الجنرال سانشيز اشتكى للبنتاغون: تجهيزاتنا بائسة والقدرات القتالية لقواتنا في العراق مهددة

TT

اشتكى أعلى قائد عسكري اميركي في العراق الى وزارة الدفاع (البنتاغون) الشتاء الماضي، من ان وضع تجهيزات قواته كان بائسا الى درجة هددت قابلية هذه القوات على القتال.

ووفقا لوثيقة رسمية لم يفصح عنها الا الآن تضمنت هذه الشكوى، فان النقص في الأدوات الاحتياطية لأسلحة ضرورية لخوض العمليات القتالية مثل الدبابات وطائرات الهليكوبتر تسبب في مشاكل حادة جدا، حسبما كتب الجنرال ريكاردو سانشيز في رسالة الى كبار المسؤولين في الجيش وقال فيها: «لا يمكنني الاستمرار في دعم العمليات القتالية في اطار معدلات بهذا الانخفاض».

وقال مسؤولون كبار في الجيش ان معظم القضايا التي اثارت قلق سانشيز قد جرت معالجتها في الاشهر الاخيرة، ولكنهم يواصلون متابعة المشاكل التي شخصها. وقال سانشيز في رسالته: ان وحدات الجيش العاملة في العراق كانت تصارع من اجل الحفاظ على مستويات استعدادها التي كانت متدنية في مجال أنظمة قتالية رئيسية، مثل دبابات «ابرامز إم 1» وعربات برادلي القتالية والرادارات المضادة لقذائف المورتر وطائرات الهليكوبتر من طراز بلاك هوك.

وأضاف ان الوحدات كانت تنتظر تقريبا 40 يوما للحصول على الأدوات الاحتياطية الضرورية، وهو ما يعادل ثلاثة امثال الوقت الاعتيادي في الجيش. وفي بعض مستودعات التجهيز للجيش في العراق كان هناك غياب بنسبة 40 في المائة في الأدوات الاحتياطية في رفوف المستودعات. وفي رسالته المؤرخة يوم الرابع من ديسمبر (كانون الاول) الماضي، التي أرسلت نسخ منها الى كبار المسؤولين في الجيش، أشار القائد العسكري الى أن الجنود كانوا ما يزالون بحاجة الى ما ينجز تحديث 36 الف مدرعة، ولكن تسليمها تأجل مرتين في الشهر الذي سبق كتابته الرسالة، وفي حينه كان عدد القوات الأميركية في العراق يبلغ 131 الفا. وقال «لم يرد سانشيز، منذ ان عاد الى قاعدته الدائمة في المانيا، على اتصالاتنا الهاتفية ورسائلنا الالكترونية التي سعينا من خلالها الى الحصول على تعليق منه حول الموضوع». وقد ظهرت رسالته بعد تصريحات متكررة من الرئيس الأميركي جورج بوش بأنه عازم على تأمين كل ما تحتاجه القوات الأميركية من أجل انجاز مهماتها في العراق.

وحصلت «واشنطن بوست» على نسخة من رسالة سانشيز عبر شخص مطلع على الأوضاع، شعر بالفزع من أن القوات في الخط الأمامي لم يجر تجهيزها على نحو كاف. ولا يتفق هذا الشخص أيضا مع معالجة ادارة الرئيس بوش للوضع في العراق، ولكنه قال ان ذلك ليس جزءا من دافعه لتسليم الوثيقة.

وجاء الكشف عن رسالة سانشيز أيضا في أعقاب تعليقات أدلى بها مؤخرا الحاكم المدني السابق في العراق بول بريمر وجاء فيها انه يعتقد ان مزيدا من القوات كان ضروريا في العراق وكان قد طلب من إدارة بوش إرسال هذه القوات.

وقال الرائد كلود كريستيانسون، كبير ضباط التجهيزات اللوجستية في البنتاغون، ان مشاكل الجاهزية في العراق بلغت ذروتها الخريف الماضي ولكنها عولجت الى حد كبير. واعتبر ان سببها يرجع الى مشاكل في خطوط التجهيز وكذلك التقدم السريع غير المتوقع في العمليات القتالية عندما تصاعد التمرد العام الماضي وبدأ المتمردون، على نحو مفاجئ، يستخدمون أسلوب زرع وتفجير القنابل على الطرق الجانبية، وهو ما أدى بالقوات الأميركية الى استخدام دباباتها ومدرعاتها بمعدلات اعلى من المتوقع.

وقال كريستيانسون ان «الدبابات تعمل على ما يتراوح بين ثلاثة الى أربعة آلاف ميل سنويا»، ملاحظا ان ذلك يعادل خمسة امثال عملها عند استخدامها في عمليات التدريب في قواعدها في البلاد. وقال موتسيك وهو من قيادة تجهيزات الجيش، انه بسبب كثافة العمليات الأخيرة انخفض معدل جاهزية الدبابات مؤخرا من 95 الى 83 في المائة.

كما أن معدلات الجاهزية انخفضت عموما أيضا في الربيع الماضي عندما دمر المتمردون سبعة جسور على امتداد طريق التجهيز الرئيسي من الكويت الى بغداد، مما أدى في بعض الحالات الى توقف التجهيزات لأيام عدة وفقا لما قاله كريستيانسون.

ولكنه أكد ان أوضاع التجهيز تحسنت منذئذ وأن سرعة تقدم العمليات القتالية الأميركية ظلت عالية. وتبلغ فترة انتظار الأدوات الاحتياطية الضرورية في العراق الآن حوالي 24 يوما، وهو ما يعادل نصف فترة الانتظار في الوقت الذي كتب فيه سانشيز رسالته.

وأفاد كريستيانسون بان سانشيز لم يرسل سوى تحذير واحد من ذلك النوع من العراق، وقال «انه الشيء الوحيد الذي تسلمناه من ريكاردو مما له علاقة بالجاهزية». وأضاف انه لم يصدم بالرسالة لأن المسؤولين عن القضايا اللوجستية في الجيش كانوا على دراية بالمشاكل، وقد اتفقوا مع تقييم سانشيز لتلك المشاكل واتخذوا خطوات لمعالجتها.

وقال موتسيك ان جاهزية أنظمة المعارك البرية مثل الدبابات وعربات برادلي المدرعة تبقى مصدر قلق ولكنها لم تعد مشكلة يتوجب حلها على أساس «الطوارئ»، ارتباطا بشحن الأدوات الاحتياطية جوا. وأضاف «نحن الآن في مرحلة شحن المواد بحرا وهو اقل كلفة»، مشيرا الى ان السبب الرئيسي في ذلك يعود الى ان القدرة على انتاج العربات قد اتسعت لتلبية التصاعد غير المتوقع في الطلب بسبب القتال في العراق.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»