نائب عربي إسرائيلي يحذر من أعمال انتقامية درزية ضد الفلسطينيين بعد اختطاف صحافي «سي.إن.إن»

TT

«اختطاف الصحافي رياض علي هو بمثابة إعلان حرب درزية ـ فلسطينية. وانا احدز الفلسطينيين بأن لا يمسوا طرفنا. فهم بذلك يفتحون جبهة قد تتطور الى فصل قاس من سفك الدماء. ونحن، الدورز، سنعرف كيف نتعامل معهم. وليس فقط بواسطة دولة اسرائيل. فالاختطاف وغيره من الاستفزازات ستكلفهم ثمنا باهظا. وسنعرف كيف ننتقم».

بهذه الكلمات الشديدة تفوه عضو الكينست الإسرائيلي، مجلي وهبي، أمس، بعد ان اتضح ان خطف الصحافي رياض علي جاء لكونه درزياً وبهدف بث رسالة تحذير الى الدروز العرب في إسرائيل كي يمتنعوا عن الخدمة في الجيش الإسرائيلي ووقف المشاركة في عملياته العسكرية العدوانية البشعة.

المعروف ان هناك قانونا إسرائيليا يلزم ابناء الطائفة العربية الدرزية بالخدمة الإجبارية في الجيش، على عكس بقية الطوائف العربية. وقد اقر هذا القانون في سنة 1958، بموافقة عدد من رجالات السلطة الإسرائيلية من أبناء الطائفة وبعض رجال الدين. ومع ذلك، فإن العديد من أبناء الطائفة الدرزية يرفضون الخدمة العسكرية ويفضلون العقاب بالسجن على الذهاب الى الخدمة.

تكشف آخر الإحصائيات ان 25 في المائة منهم يرفضون الخدمة. واما الباقون فينقسمون الى قسمين. احدهما يخدم في الجيش ولكنه يبتعد عن الاحتكاك بالفلسطينيين وقسم يخدم في الجيش ويتعامل كملكي اكثر من الملك.

وقد شكا الفلسطينيون غير مرة من هذه الفئة الأخيرة. وقالوا انها ترتكب جرائم بحق الفلسطينيين أكثر من اليهود. وتوجهوا بعدة رسائل الى وجهاء الطائفة الدرزية في إسرائيل ولبنان وسورية طالبين تدخلهم لوقف هذه الجرائم. وكانت آخر الرسائل من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين شكوا من المعاملة القاسية التي يتعرضون لها من السجانين الدروز بشكل خاص.

ويثير الموضوع نقاشا بين أبناء الطائفة العربية الدرزية في إسرائيل. وتدخل فيه زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، الذي دعا الشبان الدروز الى رفع مطلب إلغاء قانون الخدمة الإجبارية. لكن رجالات السلطة الإسرائيلية من أبناء الطائفة رفضوا هذا التدخل واحتجوا عليه.

وقال عضو الكنيست السابق عن الحزب الشيوعي، الكاتب محمد نفاع، الذي رفض الخدمة هو نفسه ورفضها مثله أولاده السبعة ودخلوا المعتقلات بسبب ذلك: «رجالات السلطة الإسرائيلية يمثلون السلطة الإسرائيلية ولا يمثلون الطائفة الدرزية. وليس سراً ان الطائفة منقسمة على نفسها في هذا الموضوع، وانه لا يحق لأي طرف ان يتكلم باسمها».

وتطرق نفاع الى خطف الصحافي رياض علي وقال: «انا استنكر الاختطاف بكل شدة. ولكنني اقول بأسف وبألم شديدين ان هناك تصرفات شاذة يقوم بها بعض الجنود الدروز تثير غضب الفلسطينيين. وأنا افهم هذا الغضب، رغم انه افرز هذا الاختطاف».

يذكر ان رياض علي هو أحد الشبان الدروز الذين رفضوا الخدمة الإجبارية في حينه (عمره اليوم 43 عاما). واعتقل بسبب ذلك عدة مرات. كما انه فصل من عمله في التلفزيون الإسرائيلي بسبب تقاريره الموضوعية حول الفلسطينيين. فانتقل للعمل في شبكة الأخبار الاميركية «سي.ان.ان»، كمساعد منتج، مع انه صحافي بارع، حتى يعيش بكرامة ومن دون ضغوط سياسية. لذلك، فان اختطافه، هو بالذات، أثار الاستغراب والاستهجان. ومع ذلك، فان الخاطفين تمكنوا من إيصال رسالة تحذير من خلاله الى الجنود الدورز في الجيش الإسرائيلي، ان يكفوا عن ممارساتهم غير الإنسانية ضد ابناء وبنات الشعب الفلسطيني.

والمعرف ان الدروز في إسرائيل يؤلفون 140 ألف نسمة، الإناث منهم لا يخدمن في الجيش. وبلداتهم تعاني من سياسة تمييز عنصري أكثر من سائر البلدات العربية الأخرى. ومعظم أراضيهم صودرت لصالح البلدات اليهودية. ونسبة الدراسة الجامعية في صفوفهم هي الأدنى من بين الأقليات في إسرائيل. لهم عضوا كنيست ينتميان لحزب اليمين الحاكم (الليكود)، مجلي وهبي، وهو مستشار سابق لرئيس الوزراء ارييل شارون ومبعوثة الى العالم العربي، وايوب قرا، الذي ينتمي الى المتطرفين في الليكود ويقف معهم حتى ضد خطة الفصل والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع ذلك، فيبرز بينهم عدد من الشخصيات الوطنية مثل الشعراء سميح القاسم وحسين مهنا ونايف سليم والكاتبين سلمان ناطور ومحمد نفاع والسياسي سعيد نفاع وغيرهم.