الحكومة العراقية تفاوض وفدا من أهالي الفلوجة تلافيا لاجتياحها

هيئة العلماء المسلمين تصف عملية سامراء بأنها «مجزرة» وتتهم القوات الأميركية بقتل طفل وشيخ كانا يحملان الراية البيضاء

TT

كثف الطيران الاميركي غاراته امس على مدينة الفلوجة، حيث شن ثلاثا منها خلال 24 ساعة استهدفت مباني يشتبه في ايوائها «ارهابيين»، في اشارة الى تصعيد محتمل تمهيدا لاقتحام المدينة وسط معلومات اشارت الى ان الحكومة تفاوض وفدا من اهالي المدينة تلافيا لاجتياحها، في حين بدأ اهالي مدينة سامراء امس في دفن قتلاهم بعد عودة الهدوء الى المدينة التي شهدت ثلاثة ايام من المواجهات المسلحة بعد اجتياح المدينة عسكريا بمشاركة ثلاثة الاف من جنود القوات الأميركية يدعمهم ألفان من جنود الحرس الوطني العراقي. واعتبرت هيئة علماء المسلمين امس العمليات العسكرية في مدينتي سامراء والفلوجة بانها «مجزرة» وحذرت الحكومة من مواصلتها هذه العمليات. وتساءل المتحدث باسم الهيئة بشار الفيضي «من الذي سيحترم الانتخابات بعد تعبيد سبيلها بدماء العراقيين واذا كانت ستبنى على الجماجم؟»، وقال «نحن امام مجزرة جديدة تضاف الى سلسلة المجاز الاجرامية التي تقوم بها اعظم دولة ارهابية في العالم في العصر الحديث وهي الولايات المتحدة». وأفاد بان «الاميركيين قتلوا طفلا كان يجتاز الطريق كما قتلوا الشيخين عبد الحي طه ووليد كنطز» من اعضاء الهيئة في سامراء «رغم انهما كانا يحملان رايات بيضاء».

واعلن الجيش الأميركي امس ان العمليات العسكرية اسفرت عن قتل 125 مقاتلا. وقال وزير الداخلية فلاح النقيب الذي زار سامراء امس ان الهجوم لم يسفر عن مقتل مدنيين وهو تصريح أثار غضب بعض السكان الذين قالوا انهم فقدوا أقارب لهم من بينهم أطفال.

وقال شهود عيان ان «حديقة مسجد حميد الحسون تحولت هي الاخرى الى مقبرة حيث تم دفن ما يقرب من عشرين جثة هناك». وقال الميجر جنرال جون باتيست قائد الفرقة الاولى مشاة التي تقود الهجوم، ان القوات الأميركية العراقية سيطرت على نحو 70 في المائة من سامراء وان العمليات ما زالت جارية، في حين قال حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي ان الامر انتهى في سامراء.

وقدرت القوات الأميركية عدد المقاتلين المختبئين في سامراء بنحو ألف، الا انه ليس من الواضح بعد الحملة الضارية المستمرة منذ 36 ساعة ماذا حدث لأغلبهم.

وقال رئيس المجلس البلدي طه حسين صلاح «لم نطلب من وزارة الداخلية او اي مسؤول حكومي جنودا ليدخلوا المدينة»، لكنه أضاف «ان المشكلة تكمن في عدم ابداء البعض هنا احتراما لأي كان، لا للشيوخ ولا للمجلس البلدي ولا للائمة». وقال «لهذا السبب وصلنا الى هذا الوضع. لكن مقابل كل قتيل، سيكون هناك خمسة او اكثر من اقاربه مستعدين للقتال. وفي النهاية فان الأبرياء هم من يدفع الثمن».

وكشفت مصادر وثيقة الصلة من الحكومة عن وجود مباحثات حققت تقدما ملحوظاً حول موضوع عودة الأمن إلى الفلوجة، وقالت المصادر إن نائب رئيس الوزراء، برهم صالح، عقد اجتماعين متتاليين أمس مع وفد عالي المستوى من اهل الفلوجة ضم شخصيات دينية معروفة وحكومية وعشائرية وعسكريين، وذلك ضمن جهود تفاوضية دامت أسبوعين وشهدت تقاربا بين وجهات نظر الفريقين.

وقالت المصادر التي رفضت كشف هوية الوفد لحساسية الموقف، إن بوادر اتفاق وشيك تبدو قريبة وقد تعلن خلال أيام قليلة جداً، الأمر الذي يسمح بتلافي اجتياح المدينة.

وأشارت المصادر أن الاجتماعين عقدا في مقر رئاسة الوزراء وحضرهما إلى جانب نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان، ومسؤولون آخرون قريبو الصلة من الملف العسكري والأمني، وأكدت أن تقدما ملحوظاً بات يميز العلاقة ما بين الحكومة والمتفاوضين على أرضية حوارية جديدة تمثلت بتقبل وفد الفلوجة لطروحات كانت مبعث خلاف. وتم الاتفاق على إعادة سيطرة الدولة على المدينة وإنقاذها من الإرهابيين، ودعوة قوات الشرطة والحرس الوطني العراقي إلى ممارسة مهماتهم داخل المدينة وتوفير الظروف المناسبة لتطبيع الأجواء العامة بما يؤمن للدولة هيبتها ويسهل المباشرة بعملية الإعمار ويحفظ لسكان المدينة كرامتهم وممارسة حياتهم الاعتيادية.

من ناحية أخرى قال مدير مستشفى امس ان الشرطة عثرت جنوب بغداد على جثتي رجل وامرأة يعتقد أنهما غربيان. وأضاف داود جاسم مدير مستشفى المحمودية أن جثة الرجل كانت مقطوعة الرأس وأن جثة المرأة كانت بها أعيرة نارية. ولم يتسن معرفة المزيد من التفاصيل.

وأضاف ان «المراة شقراء في حين يميل الرجل الى السمرة، ومصوغها لم يمس»، الامر الذي يشير الى ان الجريمة لم تكن بدافع السرقة، على ما يبدو.

واعتقلت قوة اميركية بعد ظهر امس المسؤول المحلي في محافظة كركوك احمد حسن العبيدي بتهمة تقديم الدعم للمسلحين وتأمين المأوى لهم في المنطقة.

وقال عبد الله احمد حسن العبيدي نجل المسؤول الاداري في قضاء الرياض غرب كركوك، ان «اربع عربات عسكرية اميركية طوقت منزلنا واعتقلت والدي». وأضاف ان التهمة تتعلق بـ«تقديم والدي الدعم للمتمردين، اضافة الى ايوائهم».

وعلى صعيد الرهائن اعرب مفاوض بريطاني مسلم يشارك في الجهود الرمية للافراج عن الرهينة البريطاني كينيث بيغلي عن «تفاؤل حذر للإفراج عنه»، بينما أعلن شقيق الرهينة انه اتصل هاتفيا بسيف الإسلام القذافي احد ابناء الزعيم الليبي طالبا مساعدة معمر القذافي للإفراج عن شقيقه. وأضاف «بعد ذلك بقليل تلقيت اتصالا هاتفيا من مؤسسة القذافي في ليبيا تعهدت ببذل كل ما في وسعها لمساعدتنا».

وفيما يتعلق بالجهود الرامية للإفراج عن الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، غادر النائب الديغولي ديديه جوليا دمشق أمس عائدا الى باريس. ولدى مغادرته دمشق، قال النائب للصحافيين ان «مهمتي لم تنته كنائب» في تلميح الى فشل مسعاه الخاص للإفراج عن الرهينتين.