صحيفة ألمانية تزعم أن المفوضية الأوروبية ستوصي ببدء المحادثات الرامية إلى ضم تركيا

TT

قالت صحيفة «بيلد» الالمانية امس، في تقرير يبدو انه سرب اليها من مصادر في المفوضية الاوروبية، ان الأخيرة ستوصي في تقرير، تصدره بشأن تركيا بعد غد، بأن يبدأ الاتحاد الاوروبي مفاوضات مع أنقرة بشأن انضمامها اليه.

وقالت الصحيفة، في إشارة الى تقرير تنشره في عددها الصادر اليوم: «ترى المفوضية أن تركيا أوفت بالمعايير السياسية بالقدر الكافي وتوصي ببدء المفاوضات المتعلقة بالانضمام. اما القرار النهائي حول فتح مفاوضات الانضمام مع انقرة فيعود الى قادة الاتحاد الاوروبي خلال قمتهم المقررة في بروكسل في 17 ديسمبر (كانون الاول) المقبل. من جهة اخرى، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان، امس في خطاب ادلى به في برلين ان مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي يمكن ان تتواصل حتى عام 2019. واضاف اردوغان، امام ارباب العمل الالمان والاتراك: «من الصعب الآن توقع ما اذا كانت تركيا ستنضم الى الاتحاد الاوروبي خلال عشر او 15 سنة».

وانتقد اردوغان في خطابه بشدة القادة السياسيين الذين يعارضون انضمام تركيا لأنها، حسب رأيهم، «لا تنتمي الى الحضارة الاوروبية»، فقال: «يتوجب على العديد من القادة السياسيين في اوروبا تغيير عقلياتهم لأن تركيا تعتبر نفسها جزءا من مجموعة القيم الأوروبية».

وأضاف اردوغان ان معارضة «الاتحاد المسيحي الالماني» لبدء المفاوضات مع تركيا حول انضمامها الى الاتحاد الاوروبي «تصرف شعبوي». وتطالب هذه المعارضة بإقامة «شراكة مميزة» مع تركيا تكون بديلا عن الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

والتقى اردوغان مساء امس بالمستشار الالماني غيرهارد شرودر وتلقى جائزة «كوادريغا» نظرا للاصلاحات الديمقراطية التي قام بها. وتنقل صحيفة «بيلد» في عددها الذي يحمل تاريخ الاثنين ان المفوضية الاوروبية ستوصي الاربعاء بفتح مفاوضات الانضمام مع تركيا معتبرة «انها حققت المعايير السياسية» لبدء هذه الخطوة معها. وتعتبر المانيا، التي تستوعب اكبر جالية تركية في اوروبا، في طليعة الدول المؤيدة لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، اذ ترى في هذه الخطوة فرصة يجب ألا تفوت لإجراء مصالحة بين المسلمين والغرب. وخلال السنوات الـ16 التي بقي فيها في السلطة، حاول المستشار المسيحي الديمقراطي، هلموت كول، اعطاء بعد لانضمام تركيا الى الاتحاد. وكان الاشتراكي الديمقراطي شرودر الذي خلفه عام 1998، يدرس هذا الملف بعيدا عن الأضواء معتمدا موقف معظم الدول اعضاء الاتحاد.

وكانت المانيا قد خرجت عن صمتها عشية موعد قمة كوبنهاغن في ديسمبر 2002 بإعلانها انها تريد «بذل قصارى جهدها» لفتح مفاوضات الانضمام. وفي برلين، تم التأكيد على «التقدم الكبير» في تركيا على طريق ارساء الديمقراطية لتبرير هذا الدعم، في حين اكد البعض ان ضغوط واشنطن، المهتمة بـ«المنافع الجيو استراتيجية لبلد يقع عند مفترق قارتين»، تقف وراء ذلك.

وتشدد الحكومة الالمانية على «دعمها التام» لأنقرة وتحثها على تلبية «معايير كوبنهاغن» التي تحدد أدنى الشروط لترشيح تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. وساهمت الاعتداءات التي نفذها اسلاميون متطرفون في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في اسطنبول وكذلك تعهد انقرة بتسوية الملف القبرصي، في تعزيز رأي برلين الايجابي الذي بقي على حاله قبل ايام من نشر رأي المفوضية بشأن هذه القضية.

وافاد مصدر الماني ان «عدم ضمان حرية العقيدة بصورة تامة وعيوب النظام القضائي في تركيا قد يزيدان من صعوبة المفاوضات التي ستكون طويلة وشاقة في كل الأحوال». وقال وزير الخارجية الالماني، يوشكا فيشر، ان تركيا «ليست مستعدة حاليا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي وهي تعرف ذلك»، متوقعا ان هذه الخطوة بحاجة الى 10 او 15 عاما لتتحقق.

ويعود دعم برلين لحسابات جيو سياسية، مفادها ان امن اوروبا رهن بتقارب مع روسيا وتركيا. وفي فترة تشهد تفجر الارهاب الدولي وأزمة الشرق الاوسط، ترى برلين انه قد يكون لضم دولة تركية ديمقراطية، حيث غالبية السكان من المسلمين، آثار ايجابية لإرساء الديمقراطية في هذه المنطقة.

وقال شرودر ان الانضمام «ستكون له منفعة كبيرة على أمن اوروبا لأنه قد يوفق بين الغرب والاسلام»، في حين حذر فيشر من استبعاد دولة «لا يمكن الالتفاف حولها في مكافحة الارهاب الدولي». وهذا الموقف ليس موضع اجماع في المانيا حتى داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي اعرب عدد من اعضائه عن تشكيكهم في هذا الخصوص.

وتقود رئيسة الاتحاد المسيحي الديمقراطي، انجيلا ميركل، جبهة المعارضة وبعثت برسالة الى جميع رؤساء الحكومات المحافظة في اوروبا مطالبة فيها الترويج لاقامة «شراكة مميزة» مع تركيا بدلا من عملية الانضمام. ولا يؤيد جميع المحافظين رأي ميركل، فقد انتقد رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية، فولكر روهي، «الخطأ الاستراتيجي الذي يرتكبه كل الذين يرفضون انضمام تركيا» الى الاتحاد. وحتى اذا كانت معارضة الشعب الالماني لانضمام تركيا الى الاتحاد تتراجع بحسب استطلاعات الرأي، فإن اقلية لا تزال تؤيد هذا الاجراء (45% في يونيو). وستكون ألمانيا بالتأكيد المستفيد الاكبر من انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. فهي شريكها الاقتصادي الاول مع قيام 1050 شركة المانية بنشاطات في هذا البلد. وبلغت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين 14.2 مليار يورو عام 2002.

وخلال النصف الاول من العام الحالي زادت الصادرات الالمانية الى تركيا الى الضعف تقريبا مقارنة مع الفترة نفسها عام 2003. ومن شأن عملية انضمام تركيا أساسا تشجيع استيعاب نحو 2.6 مليون تركي هاجروا في الستينات لسد نقص في اليد العاملة الالمانية.