طابا.. من التحكيم إلى الإرهاب

TT

يصعب التكهن بما سيكون وضع منتجع طابا المصري بعد عملية ليل الخميس الإرهابية التي استهدفت المنطقة بفندقها الشهير. غير أن عواقب الهجوم ستؤدى، على الأرجح، إلى تغيير نظرة الإسرائيليين إلى المنطقة التي كان كثير منهم يعتبرونها ليس فقط منتجعا للمتعة والترفيه ولكن أيضا شاهدا على سلام حتى وإن كان باردا مع المصريين. ومصدر صعوبة التكهن بالمستقبل يكمن في نصوص اتفاق تسوية «النزاع» السابق بين تل أبيب والقاهرة حول طابا التي لا تتعدى مساحتها 900مترا مربعا. فعقب اتفاقية كامب ديفيد للسلام التي أبرمها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع إسرائيل عام 1979 برعاية الولايات المتحدة، جرى الاتفاق على تسوية «النزاعات الباقية» بين البلدين من خلال ثلاث طرق: إما التفاوض أو التراضي والتوافق أو التحكيم. ولأن ترسيم الحدود كان أحد «النزاعات الباقية» فقد تقرر التفاوض ثم تشكيل لحنة لتحديد الحدود بعد اتفاق السلام. وبعد سنوات لم تسفر عن نتائج، توقفت المفاوضات في عام 82 ( بعد إغتيال الرئيس السادات في 6 اكتوبر عام 1981). ثم استؤنفت في عام 1986 وتم حل عدد من المشاكل الخاصة بعلامات الحدود، غير أن طابا ظلت عقبة كبرى. ولجأت الدولتان إلى الوسيلة الثالثة المنصوص عليها في اتفاق كامب ديفيد.. التحكيم الدولي. وتشكلت لجنة تحكيم مؤلفة من محامين دوليين من فرنسا وسويسرا والسويد بالإضافة إلى ممثلين لكل من مصر وإسرائيل. من جانبها، اعتمدت تل أبيب، في زعمها السيادة على طابا، إلى خرائط حدود بريطانية موضوعة عام 1906. وتظهر هذه الخرائط، حسب الرؤية الإسرائيلية، أن أرض طابا جزء من فلسطين التي كانت تحت السيادة التركية وأنها ليست جزءا من مصر التي كانت، في ذلك الوقت، تحت الاستعمار البريطاني.

أما الموقف المصري، فقد استند إلى الكثير من الدلائل مستخدما الخرائط أيضا. فقد قدم وفد مصر خرائط لترسيم الحدود الفعلية تعود إلى عام 1917 وتؤكد أن طابا تقع داخل الأراضي المصرية وأنها كانت خاضعة للسيادة المصرية قبل حرب عام 1967 التي استولت فيها إسرائيل علي شبه جزيرة سيناء المصرية. وفي التاسع والعشرين من سبتمبر (أيلول) عام 1988 حكمت اللجنة بسيادة مصر على طابا. إلا أن الأمر احتاج إلى اتفاق آخر خاص بالمنطقة. وفي السابع والعشرين من فبراير (شباط) عام 1989 وقعت القاهرة وتل أبيب اتفاق إعادة طابا لمصر. وكان أهم نصوص الاتفاقية، بالنسبة للجانب الإسرائيلي، هو «منح إسرائيل حرية الوصول إلى منتجع طابا». كما يسمح أيضا باستخدام المياه والطاقة الكهربائية والعملة الإسرائيلية في المنطقة. وقد اشترت مصر فندق «آفيا سونيستا» الذي كان قد بناه رجل إعمال إسرائيلي في طابا بقيمة 38 مليون دولار. وكان الفندق قد كلف صاحبه 20 مليون دولار.

ونظرا لموقع طابا، المطلة على السعودية والأردن ومصر وإسرائيل، وإمكاناتها السياحية، فقد باتت مزارا شبه دائم للسياحة الإسرائيلية طوال العام. وتقول التقديرات إنه عندما وقعت عملية الخميس الإرهابية في طابا، كان عدد السائحين الإسرائيليين بها لا يقل عن 40 ألف سائح.