قمة طرابلس ترفض «التدخل الأجنبي» في دارفور وتدعو حركتي التمرد للتوقيع على البروتوكول الإنساني

تفويض القذافي للقيام باتصالات مع المتمردين للمساعدة في تخطي الهوة بين كل الأطراف

TT

أعلنت القمة الأفريقية في طرابلس في ختام أعمالها ليل أول من امس «رفض أي تدخل أجنبي في قضية دارفور باعتبارها افريقية صرفة»، ودعت حركتي التمرد في دارفور الى التوقيع بدون تأخير على البروتوكول الإنساني الذي تم التوصل اليه خلال الجولة الاخيرة من المفاوضات في ابوجا في سبتمبر (ايلول) الماضي.

وأوصت القمة في بيانها الختامي على «الالتزام بسيادة السودان واستقلاله ووحدته وسلامة اراضيه» وكذلك «التشديد على اهمية عدم التدخل في شؤونه الداخلية بشكل يعرقل الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والامن في كافة ربوع السودان» مرحبة بالتقدم الذي احرز في نيفاشا الذي اعتبرته تمهيدا «للتوصل الى اتفاق السلام النهائي باعتبار ذلك خطوة هامة نحو تحقيق السلام الشامل في انحاء السودان بما في ذلك دعم جهود التسوية اللازمة في دارفور».

وشارك في اللقاء الذي عقد برعاية وحضور الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ورؤساء مصر حسني مبارك وتشاد ادريس ديبي والسودان عمر البشير ونيجيريا اوليساغون اوباسانجو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي.

وقال ماجد عبد الفتاح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، انه تم تفويض القذافي الذي يستضيف اجتماع القمة، بالقيام باتصالات مع المتمردين للمساعدة في تخطي الهوة بين كل الاطراف من اجل التوصل الى حل.

اما وزير الخارجية النيجيري اولو ادينيجي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي، فقال ان القمة رحبت «بقرار حكومة السودان بزيادة عدد وتوسيع مهام بعثة المراقبين التابعة للاتحاد الافريقي والقوات المخصصة لحمايتها».

وأوضح ان مشاورات جرت مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من اجل تقديم مساعدة لوجستية ومالية لهذه القوة الافريقية. وتابع قائلا ان «الاميركيين وافقوا على تقديم طائرات لنقل القوات، كما وافق الاتحاد الافريقي على تقديم مساعدة مالية ولوجستية».

وناشدت القمة «كافة الدول الافريقية بتقديم المزيد من الدعم والمساندة للاتحاد الافريقي والتقدم باسهاماتها في هذا الصدد».

وطالب المجتمعون «المجتمع الدولي بتنفيذ تعهداته على الفور ازاء دعم هذه البعثة سواء من الناحية المالية او اللوجستية».

وحثت القمة على «توقيع بروتوكول تحسين الوضع الإنساني والاسراع بالتوصل لاتفاق حول بروتوكول تعزيز الوضع الامني في دارفور وفقا لاتفاق نجامينا ومقرر القمة الافريقية المؤرخ في 8 يوليو (تموز) 2003 والتوقيع عليه خلال جولة المفاوضات المقبلة المقررة في ابوجا في 21 اكتوبر (تشرين الاول) 2004 ».

ورحبت القمة بـ«قيام الحكومة السودانية بتنفيذ الالتزامات التي اخذتها على عاتقها وفقا للاتفاق الموقع مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في الخرطوم في 3 يوليو 2004 وخطة العمل الموقعة مع الممثل الشخصي للامين العام في السودان في 5 أغسطس (اب) 2004 والاعراب عن الامل في ان تتخذ الحكومة السودانية الاجراءات التي يطالب بها قرارا مجلس الامن 1456 (2004) و1564(2004).

وأشاد وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل بنتائج هذه القمة التي كما قال «وجهت رسالة الى الاسرة الدولية تؤكد فيها ان افريقيا تريد تحمل كامل مسؤولياتها وترفض اي تدخل اجنبي». اما المتحدث باسم الرئاسة المصرية ماجد عبد الفتاح فاعتبر ايضا ان الاسرة الدولية مدعوة الى «تقديم مساعدة للسودان لمساعدته على الايفاء بتعهداته بموجب قرارات الامم المتحدة حول دارفور بدل ممارسة ضغط عليه الحكومة السودانية وتوجيه تهديدات له». واشار البيان الختامي للقمة انها «كلفت وزراء الخارجية بتشكيل آلية لمتابعة الجهود المبذولة على الارض وفي اطار الاتحاد الأفريقي». ورحبت مصر باستضافة اول اجتماع لهذا الالية في القاهرة.

وكان قرار مجلس الامن 1564 الصادر في 18 سبتمبر (ايلول) الماضي هدد بفرض عقوبات نفطية على السودان في حال لم ينفذ تعهده بإقرار الأمن في دارفور.

ويطالب المجتمع الدولي الخرطوم بنزع سلاح ميليشيات الجنجويد التي تهاجم المتمردين في دارفور. واعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة الماضي ان 70 الفا قتلوا في دارفور منذ مارس (اذار) الماضي بسبب المرض وسوء التغذية.

وقال ديفيد نابارو المكلف بادارة الازمات في منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحافي عقده في جنيف «لا نستطيع ان نجد الموارد اللازمة للتعامل مع الموقف بالشكل الملائم وخفض عدد الضحايا الى مستوى مقبول».

وقال وزير خارجية نيجيريا الذي ترأس بلاده حاليا الاتحاد الأفريقي ان اجتماع القمة يدعو «كل الدول الافريقية كي تساهم بقوات وايضا المجتمع الدولي كي يساعد الافارقة باعطائهم الدعم اللوجستي والمالي».

ويتهم المتمردون الخرطوم بتجاهل دارفور، وهي منطقة شاسعة وقاحلة شهدت مناوشات بين المزارعين الافارقة والعرب من البدو الرحل صراعا على الموارد الشحيحة. ويقول المتمردون ان السودان دعم الميليشيا العربية المعروفة باسم الجنجويد لمهاجمة قرى غير العرب وقتل سكانها.

وقال وزير الخارجية التشادي ناجوم ياماسوم في طرابلس «من الضروري ممارسة ضغط على الجانبين المتمردين والحكومة لانه من دون ضغط لن يمكننا التوصل الى اي حلول».

ويعتبر المتمردون الذين يشكون من تشاد ومصر لانهم يعتبرونهما متحيزتين للسودان، ليبيا طرفا محايدا يمكن ان يلعب دورا في حل النزاع. ويرى المتمردون ايضا ان نيجيريا وسيط امين. وعلى الرغم من عدم حضور اجتماع القمة سافر متمردو دارفور الى طرابلس بناء على دعوة من القذافي الذي قالوا انه يريد الاستماع الى مخاوفهم.

اما حركتا التمرد «حركة تحرير السوان» و«حركة العدل والمساواة» فلم تدعوا الى المشاركة في القمة، لكن وفديهما موجودان في طرابلس منذ اسبوعين تقريبا لاجراء محادثات مع المسؤولين الليبيين. وقال إبراهيم ادريس ازرق المتحدث باسم حركة العدل والمساواة «جئنا الى طرابلس لنعرض على القيادة الليبية وجهة نظرنا على امل التوصل الى موقف غير منحاز من قبل الدول المشاركة في القمة».