العاهل المغربي: أتوخى من قانون الأحزاب الجديد المساهمة في توفير خريطة سياسية واضحة في انتخابات 2007

TT

أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس حرصه على أن يتمخض القانون الجديد للأحزاب عن توافق إيجابي، وعن تشاور واسع وبناء. وبينما دعا البرلمان للتداول فيه وإقراره خلال هذه السنة التشريعية، قال العاهل المغربي انه يتوخى من القانون الجديد ان يساهم في توفير خريطة سياسية واضحة في انتخابات عام 2007.

وأوضح الملك محمد السادس في خطاب ألقاه مساء امس خلال ترؤسه افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة، أن هذا الحرص يجسد غيرته على الهيئات السياسية ونبذ التحامل المجاني عليها، أو التنكر الرخيص لها، مبرزا أن كل الأحزاب الوطنية ساهمت سواء من موقع الغالبية أو المعارضة في توطيد صرح الدولة الحديثة للحق والمؤسسات، في نطاق الملكية الدستورية. وأردف الملك محمد السادس «لذلك، ارتأينا أن نركز خطابنا على تقوية دور الأحزاب، بإيجاد إطار تشريعي جديد وفعال، يستمد فيه الحزب شرعيته القانونية من مشروعيته الديمقراطية، ويأتي بإجابات جماعية متميزة عن قضايا مجتمعية عريضة، وليس تلبية لمطامح شخصية أو فئوية ضيقة». وأوضح العاهل المغربي أن هذا القانون الذي سيساعد على عقلنة وتجديد وتحصين المشهد السياسي المغربي، وتحفيز الأحزاب المتجانسة على الاتحاد في أقطاب قوية يعد تجسيدا لحرصه على توطيد التحديث المؤسسي، بما يكفل عدم إضرار التعددية الحزبية العشوائية، بالقطبية السياسية الفعالة. وأشار الملك محمد السادس الى أنه يتوخى من هذا القانون، أن يساهم في توفير خريطة سياسية واضحة لانتخابات 2007 تتيح إناطة المسؤولية الحكومية بأغلبية برلمانية منسجمة في برامجها وقطبيتها، على أن تقوم الأقلية بدور المعارضة البرلمانية البناءة. بيد أن العاهل المغربي أكد على ان هذا القانون المؤسس يظل غير كاف، ما لم يواكبه برنامج تعاقدي للتأهيل الشامل للمشهد السياسي والإعلامي، تكون الدولة شريكة لهيئاته ووسائطه، بمدها إياهم بوسائل العمل، وذلك في مراعاة لإشعاعها ولتمثيليتها النيابية، المستمدة من نظام انتخابي فعال وملائم، وفي نطاق احترام أحداثها وبرامجها، وطرق تمويلها وتسييرها وأنظمتها الداخلية، للديمقراطية والشفافية، وكل ذلك في ظل سيادة القانون ومراقبة القضاء.

وأكد العاهل المغربي على أن هذا المشروع «الذي نعتبره لبنة أساسية للسير قدما بالانتقال الديمقراطي إلى الأمام، يقتضي تأهيل العمل النيابي، بتجاوز البرلمانية التمثيلية الكلاسيكية إلى البرلمانية العصرية، وذلك بترسيخ ممارسة برلمانية مواطنة، ترفض المزايدات السياسية العقيمة.. برلمانية ناجعة تشجع الشراكة مع الفاعلين العموميين والخواص». ودعا الملك محمد السادس في هذا السياق أعضاء البرلمان إلى الإسهام من خلال دبلوماسية نيابية فعالة ومنفتحة، في الإشعاع الدولي للمغرب، والدفاع عن مصالحه العليا. وأكد على أن البرلمانية الجديدة هي «فضاء لممارسة السياسة باعتبارها فن الممكن، ولغة الحقيقة والمعقول. وليست مجالا للشعبوية والديماغوجية»، مشددا على أن ذلك يعد السبيـل الوحيد لتحقيق مصالحة المغاربة مع العمل السياسي النبيل. على صعيد آخر، قال العاهل المغربي ان المناخ العام مناسب أكثر من أي وقت مضى لإعطاء الإقلاع الاقتصادي وتيرته القصوى لتحقيق نمو اقتصادي قوي وقار، موفر لفرص الشغل المنتج، مشددا على أن يتواكب التحديث السياسي مع إصلاحات كبرى في مجال تفعيل التضامن الاجتماعي، وتوطيد التحديث الاقتصادي. ودعا الملك محمد السادس الحكومة وكل الفاعلين إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية. وعبر عن ثقته في توفر العزيمة الراسخة، والمؤهلات الضرورية للنجاح ولكسب رهاناتها، مستشعرا أن الظرفية الوطنية والدولية، بالرغم من مصاعبها وطوارئها «لا تسمح لنا بإخلاف موعدنا التاريخي مع هذا التحدي المصيري». وحث العاهل المغربي الحكومة على مواصلة مضاعفة الجهود لإزاحة كل العوائق أمام حاجة البلاد الملحة لتحفيز الاستثمار المنتج والتوظيف الأمثل لكل الإمكانات والطاقات المتاحة داخل وخارج البلاد، والإقدام على اتخاذ القرارات الشجاعة والصائبة التي تتطلبها المعضلات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى للبلاد. وشدد على أن ذلك سيجعلها تجسد توجهه الراسخ نحو السير بالإقلاع الاقتصادي دوما إلى الأمام ضمن رؤية واضحة وتقدم موصول إلى الأعلى لا رجعة فيه. وأوضح الملك محمد السادس أنه يتعين على الحكومة، اتخاذ القرارات الحكيمة والجريئة التي تتطلبها المصلحة العليا للوطن والمواطنين، من خلال ابتكار حلول جريئة ومسؤولة، للمعادلات الوطنية الصعبة، اي معادلات التوفيق بين الحفاظ على التوازنات المالية والاجتماعية، وبين إكراهات أعباء التسيير الاستهلاكية، ومستلزمات تمويل الاستثمار المنتج، وأيضا بين دينامية توسيع الحريات العامة والفردية، وبين متطلبات الحفاظ على النظام العام، تفاديا للفجوة بين التطور الديمقراطي والواقع الاجتماعي. وأكد الملك محمد السادس أنه على كل المواطنين التحلي بروح الالتزام والارتفاع إلى مستوى المرحلة الحالية «مرحلة من حقنا الاعتزاز بكوننا نضع فيها أركانا عتيدة، لبناء مغرب اليوم والغد». وشدد على واجب التحلي باليقظة والتعبئة واستشعار أن المغرب يواجه تحديات استهداف ديمقراطيته وهويته المتميزة، من طرف الإرهاب والتطرف المحدق بالعالم كله ومحاولات النيل من وحدته الترابية من لدن خصومها والأطماع الخارجية، وإعاقة تقدمه من قبل ضعف الإنتاجية، والتنافسية والتنمية البشرية. وخلص الملك محمد السادس إلى القول إنه مهما كانت جسامة هذه التحديات، فإن رفعها رهين، بالتعبئة الشاملة والعمل الدؤوب، والصمود لبناء مجتمع ديمقراطي تنموي وهذا ما يشهد به تاريخ المغرب العريق «فقد ظل بفضل الالتحام الوثيق بين الشعب والعرش، منارة للحرية وقلعة حصينة في وجه الكيد والمؤامرات، وأطماع الهيمنة، معبأً للدفاع المستميت عن حريته وأمنه ووحدته. كما سيبقى متشبثا بأسلوبه الحضاري في الحوار والانفتاح، والوفاء بالعهود، وحسن الجوار، والحرص على استقرار فضائه الاستراتيجي».