انتخابات الرئاسة في أبخازيا تفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراع بين روسيا وجورجيا

TT

أدلي الناخبون في منطقة أبخازيا الانفصالية بجمهورية جورجيا السوفياتية سابقا بأصواتهم في انتخابات رئاسية أمس مع اجماع كل المرشحين على المطالبة بالاستقلال الكامل لتلك المنطقة المطلة على البحر الأسود.

ويريد الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، الذي انتخب العام الماضي بعد «ثورة بيضاء»، عودة أبخازيا الواقعة على الحدود الروسية الى الحكم الجورجي، لكن الأبخاز يتحدون ذلك. وقال سيرغي باجابش، المنافس الرئيسي لراؤول خاجيمبا المرشح الذي تدعمه روسيا: «كل المرشحين يعتقدون نفس الشيء ألا وهو أنه لا يوجد خيار أمام أبخازيا سوى الاستقلال. لا يمكن انتخاب أحد يقول أي شيء آخر. لقد حاربنا من أجل هذا».

وأثار دعم روسيا لأبخازيا، حيث يحمل ثلاثة أرباع السكان الجنسية الروسية، غضب حكومة جورجيا. وثار الانفصاليون في أبخازيا ضد الحكومة الجورجية الشابة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهزموا القوات الجورجية عام 1993. ولذلك سارعت جورجيا الى إعلان عدم مشروعيتها وأنها لن تعترف بنتيجتها.

وقد غاب عن قائمة المرشحين في انتخابات أمس فلاديسلاف اردزينبا، الرئيس السابق الذي كان أول من أعلن استقلال أبخازيا في مطلع التسعينات عن جورجيا من جانب واحد وفاز بدورتين رئاسيتين متواليتين. وهو ما اعتبره البعض «علامة حضارية تشير إلى مشروعية الاعتراف بأبخازيا كدولة مستقلة واحترام رغبتها في الانضمام إلى روسيا». وهي الرغبة التي سبق أن أعربت عنها أبخازيا رسميا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي.

ويتوقف المراقبون عند الجدل الذي يحتدم حول هذه الانتخابات. فبينما يعتبرها البعض خطوة نحو تأكيد استقلالية هذه الجمهورية، استنادا إلى واقع تاريخي يعود إلى سنوات الامبراطورية الروسية، ويقول إن أبخازيا لم تكن يوما ضمن أراضي الدولة الجورجية، يقول الرئيس الجورجي ساكاشفيلي إن بلاده «لن تعترف بأي جيوب انفصالية تقام بشكل غير طبيعي من خلال منح مواطنيها جنسية أخرى». وكان يشير بذلك إلى الجنسية الروسية التي تتمتع بها الغالبية العظمى من سكان أبخازيا.

وقال ساكاشفيلي إن أبخازيا «ظلت جورجية على مدى قرنين من الزمان وستظل جورجية ما دامت توجد جورجيا». وإذ أشار ساكاشفيلي إلى احتمالات إقرار الوضعية الفيدرالية لأبخازيا، فقد قال أيضا باحتمال المفاوضات مع روسيا حول حقوق الأقليات الروسية في جورجيا وليس في الجيوب الانفصالية.

وكان إيغور إيفانوف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، قد أشار إلى عدم ضرورة دخول روسيا طرفا في المباحثات التي قال إنها يجب أن تجرى مباشرة بين جورجيا وكل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. لكنه أشار، في الوقت نفسه، إلى استعداد موسكو للمساعدة في ذلك. وبينما يخوض انتخابات أبخازيا ثمانية من المرشحين يرجح المراقبون فوز راؤول خاجيمبا رئيس الوزراء الحالي الذي قال انه تعود على تصريحات الرئيس الجورجي. وأشار إلى ان ساكاشفيلي «طالما قال انه سيعيد أبخازيا إلى جورجيا لكنه يجب أن يدرك اليوم استحالة ذلك وان هذه القضية لن يستطيع احد حلها عن طريق القوة». وكانت موسكو قد انتقدت سياسات الرئيس الجورجي الذي اتهمته بالتواطؤ مع المقاتلين الشيشان وإيوائهم في وادي بانكيسي الذي ثمة من يقول أن شاميل باسايف لجأ إليه أخيرا. وألقت موسكو باللائمة على ساكاشفيلي بسبب السماح بظهور الرئيس الشيشاني السابق أصلان مسعدوف على شاشات التلفزيون الجورجي في حديث عرض فيه على جورجيا مساعدتها في تقرير أمورها مع روسيا التي قال انه يعرف طريقة التعامل معها.

وكان ساكاشفيلي قد سارع بالرد على هذه الاتهامات وقال إن أيدي الروس والشيشان «مخضبة بدماء الجورجيين خلال تعاونهما في مطلع التسعينات إبان المعارك التي دارت حول أبخازيا» بعد إعلانها الانفصال من جانب واحد. وهو ما يعني أن نتيجة الانتخابات الأبخازية لا بد أن تفتح صفحة جديدة من الصراع بين جورجيا وروسيا حول هذه القضية.