بيروت ترجح استقالة الحكومة اليوم أو غدا ودمشق تنتظر من جنبلاط «موقفا إيجابيا»

TT

توقع مصدر مطلع على أجواء اللقاءات الثلاثة التي عقدت بين رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، أن يصار إلى حسم الوضع الحكومي غداً الاربعاء أو بعد غد الخميس على أبعد تقدير، في حال لم يطرأ ما يستدعي إرجاء هذه العملية إلى وقت آخر، بحيث يقدم الحريري استقالة حكومته ليبدأ بعدها رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف الذي يقوم بدوره بجولة الاستشارات لتأليف الحكومة العتيدة، فيما ذكرت معلومات أن استقالة الحكومة التي كانت مرجحة خلال ثماني وأربعين ساعة، لم تتم أمس لسبب وجيه وهو اضطرار الحكومة للمثول أمام مجلس النواب الذي يعقد جلسة عامة مع بدء دورته العادية، وبالتالي فإن الحكومة لا يمكنها المثول وهي مستقيلة. وبما أن جلسة مجلس النواب ليوم واحد، يمكن تأجيل الاستقالة لحين انتهاء الجلسة. ووفقاً لهذه المعلومات، يتوقع أن يتقدم الرئيس رفيق الحريري باستقالة حكومته مساء اليوم عقب انتهاء جلسة مجلس النواب، لتبدأ بعدها الاستشارات النيابية الملزمة للتأليف والتكليف.

وكشف المصدر المطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيسين لحود والحريري انطلقا في محادثاتهما من إعراب كل منهما عن الرغبة في التعاون مع الآخر وفتح صفحة جديدة في العلاقات والتعامل، أساسها الاحتكام إلى المؤسسات والابتعاد عن المصالح الشخصية والحسابات الضيقة، تمهيداً للقيام بعملية إصلاح واسعة تزيل المحسوبيات ومنطق الحصص المعشش في الإدارة اللبنانية.

ويوضح المصدر المطلع أن ما يجري الآن بين الرئيسين لحود والحريري هو البحث الجاد في تكوين مناخ التعاون ووضع أسس متينة له حتى لا يتعرض لأي اهتزاز عند أول مطب أو استحقاق سياسي أو مطلبي مهما كان نوعه.

ويقول المصدر في هذا الصدد إن إعلان الرئيس لحود أكثر من مرة أن يده ممدودة للجميع، والموجه في الأساس إلى معارضي التمديد له، لا بد أن يشمل أولاً «أهل البيت» ومن وقف إلى جانب التمديد في لحظة سياسية حرجة، وإن كانت توجهاته السابقة صنفته من أشد المعارضين لهذا الخيار.

وفيما يجزم المصدر أن البحث في عملية تشكيل الحكومة الجديدة بين لحود والحريري لم يدخل في التفاصيل كما صُوَّر في وسائل الإعلام، يوضح أنه جرى التشاور حول إطار هذه الحكومة وعدد أعضائها، لافتاً إلى أنه وتوخياً للدقة يفيد بأن الحديث أتى عرضاً على ذكر اسمين أو ثلاثة من المرشحين لدخولها.

ويخلص المصدر المطلع إلى القول إن نظرة إلى واقع الأمور وتطورات الأحداث بدءاً من القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن مع التوقف عند الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد، لا بد أن تؤدي إلى الإقرار بأن الحكومة المقبلة، في حال تولى الحريري تشكيلها، لن تكون بالتأكيد حكومته بالمعنى الضيق للعبارة، ولا حكومة أي طرف آخر، بل ستكون حكومة معروفة التوجه عنوانها التكاتف والتآزر مع سورية وصون وحدة المسار والمصير بين البلدين ومواجهة كل الضغوط وما يخطط له لنسف هذا الإطار.

من جهة أخرى، تستمر المحاولات لترطيب الأجواء بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والقيادة السورية التي أبدت استياءها الشديد من مواقفه المعارضة للتمديد للحود ومطالبته له بالاستقالة والتعاون مع «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض في هذا الصدد.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الزيارة التي قام بها جنبلاط للحريري مساء أول من أمس يرافقه الوزير السابق النائب غازي العريضي، تندرج في إطار مساعي التهدئة، والتي لاقاها جنبلاط بالامتناع عن التعليق على خطاب الأسد، وعن إطلاق أي موقف انتقادي حول أمور سياسية محلية، والانصراف إلى «فترة تأمل وتفكير»، كما قال قريبون منه. وقد أطلع الحريري جنبلاط على سير محادثاته مع لحود، مبدياً ارتياحه لما تحقق على هذا الصعيد حتى الآن، فيما أبلغ مصدر سوري مطلع «الشرق الأوسط» أن دمشق، التي تشجع على اعتماد أجواء التهدئة في لبنان بين أهل الحكم وسائر الأطراف فيه، تنتظر من النائب جنبلاط ما يشير إلى تبدل في معارضته الانضمام إلى الحكومة المنوي تشكيلها، ورفضه حتى المشاركة في الاستشارات النيابية الخاصة بها.

وقد عقد «اللقاء الديمقراطي» البرلماني الذي يرأسه جنبلاط اجتماعاً مساء أمس للتداول في الأوضاع الراهنة والموقف من الوضع الحكومي.

وفي هذا الإطار، أعلن الوزير المستقيل النائب فارس بويز عدم مشاركته في الاستشارات النيابية المتعلقة بتشكيل حكومة جديدة، مكرراً القول إن التمديد «كان فصلاً من الفصول، وهو جزء من مشروع»، مشيراً إلى «أن هذا المشروع يتطلب حكومة التحدي واللون الواحد وحكماً شبه بوليسي يلغي الديمقراطية تحت عنوان مقتضيات الظرف، وحكومة قمعية تمهد لقانون انتخابات أسوأ بكثير من الذي عرفناه».

وتوقع بويز، الذي يغادر إلى باريس في إطار جولة أوروبية «أن تذهب الأمور من السيىء إلى الأسوأ»، لافتاً الى «اننا في أزمة داخلية وأزمة مع الخارج».

وحذر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» وزير التنمية الإدارية كريم بقرادوني من «التباطؤ في تشكيل الحكومة الجديدة ومن مخاطر ربط ولادتها بما يجري في مجلس الأمن وتداعيات القرار 1559»، لافتاً إلى حاجة البلاد إلى «صدمة إيجابية على مستوى الرأي العام». ودعا الرئيس الحريري إلى تقديم استقالته على الفور إفساحاً في المجال أمام تشكيل حكومة جديدة.

من جهته، توقع النائب بطرس حرب تكليف رئيس الحكومة السابق عمر كرامي بتأليف الحكومة المقبلة «بعد الحديث عن عدم نجاح المباحثات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».

وطالب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي بعد زيارته رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني على رأس وفد من الحزب، بـ«الإسراع بتشكيل حكومة ذات رؤية مستقبلية واضحة وبرنامج سياسي ـ إنمائي ـ اجتماعي غير قابل للتأويل». وكان اللافت امس الى انه لم يصدر عن اجتماع كتلة جنبلاط، أي بيان خلافا لما كان اعلنه عدد من اعضاء اللقاء عن اتجاه لمقاطعة الاستشارات النيابية بشأن تشكيل الحكومة، الأمر الذي اعتبر تعزيزا لمساعي التهدئة التي يعمل لها اكثر من فريق.