الأصوليون يتضاربون حول أول مناظرة على حملة الرئاسة الأميركية ويأمل بعضهم في نجاح بوش لأنه فتح جبهة جديدة لـ«القاعدة» في العراق

TT

بينما تواجه الرئيس الاميركي جورج بوش ومنافسه الديمقراطي السناتور جون كيري ليلة اول من امس بقوة وحماس في اول مناظرة تلفزيونية لهما ضمن حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، تضاربت آراء الجماعات الأصولية الاسلامية في بريطانيا أمس حول الرئيس بوش، الذي اعتبر بعضهم انه فتح لتنظيم «القاعدة» جبهة جهادية جديدة في العراق.

الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن قال لـ«الشرق الأوسط» ان «بقاء بوش بالنسبة للحركات الجهادية يعني ديمومة الصراع، اما كيري فقد يعمد الى سحب القوات الاميركية من بلاد الرافدين، وهذا يعني خسارة كبيرة للجهاديين». وأوضح السباعي ان العراق سيظل «الشريان الرئوي الحقيقي» لكل الجماعات الجهادية، بينما مجيء كيري الى البيت الابيض سيحرم «القاعدة» من هذا المناخ. وتابع المحامي الاصولي المصري نلاحظ ان لغة الخطاب لبوش وكيري والظواهري و«القاعدة» كذلك جميعها تركز على العراق. واشار الى ان العراق سيظل مناخاً رائعاً بالنسبة للحركات الجهادية، هو افضل بكثير من افغانستان لسهولة تخفي «الافغان العرب» بين ابناء الشعب العراقي.

وكشف السباعي ان الجهاديين يفضلون بوش لانه يتشابه مع بن لادن في نظرته الى العالم الذي انقسم الى فسطاطين بعد هجمات سبتمبر (ايلول) احدهما خير والاخر شر. أي ان كلا الرجلين لا يعرف الا اللونين الاسود والابيض، و«لا يفل الحديد الا الحديد» حسب مفهوم كل منهما.

وقال ان الرئيس الأميركي قدم هدية على طبق من فضة لـ«القاعدة» في الهجوم العنيف على افغانستان بعد هجمات سبتمبر، وجعل الافغان ينسون بوحشية تلك الهجمات ما فعله «الافغان العرب» الذين تسببوا في ضياع دولة طالبان التي آوتهم كضيوف، ولكن الهجمات الاميركية جعلت الافغان يتوحدون تقريباً في شعور الكراهية ضد الاميركيين. الا ان اصوليا طلب عدم الكشف عن اسمه قال لـ«الشرق الأوسط» سندعو لبوش بالفوز في الانتخابات باعتبار ان «الدعاء مخ العبادة» حتى يرى محنته في المستنقع العراقي. ومن جهة أخرى قال منتصر الزيات محامي الإسلاميين في مصر في تعليقه على أول مناظرة نحو الرئاسة الأميركية التي ستحسم يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجهاديين غير معنيين بشكل كبير بمن سيفوز في سباق الرئاسة الأميركي لأن مواقفهم مبدئية ضد الادارة الأميركية وضد السياسات التي تنتهجها أي إدارة تشغل البيت الأبيض. وربما هذا يفسر توجه (أسامة) بن لادن و(أيمن) الظواهري بأكثر من رسالة للشعب الأميركي يحذرونه من فساد إدارته وأنهم ـ أي في «القاعدة» ـ ليسوا ضد الشعب الأميركي نفسه بل ضد سياسات حكومته. وحدث هذا وقت أن كان بيل كلينتون رئيساً (أي الادارة الديمقراطية السابقة) وتكرر مع بوش ووارد أن يستمر ذات النهج إذا فاز كيري». وتابع الزيات «ربما تشهد الفترة المقبلة تزايد العمليات التي تستهدف المصالح الأميركية خاصة في الجبهة العراقية المشتعلة ليستطيع الجهاديون في «القاعدة» وغيرها أن يبعثوا برسالة تقول إنهم قادرون على التأثير في الانتخابات الأميركية وإنهم قادرون على اسقاط بوش كما أسقط هو حكومة طالبان، بمعنى عدم إغفال الجوانب الثأرية والابعاد الشخصية في التعاطي مع هذا الموضوع، بالاضافة للاعتبارات العقائدية والسياسية الاخرى». وحول ما إذا كان الاسلاميون الجهاديون يفضلون بقاء بوش في البيت الأبيض استمراراً لحربهم ضده قال الزيات «ربما كان الخطاب السياسي لكيري يختلف عن خطاب بوش في ما يتعلق بالملف العراقي، وعدم وجود خطة متكاملة لدى بوش في الخروج من المأزق وهو ما وصفه كيري في المناظرة التي جرت أول من أمس بعدم وجود خطة سلام لدى بوش في العراق، إلا أن الخطاب الاعلامي والسياسي لكلا المرشحين ازاء ما يتعلق بما يطلقان عليه مسمى «ملف الارهاب» يجيء متطابقاً. كما أن الموقف بشأن الملف الفلسطيني أيضاً متطابق. وبالتالي يمكن عدم تصور مجىء أي إدارة جديدة تبدل مواقفها من الصراع العربي الصهيوني. ومن ثم فمواقف الرجلين واحدة في هذا الشأن من وجهة نظر الجهاديين». واضاف الزيات «قد لا يكون الحكم على مواقف كيري الحقيقية قاطعاً إلا بعد فوزه وبالتالي مراقبة سياساته على أرض الواقع، وفي كل الأحوال يمكن القول إن الاسلاميين لا يؤيدون كيري لكنهم يصرون على اسقاط بوش». وأشار الزيات إلى أن عدم تمتع المرشح الديمقراطي بأي تعاطف عربي ربما يرجع الى مواقفه الحادة من (المملكة العربية) السعودية وتصريحاته العدائية ضدها. وحول ما يثار من تكهنات عن وجود تحركات واسعة على الجبهة الباكستانية تطارد عناصر «القاعدة» اعتبر الزيات أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف يشارك بدور رئيس في الانتخابات الرئاسية الأميركية لصالح الرئيس بوش و«يحاول مشرف تعزيز فرص بوش بتكثيف محاولات القبض على أي من الرجلين ـ بن لادن أو الظواهري ـ لكن ـ والحديث للزيات ـ أستطيع أن أؤكد أنهما (مشرف وبوش) لن ينجحا». وأضاف الزيات انه طوال الاشهر الستة الماضية والاشاعات تتناثر حول قرب القبض على الظواهري تارة وبن لادن تارة أخرى، وفي كل مرة كنت أؤكد بطلانها وما زلت رغم نجاح السلطات الباكستانية في القبض على بعض القيادات الفاعلة في «القاعدة»، مثل رمزي بن الشيبة وخالد شيخ. ولفت الزيات إلى دراسة الظواهري وبن لادن الطبيعة الجغرافية للمناطق الجبلية سواء في افغانستان أو باكستان دراسة جيدة طوال سنين الحرب الافغانية، وأيضا سنوات حكم طالبان وما تلاها حتى الآن. وأشار إلى «قدرات الظواهري الذهنية الخططية ومهاراته في المناورة، ولذلك ـ والكلام للزيات ـ أجزم بأن الظواهري يمكن أن يكون موجوداً في المكان الذي لا يتوقعه أحد. وعندما أسس الظواهري وبن لادن الجبهة لاعلان الحرب ضد الولايات المتحدة كثفت الادارة الأميركية حراستها حول مصالحها وسفارتها في البلاد العربية والاسلامية، الا انها لم تتوقع أن تكون الضربة في أفريقيا حيث ضربت سفارتاها في نيروبى ودار السلام، وعندما هرعت الادارة الأميركية لتأمين سفاراتها ومصالحها في أفريقيا وأوروبا جاءت الضربة الموجعة في نيويورك وواشنطن».