دراسة لوزارة التربية دعمتها اليونيسف: مدارس العراق تفتقر إلى المستلزمات الأساسية للتعليم

TT

أكدت أول دراسة شاملة أجريت لوضع المدارس في «عراق ما بعد الحرب»، نفذتها الحكومة العراقية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» بداية العام الحالي، أن آلاف المرافق المدرسية تفتقر إلى المستلزمات الأساسية اللازمة لتوفير التعليم اللائق لأطفال العراق. وتظهر الدراسة التي أطلقت نتائجها هذا الأسبوع وزارة التربية العراقية وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخه منها، أنّ ثلث المدارس الابتدائية في العراق تفتقر تماما إلى مصادر تجهيز المياه، وأن حوالي نصفها لا توجد فيه مرافق صحية على الإطلاق. وأظهرت الدراسة ان المحافظات العراقية الأكثر تضررا هي ذي قار وصلاح الدين وديالي، حيث أن أكثر من 70 في المائة من مباني المدارس الابتدائية فيها اما أنها تفتقر تماماً إلى مصادر تجهيز المياه، او أن شبكة المياه الموجودة فيها معطّلة عن العمل. وكشفت الدارسة أيضاً أنه برغم كل الصعوبات، فإن معدل الالتحاق الكلي بالمدارس ارتفع ارتفاعاً كبيراً خلال العام الدراسي الماضي. ولكن الدراسة المسحية تُظهر أيضاً أن عدد المباني المدرسية المناسبة غير كاف لمواكبة الطلب المتزايد على التعليم. ويلتحق حاليا نحو 4.3 مليون طفل عراقي بالمدارس الابتدائية، مرتفعاً من 3.6 مليون طفل في عام 2000، وهي السنة الأحدث بالنسبة لتوافر البيانات قبل إجراء هذه الدراسة. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، إلا أن المدارس لا تحتوي على المقاعد والكراسي المدرسية وغرف الدراسة الكافية مما اضطر الكثير من المدارس إلى مضاعفة عدد الطلبة فيها، وأصبح ربع المدارس الابتدائية كلها في العراق يعمل بنظام الفترتين أو الثلاث فترات في اليوم، الأمر الذي يعني خفض مدة الحصة الدراسية في كل فترة.

ومع أن هناك في الواقع أكثر من 14.000 مدرسة ابتدائية في العراق، إلا أن عدد المباني المدرسية المتوفرة فعلياً هو 11.368 مدرسة فقط لاستقبال ذلك العدد من الطلبة الملتحقين، وحوالي 2.700 مدرسة من هذه المدارس الموجودة فعلاً بحاجة إلى عملية إصلاح وإعادة تأهيل شامل. وقد صرَّح روجر رايت، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة في العراق قائلاً: «كان نظام التعليم في العراق واحدا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط. ولكننا نملك اليوم دليلا واضحا على مدى تدهور هذا النظام. ففي الوقت الحاضر، يتلقى ملايين الأطفال في العراق تعليمهم في مدارس تفتقر إلى الخدمات الأساسية مثل شبكات مياه الشرب أو الصرف الصحي، وتعاني من جدران متداعية ونوافذ محطمة وناضح في السقوف. إن نظام التعليم برمته يعاني من الإرباك والأعباء. وعزا رايت هذا التدهور الى الإهمال وضعف التمويل أثناء حقبة العقوبات التي دامت أكثر من عقد كامل، والأثر الذي خلّفته 3 حروب ابتداء من الحرب الإيرانية ـ العراقية. وتذكر الدراسة أنَّ ما يزيد على 700 مدرسة ابتدائية لحقت بها الأضرار جرَّاء القصف - ثلثها في بغداد، وأنّ أكثر من 200 مدرسة احترقت وما يزيد على 3000 مدرسة نُهِبَت في الفترة التي اعقبت مارس (آذار) 2003. وأضاف رايت «إن نظام التعليم الحالي يحرم الأطفال بصورة كبيرة من الحصول على تعليم لائق، اذ ان تردي البيئة التعليمية يُسدِّد ضربة كبيرة للأطفال، في حين يُوجّه «اليوم المدرسي المختصر ضربة أخرى إليهم».

ووفقاً للدراسة، فإن المدارس الابتدائية في محافظة البصرة هي الأكثر اكتظاظاً، حيث تشترك أكثر من 600 مدرسة ابتدائية في المباني. وقامت هذه الدراسة، بجمع البيانات عن الطلبة والمعلمين، وأحوال وظروف مباني رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية، ومدارس اليافعين (البديلة)، والمدارس المهنية ومعاهد التعليم العالي في العراق. وقد غطَّت الدارسة 20.000 مدرسة ومعهد. وأظهرت الدراسة أنّ من بين 4.3 مليون طفل مسجلين في المدارس الابتدائية في العراق، هناك 2.4 مليونا من الصبيان و1.9 مليون من الفتيات، وهي نسب مماثلة لما كانت عليه قبل الحرب على العراق. فالتحاق الفتيات كان أدنى من التحاق الصبيان في كل صف دراسي وفي كل محافظة، ففي محافظة واسط، بلغت نسبة الفتيات الملتحقات 39% فقط من مجموع الطلبة المسجلين. وقد سجل معدل التحاق الفتيات أعلى مستوياته في محافظتي بغداد والسليمانية، حيث بلغ أكثر من 46% من الطلبة المسجلين. وفي مَعْرض تعليقه على ذلك، قال رايت: «يتعيَّن الارتقاء بمستوى الإنصاف بين الجنسين بصورة عاجلة».