النزاع حول كركوك يقترب من حافة الانفجار

الأكراد: المدينة محافظة كردستانية * التركمان: إنها لكل العراقيين ونموذج لتعدديتهم

TT

كركوك ـ أ. ف. ب: يهدد التوتر السائد في كركوك بين القوميات الكبرى الثلاث، العربية والتركمانية والكردية، وارتفاع حدة التجاذبات في الآونة الاخيرة بتحويل المدينة العراقية الى برميل بارود خصوصا مع اقتراب الموعد المقرر للانتخابات. وقال قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، امس، ان كركوك «محافظة كردستانية وهذا بالنسبة لنا موقف ثابت لا يمكن التنازل عنه ويعد اساسا لنضالنا وتضحياتنا طيلة العقود الثلاثة الماضية». واضاف عضو المكتب السياسي للحزب كمال كركوكلي ان «الشعب الكردي لا يمكن ان يغير مصير شعبه وتاريخ كركوك مثلما فعل (الرئيس السابق) صدام حسين حينما قام بترحيل الاكراد وتنفيذ سياسات التعريب من خلال جلب الاف الغرباء العرب ضمن عمليات الانفال» التي حصلت بين اواخر الثمانينات حتى عام 1990 .

وتابع ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بحث خلال زيارته المفاجئة الثلاثاء الى العراق (حيث التقى قادة اكبر مجموعتين سياسيتين تسيطران على المحافظات الكردية الثلاث) مسألة كركوك والانتخابات والارهاب. وكان مئات الاكراد قد تظاهروا في كركوك الاسبوع الماضي مطالبين، وللمرة الاولى منذ عقود، «بانفصال» اقليم كردستان كليا عن الحكومة المركزية العراقية واتخاذ المدينة الغنية بالنفط «عاصمة لدولة مستقلة».

ومن جهته، قال فاروق عبد الله عبد الرحمن رئيس الجبهة التركمانية، وعضو المجلس الوطني المؤقت، «كركوك مدينة كل القوميات العرب والتركمان والاكراد والمسيحيين رغم انها ذات خصوصيه وثقافة تركمانية من خلال احيائها وقلعتها البارزة والقشلة الاثرية». واضاف «لذلك تتعرض كركوك اليوم لعملية تكريد من قبل الاحزاب الكردية من خلال السيطرة على الدوائر والمؤسسات وعمليات شراء المباني باسعار مرتفعة واستحواذ الاكراد على وسائل الاعلام وانتشار عناصر من الامن الكردي في كركوك وانخراط المئات منهم ممن لا يملكون الخبرة في الشرطة وممارسة عمليات الضغط والاستفزاز ضد العرب والتركمان». وتابع «نحن في المجلس الوطني المؤقت اكدنا لسترو ان كركوك لا يمكن ان تكون لفئة او قومية محددة انما لكل العراقيين، فهي تعد نموذج العراق الجديد واساس وحدته». وبدوره، اوضح زعيم التجمع العربي في كركوك ممثل العرب من السنة والشيعة في المحافظة، الشيخ غسان مزهر العاصي، احد ابرز وجهاء قبيلة العبيد التي توجد في معظم مدن العراق وفيها من الشيعة والسنة ويتجاوز تعدادها المليون شخص، ان «الاكراد سيطروا على كركوك بعد دخول القوات الاميركية». واضاف انهم «اجبروا العرب على ترك قراهم ومدنهم ومارسوا سياسات القهر والاضطهاد والاعتقال وبدعم من الاميركيين، كما قاموا بدفع اكثر من 100 الف كردي الى كركوك (حوالي مليون نسمة) بحجة انهم كانوا مرحلين من النظام السابق». وندد العاصي بـ«تهميش العرب والتركمان بطريقة غيرت ديموغرافية المدينة، لذلك نطالب الامم المتحده والقوات متعددة الجنسيات بان تعتمد وضع كركوك قبل سقوط النظام اساسا لاجراء الانتخابات».

وحذر من انه «بخلاف ذلك ستكون كركوك محسومة للاكراد مما يسرع ضمها الى اقليم كردستان وهذا مرفوض لنا وللتركمان لانه سيكون النار التي تشعل الوضع في العراق وتؤدي الى الفتنة التي لا يمكن ان تحمد عقباها». ودعا العاصي الى وجوب «عدم معالجة الخطأ بخطأ اكبر لان الجميع كانوا ضحية القرارات الجائرة للنظام السابق». واتهم الاكراد بارتكاب «تجاوزات بحق الاراضي العامة والمواطنين العرب والتركمان، وقد جلبتهم الاحزاب الكردية من مدن الشمال واجبرتهم على السكن في كركوك حيث تقوم بتزويدهم بالاسمنت ومبالغ مالية تتراوح بين 1500 الى 2000 دولار، كما تم اصدار اكثر من 35 الف بطاقه تموينية للاكراد العائدين».

وتخشى تركيا التي تدعم الاقلية التركمانية من ان تؤدي سيطرة محتملة للاكراد على موارد المنطقة النفطية الى تأجيج النزعة الانفصالية لدى اكراد العراق، كما تتخوف ازاء انتقال عدوى الانفصال الى الاقلية الكردية في تركيا قرب الحدود العراقية. وهاجم وزير الخارجية التركي عبد الله غل بشدة الخميس الماضي، اثر لقائه سترو، مطامع اكراد العراق في المدينة النفطية. وقال غل اثر محادثات مع سترو ان «كركوك مدينة لكل العراقيين وكل موارد العراق الطبيعية هي ايضا ملك للعراقيين» كافة. وحذر من ان «الخروج على هذه المبادئ سيؤثر على مسيرة السلام في العراق». ومن ناحيته وفي محاولة لتبديد مخاوف انقرة اكد سترو ان العراق سيبقى موحدا لان «قرار المجتمع الدولي هو ان حدود العراق الدولية ومن بينها بالتأكيد حدوده مع تركيا، غير قابلة للانتهاك ولا يمكن تعديلها».