إيران تختبر نسخة أكثر دقة من صاروخ «شهاب 3» يصل إلى قواعد أميركية في الخليج

طهران تؤكد تصميمها على تخصيب اليورانيوم لإنتاج الوقود النووي «لمحطات نووية مقبلة»

TT

اعلنت ايران انها جربت اطلاق صاروخ من طراز «شهاب 3» بعد تعديله ليصير أكثر دقة في اطار سلسلة من التطويرات للصاروخ الذي يعتقد بأنه قادر على الوصول الى اسرائيل وقواعد أميركية في الخليج. يأتي ذلك فيما جدد المسؤولون الايرانيون عزمهم على تخصيب اليورانيوم لانتاج الوقود الضروري لما سموه «محطاتهم النووية المقبلة»، وذلك عشية اجتماع مصيري مع ثلاث دول اوروبية ستطلب من طهران التخلي عن هذه النشاطات.

وكانت ايران قد أعلنت في وقت سابق هذا الشهر أنها زادت مدى الصاروخ الى الفي كيلومتر، وهو مدى يغطي اجزاء من جنوب أوروبا. وكان الخبراء العسكريون يعتقدون من قبل ان الصاروخ قادر على اصابة أهداف على مسافات لا تتجاوز 1300 كيلومتر.

وقال وزير الدفاع الإيراني، علي شمخاني، في تصريحات للصحافيين بعد الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء «اختبرنا اطلاق نسخة أكثر دقة من الصاروخ شهاب 3 في وجود مراقبين». وكان الصاروخ «شهاب 3» قد دخل الخدمة في الحرس الثوري الايراني في يوليو (تموز) عام 2003 وهو قائم على الصاروخ الكوري الشمالي «نودونج ـ 1» ومعدل بتكنولوجيا روسية. وتصر ايران على أن صواريخها مكرسة لأغراض دفاعية وأنها ستستخدم لصد أي هجوم اميركي أو اسرائيلي على منشآتها النووية.

وقال الخبير العسكري الاسرائيلي عوزي روبين، وهو الرئيس السابق لبرنامج الدفاع الصاروخي الاسرائيلي «آرو»، ان «سياسة الاعلان عن التجارب الصاروخية التي تتبعها ايران هي جزء من عملية منسقة لاستعراض القوة». وتابع «ما يثير الاهتمام هنا هو غياب أي ذكر لزيادة مدى «شهاب 3». ان التركيز على دقة الصاروخ، وليس مداه، يعكس قلقا متزايدا في طهران من نتائج زيادة مدى الصاروخ على علاقاتها بالاتحاد الأوروبي». ويسعى دبلوماسيون أوروبيون لعقد صفقة مع طهران لتشجيعها على التخلي عن تخصيب اليورانيوم لنزع فتيل نزاع حول ما اذا كانت طهران تسعى لصنع أسلحة نووية وانها تحتاج الى صواريخ متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. وصعدت اسرائيل في الاونة الاخيرة الضغوط على ايران من خلال الاعلان عن شراء قنابل تستهدف منشآت تخصيب اليورانيوم الموجودة تحت الارض في الجمهورية الاسلامية.

الى ذلك، جدد المسؤولون الايرانيون عزمهم على تخصيب اليورانيوم لانتاج الوقود الضروري لما سموه «محطاتهم النووية المقبلة»، وذلك عشية اجتماع مصيري مع ثلاث دول اوروبية ستطلب من طهران التخلي عن هذه النشاطات.

وقال الرئيس الايراني محمد خاتمي، لدى خروجه من اجتماع لمجلس الوزراء، «اذا اردنا انتاج سبعة او عشرة الاف ميغاوات من الكهرباء النووية فلا يمكننا ان نعتمد على الاخرين للحصول على وقود محطاتنا النووية لانهم قد يعدلون في اي وقت عن امدادنا بالوقود». واضاف «لا بد ان نتمكن من انتاج وقودنا بأنفسنا».

وأضاف خاتمي «نحن مستعدون للتعاون ونعتبر ان الحوار والمفاوضات هما السبيلان الوحيدان للتوصل الى تفاهم». وتابع «اذا تم الاعتراف بحقنا وقبلوا بفكرة قيام ايران بنشاطات نووية سلمية سنوافق على كافة الآليات التي تضمن عدم تحول برنامجنا الى انتاج القنبلة النووية».

من جهته، شدد حسين موسويان، المسؤول الكبير في المجال النووي الإيراني، على تصميم طهران على تخصيب اليورانيوم لانتاج الوقود الضروري، مبديا في الوقت نفسه استعداده لقبول عروض دول اوروبية او الولايات المتحدة تزويد ايران بالوقود. وقال «يجب ان نتمكن من انتاج جزء من وقودنا في ايران، لكن هذا لا يعني اننا نرفض الوقود الذي تعرضه الدول الاوروبية وحتى الولايات المتحدة». واوضح «سنضطر الى شراء جزء من وقودنا من الخارج، لكن انتاج الوقود في ايران اقل كلفة بكثير».

وأضاف موسويان «نشدد على حقنا الشرعي في تخصيب اليورانيوم، ويقول الاوروبيون انهم سيزودوننا بالوقود والمفاعلات النووية لاننا، على حد قولهم، قد نستخدم التخصيب لانتاج قنبلة، لكن هذا امر غير مقبول بتاتا». وتشارك ايران اليوم في اجتماع بفيينا مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا والمانيا يتوقع ان تُقدَّم فيه اقتراحات جديدة الى طهران لوقف نشاطها النووي بحسب ما كان اعلن موسويان. واستنادا الى المصادر فان باريس وبرلين ولندن على استعداد لتزويد ايران بالتكنولوجيا النووية لاغراض مدنية، بما فيها المساعدة للحصول على مفاعل يعمل بالمياه الخفيفة، اذا اثبتت طهران انها لا تسعى للحصول على اسلحة نووية.

ولانتاج الوقود يتعين على ايران تخصيب اليورانيوم بنسبة 5.3%. وقد وافقت طهران في نهاية 2003 على تعليق عملية التخصيب لتبرهن للمجتمع الدولي على حسن نيتها. لكنها تراجعت في يونيو (حزيران) الماضي عن قرار تعليق انتاج آليات الطرد التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم بسبب دعم شركائها الاوروبيين قرارا في مجلس امناء وكالة الطاقة ينتقد طهران بشدة لعدم تعاونها مع وكالة الطاقة. من جهته، رحب رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية، غلام رضا اغازاده، باجراء «مفاوضات مع الاوروبيين»، وقال «لقد قدمنا بأنفسنا اقتراحات وننتظر جوابا من الاوروبيين».

وفي موسكو، أعرب الكثير من المعلقين والمسؤولين في العاصمة الروسية عن دهشتهم تجاه الاخبار الواردة حول موافقة واشنطن على صفقة بيع المفاعلات النووية الأميركية للصين. وقالت المصادر ان الارباح التي ستعود على شركة «وستنغهاوس» من بيع مفاعلين نوويين قوة كل منهما 1100 ميغاوات ستبلغ ثلاثة مليارات دولار. واشارت إلى ان هذا القرار يبدو بالغ الاثارة في اعقاب اعلان واشنطن فرض الادارة الأميركية في ابريل (نيسان) الماضي عقوبات ضد خمس شركات صينية بسبب تعاونها مع طهران في المجالات النووية. وسبق للولايات المتحدة أن شددت من مواقفها تجاه الصين بسبب تصديرها للتقنية النووية إلى طهران مقابل صادراتها من النفط، فضلا عن تقاربها مع كوريا الشمالية، وفتحها لمجالها الجوي وموانئها لنقل صادرات بيونغ يانغ من الصواريخ، وذلك إلى جانب علاقاتها مع باكستان وعلاقاتها القديمة مع العالم النووي الباكستاني عبد القادر خان الذي اتهم في قضايا الاتجار بالأسرار والتقنية النووية حسبما اشارت صحيفة «ازفيستيا». وقالت المصادر الروسية ان الاعلان عن دخول الولايات المتحدة كلاعب أساسي في السوق النووية لا بد ان يؤثر كثيرا على القدرة التنافسية لروسيا في هذه السوق والتي طالما اعتمدت على رخص الاسعار، فضلا عن التراكمات التي طالما عانت موسكو منها بسبب عدم الاهتمام بتطوير التقنية النووية. واشارت إلى ان موسكو لم تقدّر في حينه خطورة دخول الولايات المتحدة هذه الاسواق. وقالت ان الصين تعتزم خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة شراء 27 مفاعلا نوويا على اقل تقدير مما يعني انها على استعداد لتخصيص 16 مليار دولار لتمويل هذه الصفقات التي كانت موسكو تأمل في الحصول على النسبة الاكبر منها. وأشارت إلى ان الصين ستعلن الشهر المقبل عن مناقصة لتوريد اربعة مفاعلات نووية مما يعني عمليا احتدام المنافسة مع الشركات الأميركية.