هل صار كبير مخططي حملة الرئيس بوش عبئا على الجمهوريين ؟

TT

نظم كبير مخططي حملة الرئيس جورج بوش، كارل روف، قبل عدة اشهر من هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، جلسات استشارية مع مسؤولي البيت الابيض طرح فيها مخططا للتحضير لاعادة انتخاب الرئيس عام 2004. ووفق هذا المخطط يكون لزاما على الحزب الجمهوري ان يحسن من ادائه بين السود والهسبان (الاميركيون المتحدرون من اميركا اللاتينية) والكاثوليك والنقابات والعاملين في عالم التكنولوجيا.

وقد فاز بوش بنسبة 8 % من اصوات الاميركيين السود، واكد روف على ضرورة ان يدفع هذه النتيجة الى نسبة اعلى. وقدم مكتبه المعروف باسم «المبادرات الاستراتيجية» بطاقات ملونة مكسوة بصفائح، وهذا كي لا ينسى مساعدوه الاهداف المناطة بهم.

كانت تلك الجهود التي بذلها روف في بداية حكم بوش دلالة مبكرة على انه بالرغم من وجود عدد من المخططين لحملة 2000 الانتخابية، فإن روف، من بين كل المسؤولين الاخرين، هو الذي سيقطف المديح او الذم على نتائج انتخابات 2004 .

وبالعودة الى تلك الفترة فإن روف لم يجاهد كي يحقق فوزا مقنعا بل خلق اغلبية جمهورية دائمة.

والان وقبل حلول الانتخابات بأسبوعين يبدو ان حملة بوش ـ تشيني تتمنى فقط تحقيق اغلبية ولو بصوت واحد، وتهدف الى تحقيق هذا الهدف عن طريق استنهاض اي بروتستانتي واي مالك لبندقية او مزرعة او بيت من الجمهوريين الموثوق بهم. ويبدو ذلك وكأنه عكس ما حلم به روف.

وتظهر نتائج استطلاعات الرأي الآن ان بوش ليس على مسافة مطمئنة من خصمه الديمقراطي وان اغلبية الناخبين يرون ان الولايات المتحدة تسير باتجاه مغلوط. وبمواجهة هذه الحقائق الكئيبة بدأ بعض الجمهوريين البارزين يتساءلون عما ان كانت حظوظ روف قد وصلت الى نهايتها، وإن كان بعضهم يؤمن بأنه سيتمكن من قلب الموائد السياسية في اللحظات الأخيرة.

وقد كان على روف ان يعيد تنظيم سياسات الحزب بسبب الطريقة التي تعامل الرئيس بوش وفقها مع العراق، وبسبب ان بوش لم يبذل اي جهد معتبر حول قضايا مهمة مثل البيئة التي قد تجتذب مناطق انتخابية محسوبة على الديمقراطيين.

وبدلا من ذلك تماشى بوش مع المحافظين في كل شيء ابتداء من دعمه لهم في المطالبة بإجراء تعديل على الدستور يمنع الزواج بين المثليين الى الحديث المستمر حول اجراء استقطاعات في الضرائب. والانتقاد الاساسي الموجه لاستراتيجية روف من داخل حزبه، وخارجه، هو ان ادارة البيت الابيض محكومة بطبيعة انقسامية، في وقت كان بوسع بوش استخدام شعبيته بعد هجمات 11 سبتمبر لكسب الناخبين المتأرجحين وحتى الاميركيين السود.

والجمهوريون لا يناقشون هذه القضية علنا لأنهم ـ طبيعيا ـ يأملون في فوز بوش، اضافة الى ان السلطة التي يمتلكها روف تجعلهم مترددين في تجاوزه. وقال مسؤول جمهوري يعمل في الحملة الانتخابية: «هذا الوضع يربكني. لو لم يكن لديهم هجمات 11 سبتمبر لكان بوسعك ان تفهم موقعنا لانك تستطيع ان تقول آنذاك ان بوش لن يستطيع الخروج من الغيوم التي خلفتها الانتخابات السابقة وما اثارته من خلافات وشكوك عن صحة نتائجها. لكن كانت بأيديهم فرصة لم تتوفر لأي رئيس من قبل».

مع ذلك، فإن الكثيرين يحملون روف مسؤولية المآزق التي يمر بها بوش حاليا. فالكثيرون يرون انه ليس الشخص الذي يمتلك الخبرة لاخراجه من تلك المآزق. وروف يحمل لقبا وظيفيا مخادعا يتمثل في كونه مستشارا للرئيس. لكنه في الحقيقة يمتلك سلطات واسعة اكبر من سلطات اي مسؤول يعمل في الجناح الغربي للبيت الابيض. فهو يشرف ايضا على كل التفاصيل المتعلقة بحملة بوش ـ تشيني المخصص لها مبلغ 259 مليون دولار، وهذا ابتداء من ملء الوظائف بالعاملين الشباب الموالين له في الحملة الانتخابية بدلا من استخدام الجمهوريين القدامى، وانتهاء بالاشراف على قصاصات الجرائد الصغيرة المنتشرة في شتى انحاء البلد.

ويقول رئيس الحملة الانتخابية في جنوب شرقي الولايات المتحدة، رالف ريد الذي عمل في سبع حملات انتخابية رئاسية، ان لروف قدرة فريدة تتمثل في «تلمس اهمية الدوائر الانتخابية الجديدة مثلما فعل فرانكلين روزفلت مع تزايد عدد الناخبين المنتمين الى النقابات والتحول في طبيعة تصويت الاقليات». ويضيف: «انه يفهم ان السياسات تصاغ من خلال كيانات سكانية واسعة مثل تقدم السن بين الناس والهجرة وتزايد اعداد الجماعات العرقية والنقابات والاتحادات والديانات». وروف، الخبير في التاريخ السياسي وتفاصيله، قد كرس تقليدا يتضمن قدرا من الغموض. فهو نادرا ما يعطي مقابلة مسجلة ولا يبذل جهدا لتقويض القناعة السائدة بأنه مسؤول عن كل شيء يجري في اي فرع تنفيذي خاص بالحملة الانتخابية. ومن وجهة نظر بعض المؤيدين فإن فكرة انه «عقل بوش»، مثلما اطلق عليه كتاب عن سيرة حياة الرئيس صدر في عام 2003، هو ما ألحق ضررا بحظوظ الجمهوريين.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»