عبد الله عزام كتائبه أم كتيبته .. تحولات الاسم وثبات المسمى

كان من المقرر أن تحمل كتائب «القسام» اسم عزام لولا غلبة الفرع الغزاوي على فرع الضفة

TT

لا يعتبر اطلاق اسم عبد الله عزام على مجموعة مسلحة، جديدا، لكنه ربما يعد الاول فيما يتصل بمجموعة تابعة لمنظمة القاعدة الاصولية، اذا كانت هي فعلا من نفذ عملية طابا الاخيرة، حسب بيانها الصادر امس.

والوقع ان اطلاق اسم عبد الله عزام، الشيخ الفلسطيني المتحدر من الضفة الغربية، على الخلايا او المجموعات الاصولية المسلحة، قد انطلق اول مرة في الساحة الفلسطينية نفسها، فالذراع العسكرية لحركة حماس كان من المقترح ان يكون اسمها (كتائب الشيخ عبد الله عزام) قبل ان يستقر الرأي على اسم كتائب عز الدين القسام. وعن ذلك يقول محمد الضيف القائد العام لهذه الكتائب، والمطارد رقم واحد بالنسبة لاسرائيل بعد مقتل يحيى عياش: «هناك العديد من الأجهزة أفرزتها الحركة قبل انطلاقتها وظلت تعمل حتى عام 1989». ويقرر الضيف انه حتى عام 1991م كان اسم (كتائب الشهيد عز الدين القسام) منحصرا في قطاع غزة، بينما كان اسم الذراع العسكرية هذه في الضفة هو (كتائب عبد الله عزام) خاصة في وسطها وشمالها ولكن في النهاية تم الاتفاق على كتائب القسام.

ويعلل الضيف، في لقاء مطول معه على بعض المواقع الاخبارية أنه كانت هناك وجهتا نظر حول تسمية الجهاز العسكري ففي قطاع غزة تم طرح اسم كتائب الشهيد عز الدين القسام وكان من أكثر الموافقين على هذا الرأي القائد ياسر النمروطي، وفي الضفة الغربية كان الرأي هو اطلاق اسم كتائب الشهيد عبدالله عزام، على اعتبار ان الاخير كان فلسطينياً من الضفة ويعتبر من رواد العمل الاسلامي العسكري، وفعلا عملت عدة خلايا تحت هذا الاسم حتى أن هناك معتقلين من أبناء حركة حماس ما زالوا قيد الأسر على خلفية عملياتهم تحت هذا الاسم، ولكن بعد ذلك بمدة قصيرة تم توحيد الاسم (كتائب الشهيد عز الدين القسام) وقد ساهمت عملية الاندماج في العمل في بدايات العمل بين أبناء الكتائب من القطاع ومن الضفة وتنفيذ عمليات مشتركة وخاصة في فترة انتقال القائد الحمساوي عماد عقل الى الضفة في تعزيز هذا الاسم.

اما الساحة الثانية التي شهدت اطلاق اسم عبد الله عزام على مجموعة عسكرية، فهي الساحة العراقية الحالية، فقد استخدمت هذا الاسم جماعة تسمي نفسها ( كتائب ثورة العشرين) وهي كما يبدو من قراءة ادبياتها ونشراتها جماعة اقل تطرفا من حركة الزرقاوي واكثر قربا من اللغة العراقية الوطنية، لجهة رفضها التقسيم الطائفي وتأكيدها على احترام المواثيق الدولية، لكنها لا تخلو من صبغة دينية.

وقد سمت هذه الجماعة احدى خلاياها العاملة ضد القوات الاميركية والبريطانية وحلفائها، باسم (كتيبة عبد الله عزام).

وفي تقرير مفصل يحصي عمليات الخلايا التابعة لكتائب ثورة العشرين في العراق من الفترة 22 اكتوبر (تشرين الأول) لغاية 8 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2003 ورد فيه ذكر عمليتين نفذتهما (كتيبة عبد الله عزام).

ففي منطقة الكرخ الشمالي، وفي 7 نوفمبر من هذا العام، قامت كتيبة عبد الله عزام بالهجوم على قافلة على طريق التاجي وتم تدمير ناقلة أشخاص بالكامل وقتل من فيها. وفي اليوم التالي قامت الكتيبة بهجوم آخر على نفس الطريق طريق التاجي، وتم تدمير مدرعة للقوات الأميركية وقتل من فيها، طبقا لتأكيدات كتائب ثورة العشرين.

عبد الله عزام الذي تكرر اطلاق اسمه على اكثر من مجموعة مسلحة، بل حتى على بعض المساجد، كمسجد عبد الله عزام في مخيم جنين، هو اخواني فلسطيني، تكمن أهميته الكبرى في كونه «عراب» الافغان العرب ومرشدهم الاعلى، بل هو قادح شرارة العسكرة العالمية للاسلام الاصولي، وهو مربي وراعي اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.

يقول عنه ابنه حذيفة، الذي تقول الانباء انه ينشط الان في العراق، بعد نشاط ابيه في افغانستان، ان والده هو «امير المجاهدين» وأن تصور والده للمقاومة في العراق، لو كان حيا، لن يخرج عن ما صنعه على الساحة الافغانية، فهو كان أول عربي توجه الى بيشاور، المنطقة الباكستانية المحاذية لافغانستان، والتي كانت تشهد النشاط الاعلامي والسياسي لزعماء المجاهدين الافغان آنذاك، توجه عزام لبيشاور كان، كما يقول ابنه، للوقوف الى جانب الشعب الأفغاني في تحرير ارضه من السوفيات. كذلك الحال الآن بالنسبة الى العراق. فـ«الحكم الشرعي واحد سواء كان المحتل أميركياً او روسياً... القاعدة الدينية لا تتغير» حسب حذيفة عزام .. وقد تأثر بن لادن بهذا، وقام بزيارته في عمان عام 1984، في وقت كان فيه عبد الله عزام يستعد للتوجه مع عائلته الى أفغانستان. فقرر اللحاق به والعمل في «مكتب خدمات المجاهدين» وتمويله، الى ان أسس «القاعدة» عام 1987، بحسب ما يروي حذيفة في مقابلته مع «وكالة فرانس برس».

عزام كان استاذا في جامعة الملك عبد العزيز في مدينة جدة السعودية، وتمت اعارته الى الجامعة الاسلامية العالمية في اسلام اباد، في 1981 .

وكان بن لادن طالبا لدى عزام في السعودية، قبل ان يلتقيا مجددا في افغانستان، وفيها عمل بن لادن مع عبد الله عزام في (مكتب خدمات المجاهدين) الذي اسسه عزام في 1983 لاستقبال المتطوعين العرب للقتال في افغانستان وترتيب امورهم، وكانت مهمة المكتب اغاثية واعلامية وطبية. وحصلت، لاحقا، خلافات تتعلق باسلوب ادارة المكتب بين الشيخ وتلميذه، فركز اسامة على العمل العسكري، واستمر عزام في التحشيد والتبشير بـ«الجهاد» الافغاني.

وفي حادث غامض، لم يتبدد غموضه الى هذه اللحظة قتل عبد الله عزام واثنان من ابنائه في 24 نوفمبر 1989 في بيشاور بعدما فخخت سيارتهم، كان بن لادن لا يزال في السعودية حتى 1991، عندما حصل على اذن خاص بالخروج من اجل تسوية اموره والعودة الى السعودية، لكن بن لادن لم يعد.