مصير الحكومة اللبنانية مربوط بموقف مجلس الأمن الدولي من القرار 1559

TT

ارتبط مصير الحكومة اللبنانية مجدداً باجتماعات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالقرار 1559 الداعي الى انسحاب القوات الاجنبية من لبنان وحل الميليشيات. وينتظر رئيس الحكومة رفيق الحريري ـ كما نقل عنه زواره ـ صدور قرار من المجلس أو بيان رئاسي حول القرار لاعلان استقالة حكومته المؤجلة من 3 سبتمبر (ايلول) الماضي. وتوحي الاجواء السائدة بأن الحكومة التي ستخلفها لن تولد بسهولة في ظل تباعد مواقف المعنيين بتأليفها، خصوصاً رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري اللذين لم يلتقيا منذ تمديد ولاية لحود في 3 سبتمبر الماضي إلا مرة واحدة، مما رسم اكثر من علامة استفهام حول صورة المرحلة المقبلة.

لكن وزيراً بارزاً قال لـ«الشرق الأوسط»: «ان القطيعة بين لحود والحريري ستنتهي فور إعلان الاخير استقالة حكومته بحكم مبدأ «التعايش» الممدد له بدوره، باعتبار ان كل المؤشرات تؤكد اعادة تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة. وجاء كلام الوزير البارز رداً على ما نشرته «الشرق الأوسط» من ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يردد في مجالسه بأن على لحود والحريري التحدث فيما بينهما اولاً قبل البحث في تشكيل الحكومة. واعتبر الوزير البارز ان طلب وزير الصحة سليمان فرنجية حقيبة وزارة الداخلية يعطل امكانية المجيء بوزير ماروني الى وزارة المالية، الأمر الذي يلقى استحساناً عند الحريري الذي لا يبدي تحمساً لتسلم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هذه الوزارة خلافاً لرغبة لحود، مما يعزز عودة الوزير السنيورة المحسوب على الحريري لتولي مسؤولية وزارة المالية. فيما قال وزير التعليم العالي سمير الجسر القريب من الحريري وفرنجية لـ«الشرق الأوسط» ان طلب الأخير تولي وزارة الداخلية مشروع متوقعاً ان تمنح له.

من جهة ثانية، أشار مصدر وزاري واسع الاطلاع الى وجود «عقبات تواجه تشكيل الحكومة العتيدة مما يؤخر استقالة الحكومة الحالية التي كانت مرجحة في غضون الـ24 ساعة المقبلة». وتابع المصدر ان الكلام عن تشكيل حكومة مصغرة «أمر لا ينطبق على واقع الأمور لجهة ان تضم الحكومة العتيدة شرائح من الأطياف السياسية اللبنانية». وتابع انه بينما يمكن التفكير بحكومات مصغرة في الظروف العادية، فان التحديات الاستثنائية المحيطة بالوضع اللبناني «تستوجب تشكيل حكومة موسعة ذات فعالية ومصداقية يمكنها التصدي لهذه التحديات».

وتواصلت المواقف، وأبرزها امس لوزير الثقافة بالوكالة الدكتور كرم كرم ـ المقرب من رئيس الجمهورية ـ الذي تمنى ان تكون المشاركة في هذه الحكومة للجميع، من جميع الاطياف ومن جميع الفئات. في المقابل، انتقد النائب احمد فتفت (المقرب من الرئيس الحريري) رئيس الجمهورية دون ان يسميه معتبراً ان شعاره «اليد الممدودة (الذي اطلقه بعد تمديد ولايته) اصبح في الاسابيع الاخيرة اشبه بالقبضة الممدودة».

على صعيد آخر، تواصل الاهتمام اللبناني بمتابعة مناقشات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالقرار 1559 . وفي حين اعلن المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية انه تابع هذه المناقشات واطلع على تقارير دبلوماسية بشأنها، استدعى رئيس الحكومة سفيري الولايات المتحدة جيفري فيلتمان وبريطانيا جيمس واط. وقال فيلتمان بعد اللقاء «ان الحريري طلب منه ان يأتي الى زيارته وانه سأله عن المناقشات الدائرة حالياً بين اعضاء مجلس الامن في الامم المتحدة».

واعلن انه ابلغه ان «المشاورات لا تزال جارية، وان الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة السعي الى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559. واننا نعمل مع شركائنا في مجلس الأمن في هذا السياق». اما السفير البريطاني فقد قال «لقد ناقشت معه آخر مراحل المناقشات. وستستمر بريطانيا في العمل لتنفيذ القرار. وبالطبع ستعمل بريطانيا بصفتها رئيسة لمجلس الأمن للتوصل الى قرار في أقرب وقت ممكن حول الخطوة المقبلة».

ولاحظ نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس ان المناقشات الجارية في مجلس الأمن «لا تدل على ان ثمة توافقاً ضمن أعضاء المجلس على مشروع البيان الفرنسي وهو ما أخر صدوره». واشار فارس ايضاً الى ان «اجواء مجلس الأمن والامانة العامة للأمم المتحدة تشير الى تفهم الموقف اللبناني. وهناك صعوبات تواجه باريس وواشنطن بتأمين الاصوات اللازمة لاستصدار قرار جديد. ولكن الضغوط قد تشتد، خصوصاً انهما سيضاعفان جهودهما على أعلى المستويات، واذا صممتا فبإمكانهما ان يقلبا المعادلة لمصلحتهما نظراً لقوتهما ولموقعهما»، مشدداً على «وجوب مضاعفة التحرك للدبلوماسية اللبنانية وإبقائها دائمة السهر واليقظة».