرائيلي «سيقوم الجيش بدوريات دون توقف حتى يجذب المسلحين الى الشوارع ويقتلهم من الجو». ورغم توغل القوات الاسرائيلية في عمق مخيم جباليا للمرة الاولى منذ بدء الانتفاضة قبل اربعة اعوام، فقد توافد مسلحون فلسطينيون من المناطق القريبة على المخيم لقتال قوات الاحتلال. وقال مسؤول اسرائيلي ان الجيش يقيم الان «منطقة عازلة» بعمق ستة كيلومترات داخل قطاع غزة «لابعاد مطلقي الصواريخ عن مدينة سديروت». وقتلت اسرائيل امس ما لا يقل عن 8 فلسطينيين في ضربات صاروخية واطلاق نار، في الوقت الذي دفعت فيه بتعزيزات كبيرة الى شمال قطاع غزة موسعة من هجومها البري، لوقف الهجمات الصاروخية التي يشنها فلسطينيون على المستوطنات اليهودية وعلى بلدات حدودية في الجنوب. وبذلك يرتفع اجمالي الفلسطينيين الذين قتلوا خلال اقل من 72 ساعة الى نحو 48 فلسطينيا اغلبهم من المدنيين والصبية. واعلنت مصادر عسكرية اسرائيلية ومجموعات فسلطينية مسلحة ان الجيش الاسرائيلي قتل امس فلسطينيين اثنين خلال محاولتهما القيام بهجوم على معبر ايريز شمال قطاع غزة.

وتحدثت هذه المصادر عن توقيف الجيش الاسرائيلي لستة ناشطين فلسطينيين. واضافت ان العناصر الثمانية ينتمون الى مجموعة من ناشطين «مسلحين ومزودين بعبوة ناسفة تزن 30 كلغ» كانوا سيطروا على موقع تابع للشرطة الفلسطينية جنوب ايريز بهدف الاعتداء على المعبر. واعلنت حماس وكتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح عبر مكبرات الصوت في مخيم جبلايا للاجئين مسؤوليتها عن محاولة الهجوم هذه. اما القتيلان فهما محمد سالم من حركة حماس وسالم البريني من كتائب شهداء الاقصى. كما قتلت قوات الاحتلال في ضربة جوية اثنين من النشطين الفلسطينيين اثناء ركوبهما دراجة نارية في مخيم جباليا للاجئين الذي شهد على مدى اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة. وذكر شهود ، فلسطينيون ومسؤولون في المجال الطبي، ان القتيلين من (حماس) وان عددا من الفلسطينيين اصيبوا في الهجوم الصاروخي الذي وقع أمام مسجد في جباليا. وقد نشرت اسرائيل دباباتها في جباليا وبلدة بيت حانون القريبة. وقالت مصادر الجيش الاسرائيلي ان طائرة اسرائيلية ضربت فريقا من فرق اطلاق الصواريخ الفلسطينية في جباليا. وفي وقت لاحق قال شهود ان القوات الاسرائيلية قصفت مخيم جباليا وقتلت ما لا يقل عن ثلاثة وجرحت كثيرين. وبالرغم من الحملة الاسرائيلية، قالت خدمة الطوارئ الاسرائيلية ان عناصر فلسطينية نشطة اطلقت صاروخا من غزة على بلدة في جنوب اسرائيل. وافادت خدمة زاكا للانقاذ في بادئ الامر وقوع خسائر اثر سقوط الصاروخ على سديروت، الا انها قالت فيما بعد انه لم يصب احد. وأقر شارون شن هجوم مكثف لاعادة احتلال اجزاء يديرها الفلسطينيون في شمال غزة ووقف اطلاق الصواريخ الذي استمر رغم الغارات الاسرائيلية وعزز من موقف منتقدي خطته الرامية للتخلي عن قطاع غزة. وقال مصدر سياسي ان بنيامين نتنياهو وزير المالية الاسرائيلي المتشدد الذي يعارض خطة شارون للانسحاب من غزة اقترح خلال الاجتماع الذي عقدته امس الخميس الحكومة الاسرائيلية المصغرة المعنية بشؤون الامن ان يضرب الجيش الاسرائيلي شبكة المياه والكهرباء في غزة لزيادة الضغط على الفلسطينيين. لكن شارون رفض.

وادى التصاعد الاخير في دوامة العنف الى قيام شارون بالتحرك سريعا لمواجهة منتقديه من اليمينيين الذين يقولون ان خطته لسحب القوات والمستوطنين من غزة المحتلة العام القادم شجعت النشطاء الذين يحاولون اعطاء انطباع بأن اسرائيل ارغمت على الانسحاب. ويبدو الجيش الاسرائيلي عاقدا العزم على سحق جماعات النشطاء قبل الانسحاب. ووافق مجلس الوزراء المصغر لشارون في وقت متأخر اول من امس على عملية «أيام الندم»، وهي عملية غير محددة المدة وتستتبع انشاء منطقة عازلة لمنع ان تكون اسرائيل في مرمى القذائف الصاروخية. وقال مسؤول رفيع «نعتزم التخلص من أطقم الصواريخ». وتابع «لن نترك غزة تحت وطأة صواريخ القسام». ومن ناحيتها، انتقدت المعارضة الاسرائيلية العمليات في غزة. وطرح النائب اوفير بنيس، المتحدث باسم حزب العمل المعارض خطة بديلة للعمليات العسكرية تقوم على الاسراع في تطبيق خطة الفصل والعمل على بدء تنفيذها خلال شهر او شهرين. كما دعا يوسى بيلين زعيم حزب «ياحد» (معنا) واحد، ابرز نشطاء السلام في اسرائيل، الى الانسحاب من غزة. وقال امس «علينا الا ننسى اننا نحتل قطاع غزة، ليس لدينا شيء نفعله هناك ، علينا ان ننسحب». وقد شارك اكثر من ثلاثين الف فلسطيني في تشييع عشرة فلسطينيين قتلوا خلال العملية العسكرية. وتوجهت الجنازات من اماكن مختلفة في المخيم الى مقبرة بيت لاهيا جنوب المخيم. وردد المشيعون هتافات تدعو الى الانتقام ومواصلة «العمليات الاستشهادية». واطلق عشرات المسلحين من كتائب القسام ومن فصائل اخرى الاعيرة النارية في الهواء خلال التشييع. وتوعدت حماس بألا توقف الهجمات الصاروخية الا اذا «اوقف العدو الصهيوني عدوانه على شعبنا في كل مكان».

الى ذلك، دان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات التوغل الاسرائيلي المستمر منذ يومين، ودعا قادة العالم الى التدخل الفوري لوقف المجازر المستمرة. كما وصف أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني الهجوم بانه «ارهاب دولة منهجي يستهدف المدنيين عمدا»، ودعا الى تدخل دولي. وأهاب بالامين العام للامم المتحدة كوفي انان ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية وروسيا وفرنسا وبريطانيا خصوصا، الى «تدخل فوري لوقف هذه المجازر وحماية المدنيين الفلسطينيين في منطقة جباليا وكل الشعب الفلسطيني».