عبيد يعتبر تقرير أنان «متشددا» تجاه دمشق وبيروت و«رقيقا» مع إسرائيل سورية تحذر من الرهان على صبرها

TT

في أول رد فعل رسمي علني، شن وزير الخارجية اللبناني جان عبيد امس هجوما قويا على تقرير كوفي أنان أمين عام الأمم المتحدة حول مدى التزام سورية ولبنان بقرار مجلس الأمن 1559، ووصفه بأنه «متشدد» تجاه دمشق وبيروت و«رقيق» تجاه إسرائيل. أما سورية، فقد وصفت التقرير بأنه ليس دقيقا تماما وأنها تدرسه وتعلن موقفها بشأنه قريبا وإن حذرت من المراهنة على صبرها. فقد انتقد عبيد ما اعتبره انحيازا من جانب تقرير أنان بشأن سيادة لبنان. وقال «إن كلام انان عن لبنان وسورية متشدد ومبالغ فيه في حين يتصف كلامه عن اسرائيل بالرقة والوداعة وغالبا بتغيب المسؤولية عن انتهاكاتها (لسيادة لبنان)». وأضاف «كنا نتمنى أن يكون التقرير اكثر شمولا وعدلا ودقة وعمقا واكثر انصافا بالنسبة إلينا».

واضاف «ان احترام لبنان لمنظمة الامم المتحدة ومجلس الأمن وأنان، لا يلغي حقه في ابداء الرأي»، اعلن انه سيلتقي لاحقاً كلا من رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري تمهيداً لتحديد موقف لبنان من تقرير انان. وفي اطار المشاورات الجارية في هذا السياق تلقى عبيد اتصالاً هاتفياً من امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى واجرى اتصالاً مع نظيره السوري فاروق الشرع.

وقال عبيد: «ان المنظمة الدولية هي بيت العالم، لكنها في الوقت نفسه ملاذ للضعفاء وعاصم للأقوياء عن احتلالهم وظلمهم». واضاف: «بالنسبة الى تقرير انان بعد شهر من قرار مجلس الامن 1559، كنا نتمنى ان يكون اكثر شمولاً وعدلاً ودقة وعمقاً واكثر انصافاً بالنسبة الينا». وقال: «ان خروج الجيش السوري من لبنان هو مسألة توقيت وطريقة يتم الاتفاق عليها بين الدولتين». واضاف: «لن تخرج العلاقة مع سورية مع خروج جيشها من لبنان، لانها قائمة قبله وخلال انتشاره الحالي وبعد خروجه».

ويخالف هذا الموقف تصريحات عصام فارس نائب رئيس الحكومة اللبناني بأنه لم يجد التقرير «سيئا او متشددا رغم الضغوط التي مورست على الأمانة العامة (للامم المتحدة) من اجل ان يكون قاسيا».

وكان انان قد افاد في تقريره بأن لبنان وسوريا لم يفيا بالمطالب التي تضمنها القرار 1559 الذي صدر الشهر الماضي بشأن احترام سيادة لبنان.

ويدعو القرار الى انسحاب كافة القوات الاجنبية من لبنان في اشارة واضحة لسوريا التي لا يزال نحو 15 الفا من جنودها منتشرين في لبنان.

من ناحية أخرى، وصف معاون وزير الخارجية السوري وليد المعلم تقرير أنان بأنه « ليس دقيقاً تماماً » وأنه انصب على وصف الوقائع فقط. وقال إنه عندما يقول أنان إن سورية ولبنان لم تلتزما بتنفيذ القرار 1559 فإن هذا دليل على عدم الدقة. وقال إن دمشق تدرس التقرير وإن الموقف بشأنه سيصدر قريبا. وحذر المعلم في تصريحات لقناة الجزيرة، قالت مديرة إدارة الإعلام الخارجي في الخارجية السورية بشرى كنفاني ل«الشرق الأوسط » إنها تمثل وجهة النظر السورية الرسمية، من المراهنة على الصبر السوري قائلاً: «لاتراهنوا على صبر دمشق فقد تعاملت سورية بمسؤولية وصبر وإن موضوع الأمن في سورية خط أحمر، ولا نسمح لأحد بأن يبعث بأمن المواطن السوري، وإعتراف الإسرائيليين بما جرى في دمشق يؤكد أن ماجرى هو إرهاب دولة بعينه وجريمة تعد إرهاب دولة تعترف بها إسرائيل ».

وأكد المسؤول الدبلوماسي السوري أن العبث بالسلم الأهلي اللبناني ممنوع أيضاً. وقال «إننا نحترم قرارات الشرعية الدولية لكن ذلك لا يعني المضي بالخطأ، فقد بني القرار1559على خطأ يناقض ميثاق الأمم المتحدة المادة الثانية الفقرة السابعة التي تقر بامتناع الأمم المتحدة عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وأشار المعلم إلى أن بين سورية ولبنان اتفاقية الوفاق الوطني اللبناني (الطائف) ومعاهدة الأخوة والتنسيق المصدقة عام1991 وإن ما يتعلق بالوجود السوري في لبنان أمر تقرره الحكومتان السورية واللبنانية وهما وحدهما اللتان تعلمان مصالح كل منهما وتقرران بشأنهما.

من ناحيته، أعرب الحزب الشيوعي السوري في بيان أمس عن اعتقاده بأن زيادة الضغوط على سورية وتنوعها تعكس مأزق السياسة الأميركية في العراق مؤكداً ضرورة تحرير العراق من الاحتلال وبنائه سيداً مستقلاً موحداً ديمقراطياً بعيداً عن التدخل في شؤونه الداخلية وإفساح المجال أمام الشعب العراقي لإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة على كامل أراضيه، عبر انتخابات شفافة ووحدة وطنية كاملة.

وفي هذا الاطار قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «ان هذا القرار سياسي وتدخل في شؤون لبنان الداخلية تحت دائرة الوصاية الدولية. وهو ما تريده اميركا واسرائيل ومن معهما لكي يفقد لبنان قدرته على الممانعة والرفض والصمود في مواجهة المشاريع الصهيونية». واضاف: «يحاولون جعل هذا القرار سيفاً مسلطاً على لبنان ليبقى في دائرة الضغط وليأخذوا من حكومته التنازلات، ولتفكيك العلاقة بين لبنان وسورية لإضعافهما. وان الموافقة على هذا القرار من بعض الجهات ومحاولة الاستقواء به هو ادخال لبنان في دائرة التدويل. واذا ما حصل ذلك فلا يحلمن احد بعد الآن ان بإمكانه ان يمنع التوطين». وتساءل: «لمصلحة من خروج سورية من لبنان امنياً وعسكرياً؟ أليس لمصلحة اسرائيل لترتاح من الوجود العسكري السوري وتعبث هي بالأمن الداخلي للبنان؟».