بريطانيا: توني بلير خضع لعلاج خفقان القلب وإعلانه تقاعده يفتح الباب للصراع على خلافته

TT

خضع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي يعاني من عدم انتظام ضربات القلب، أمس لعملية غير جراحية في مستشفى هامرسميث بغرب العاصمة لندن. وكان بلير، 51 عاما، قد أعلن أول من أمس انه سيدخل المستشفى لمعالجة علته هذه.

وأوضح طبيبه الأخصائي في أمراض القلب، ان بلير خضع لعملية غير جراحية تتمثل في ادخال مسبار متناهي الصغر عبر الوريد حتى القلب ثم استخدام مصدر حرارة للتخلص من نسيج صغير جدا، وان العملية دامت ساعتين ونصف الساعة. ويتوقع بلير العودة إلى عمله بعد غد على أن يتولى نائبه، جون بريسكوت، تصريف شؤون الدولة أثناء غيابه.

وكان بلير قد أدخل المستشفى للسبب نفسه في أكتوبر (تشرين الأول) 2003، وأعلن أول من أمس انه بدأ يشعر بالأعراض نفسها منذ شهرين.

يذكر أن العملية التي خضع لها تجرى لآلاف البريطانيين سنويا، وأن نسبة الفشل فيها لا تتجاوز الخمسة في المائة. وفي هذه الحالة يقتضى الأمر القيام بمحاولة جديدة وربما زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب.

وقد أقدم بلير على خطوة غير مسبوفة في التاريخ السياسي الحديث لبريطانيا عندما أعلن أول من أمس أيضا موعد رحيله عن المسرح السياسي، قال انه سيتقاعد بنهاية ولايته الثالثة في حال فوزه بها كما هو متوقع. وبإعلانه هذا أنهى بلير التكهنات حول مستقبله على الأمد القصير. لكن محللين سياسيين يرون أنه بهذا يواجه احتمال أن يصبح في نهاية مدته ضعيفا في مواجهة حرب مريرة على خلافته داخل حزب العمال الذي يتزعمه.

واعترف بلير بأن ما يفعله شيئا غير مألوف في السياسة البريطانية. وقال: «لا أريد أن استمر مرة تلو مرة لكنني أريد فرصة لإنهاء العمل الذي بدأته. لن أسعى لولاية رابعة لأن البلاد وعائلتي وأنا لا نريد ذلك».

لكن توليه فترة ولاية ثالثة ستبقيه في السلطة حتى عام 2009 أو بعد ذلك، ليتفوق بذلك على مارغريت ثاتشر، «المرأة الحديدية»، التي شغلت منصب رئيسة الوزراء لمدة أحد عشر عاما ونصف العام.

وقال اندرو مار، المحرر السياسي بهيئة الاذاعة البريطانية «بي.بي.سي» بعد مقابلة مع بلير بعد اعلانه المفاجئ: «لم يحدث شيء كهذا خلال التاريخ السياسي لبريطانيا كنظام ديمقراطي».

وكتبت صحيفة «غارديان» ان «محاولة توني بلير تحديد موعد لرحيله عن 10 داوننغ ستريت أمر غير مسبوق في السياسة البريطانية». وقال بيتر كيلنر، خبير استطلاعات الرأي: «بمعنى ما يضع بلير نفسه في وضع الرئيس الأميركي الذي يسعى لاعادة انتخابه. ما يقوله أساسا ان جورج بوش وأنا سننسحب معا».

لكن التاريخ لم يكن رحيما مع قادة بريطانيين أرادوا رحيلا معدا عن السياسة. فحزب المحافظين نحى ثاتشر بعد أن حققت ثلاثة انتصارات انتخابية بعد ان قرر أنها أصبحت عبئا انتخابيا على الحزب. وفي الخمسينات أصيب ونستون تشرشل بجلطة دماغية في المكتب ولم يعلن ذلك أبدا للشعب البريطاني. وعانى هارولد ماكميلان من مشاكل في البروتستاتا عندما كان في السلطة وقرر الاستقالة. واضطر سلفه انتوني ايدن للاستقالة لسوء حالته الصحية.

لكن ربما كان الدرس الاكثر واقعية بالنسبة لبلير هو درس جون سميث الذي شغل من قبله منصب زعيم حزب العمال والذي كان يستعد لانتشال الحزب من عزلة سياسية استمرت قرابة عقدين وهو بعيد عن السلطة. وتوفي سميث إثر أزمة قلبية حادة في عام 1994 عن 55 عاما.

وبدا رئيس الوزراء منهكا على مدى 18 شهرا هي الأعنف في تاريخه حيث البلاد منقسمة حول حرب العراق وتتراجع مستويات الثقة به. ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات في مايو (ايار) العام القادم وتشير استطلاعات الرأي الى أن بلير سيفوز فيها.