انتخابات أستراليا: ثاني اختبار في الديمقراطيات الغربية لتداعيات غزو العراق والحرب الأميركية على «الإرهاب»

TT

يتوجه الناخبون في استراليا اليوم الى مراكز الاقتراع للتصويت في انتخابات عامة ذات أهمية غير مسبوقة. فرئيس الحكومة الائتلافية اليمينية جون هاوارد، زعيم حزب الأحرار، كان مع رئيس الحكومة البريطاني توني بلير والايطالي سيلفيو برلسكوني والاسباني (السابق) خوسيه ماريا اثنار، الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة في غزوها العراق وفي حربها المعلنة على «الارهاب». ولئن كان سقوط أثنار في الانتخابات العامة الاسبانية، التي أجريت بعيد تفجيرات قطارات مدريد خلال الصيف، أفقد هذا التكتل أحد اعمدته، فامام هاوارد اليوم اختبار حاسم.

* ما يمثله هاوارد

* هاوارد في الواقع، ليس مجرد ضلع من أضلاع «المربع» المؤيد لواشنطن بين الديمقراطيات الغربية الطابع، بل هو أيضاً «رأس حربة» الحرب الأميركية ضد التيارات الأصولية الاسلامية المتشددة في منطقة جنوب شرق آسيا. كما أنه الزعيم الذي لعب دوراً محورياً في «تحرير» تيمور الشرقية من قبضة اندونيسيا بمباركة دولية ـ أميركية. ولا شك ان هذا الدور النشيط اسهم في وضع استراليا ورعاياها على روزنامة عمليات التيارات المتشددة، ومن ثم ترجمة ذلك في تفجيري جزيرة بالي المدمرين يوم 12 اكتوبر (تشرين الاول) 2002، حين سقط أكثر من 200 قتيل بينهم 88 استرالياً. انتخابات اليوم ستنهي في حال تغلب حزب العمال (يسار معتدل) المعارض على الائتلاف اليميني، المؤلف من حزب الأحرار والحزب الوطني، مسيرة هاوارد وما يمثله برنامجه السياسي سواء داخل حدود استراليا ـ التعددية، أو على الصعيدين الاقليمي والدولي. وسيعود حزب العمال الى الساحة ليفرض برنامجه الاقتصادي الداخلي شبه الاشتراكي، ويخفف من توتر العلاقات الراهنة مع جارات استراليا الآسيويات المسلمات، وعلى رأسها اندونيسيا وماليزيا. وكان هاوارد الذي طالما رمي في الماضي بأنه سياسي باهت، وجرى تجاوزه قبلاً في الترشح لرئاسة الحكومة، قاد حزب الأحرار المحافظ وحليفه اليميني الصغير الحزب الوطني الى أربعة انتصارات انتخابية عامة متتالية منذ عام 1996. وهذا انجاز غير مسبوق من حيث ثقله في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، الا مرتين عندما قاد الزعيم التاريخي روبرت منزيس الاحرار الى سبعة انتصارات وقاد بوب هوك العمال الى اربعة انتصارات.

أما اذا فاز الأحرار والوطنيون ـ وحتى اللحظة الكفتان متساويتان تقريباً ـ فان نهج هاوارد سيتعزز، وقد يعزز معه أيضاً فرص اعادة انتخاب حليفه الأكبر، الرئيس جورج بوش في الولايات المتحدة.

يواجه هاوارد في معركة اليوم مارك لايثام الزعيم العمالي الشاب، من مقاطعة نيو ساوث ويلز ـ كبرى المقاطعات الأسترالية ـ التي ينتمي اليها في الواقع زعماء الاحزاب الثلاثة الأكبر (العمال والأحرار والوطني).

* الزعيمان المتنافسان

* جون هاوارد ولد يوم 26 يوليو (تموز) عام 1939 في مدينة سيدني كبرى مدن استراليا، وعاصمة مقاطعة نيو ساوث ويلز، وتلقى علومه الجامعية في جامعة سيدني، حيث تخرج مجازاً في الحقوق. وهو متزوج من سيدة تعمل في حقل التدريس واب لبنت وولدين.

مارس هاوارد المحاماة بعد تخرجه عام 1961 قبل ان يدخل المعترك السياسي فعلياً ضمن حزب الأحرار المحافظ، الذي كان قد انجذب اليه ونشط في صفوفه منذ بلغ الثامنة عشرة من عمره، ثم صار حركياً في تنظيم الحزب ابان سنوات دراسته الجامعية.

عام 1974 انتخب نائباً عن مقعد دائرة بينيلونغ، في الضواحي الشمالية الغربية لسيدني، وما زال محتفظاً بهذا المقعد حتى اليوم.

وعام 1975 دخل الوزارة لأول مرة، وكان في الـ36 من العمر، متولياً حقيبة الاعمال التجارية وشؤون المستهلكين، ثم صار لمدة خمس سنوات وزيراً لشؤون المفاوضات التجارية الخاصة.

وعام 1985 اختير هاوارد زعيماً لكتلة حزب الأحرار البرلمانية، بعدما كان لفترة نائباً للزعيم، وبالتالي صار وجه المعارضة وقائدها، واحتفظ بهذا المنصب حتى 1989. لكنه استعاده في مطلع عام 1995. وفي العام التالي وتحديداً يوم 3 مارس (آذار) 1996 قاد الائتلاف اليميني بين الاحرار والوطنيين الى انتصار انتخابي انهى 13 سنة من الحكم العمالي. ومنذ توليه رئاسة الحكومة يوم 11 مارس 1996 انتهج سياسة محافظة اقتصادية ومؤيدة بقوة للولايات المتحدة في المسرح الدولي، وقاد الائتلاف الى ثلاثة انتصارات أخرى في الانتخابات العامة.

* مارك لايثام ولد مارك لايثام في احدى الضواحي التي تقطنها الطبقة العمالية بجنوب غرب مدينة سيدني يوم 28 فبراير (شباط) عام 1961. وتلقى علومه الجامعية في جامعة سيدني حيث تخرج مجازاً في الاقتصاد، وبعد التخرج عمل باحثاً في مكتب الزعيم العمالي ورئيس الوزراء اليساري السابق جف ويتلام. بعدها انتخب لايثام عضواً في المجلس البلدي عن مدينة ليفربول بضواحي سيدني الجنوبية الغربية، ثم انتخب رئيساً للمجلس البلدي عام 1991 وظل في هذا المنصب حتى عام 1994. ثم انتخب نائباً في البرلمان عن دائرة ويريوا (ضواحي سيدني) محتلاً المقعد البرلماني الذي احتله استاذه ويتلام بين 1952 و1978. عام 1996 اختير لايثام ليكون ضمن فريق «حكومة الظل» في واجهة مقاعد المعارضة متسلماً حقيبة التربية والتعليم، غير انه استقال من هذه المهمة بعد هزيمة العمال في انتخابات عام 1998 اثر خلاف حاد مع زعيم الحزب يومذاك كيم بيزلي، الا انه عاد الى فريق «حكومة الظل» بعد الهزيمة التالية عام 2001 ضمن فريق زعيم الحزب التالي سايمون كرين. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2003 خلف كرين متغلباً على بيزلي في معركة الزعامة وبات في سن الـ42 ثاني أصغر زعيم للحزب.

ومما يذكر عن حياة لايثام اصابته بسرطان الخصيتين عام 1994 وشفاؤه منه بعد تلقي العلاج اللازم.