شارون يضمن أكثرية 68 صوتا من أصل 120 في الكنيست لصالح خطة الفصل

بيريس لأعضاء حزبه: هذه لحظة حسم تاريخي فتعالوا تظاهروا

TT

بات شبه مؤكد ان رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، المحاصر داخل حزبه (الليكود) ومعسكره اليميني، ضمن 68 صوتا من اصل 120 عدد النواب في الكنيست لصالح خطة الفصل التي تقضي بالانسحاب وبازالة المستوطنات من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.

وتتألف هذه الاكثرية من 22 نائبا من الليكود (بقية النواب وعددهم 18 سيصوتون ضد الخطة وبعضهم يفكر في الامتناع)، و15 نائبا من حزب «شينوي» (التغيير) العلماني المشارك في الحكم مع شارون، والباقون من المعارضة وهم: 19 نائبا من حزب العمل (هم جميع نواب الكتلة، اذ ان المترددين والمشككين في نوايا شارون الحقيقية حسموا الامر باتجاه تأييد الخطة)، و6 نواب من حزب «ياحد» (ميرتس سابقا)، وهو حزب اليسار الصهيوني، الذي يقوده يوسي بيلين، المحرك الاسرائيلي لمبادرة جنيف. وهذا الحزب اعلن انه لا يثق بأن شارون صادق في خطة الفصل. ويعتبر الخطة عقبة كأداء وضعت في طريق المسيرة السلمية الحقيقية، لكنه اقتنع بأهميتها في الظروف الاسرائيلية الحالية، حيث ان من الاهمية بمكان ان يقود شارون، اليميني المتطرف وابو الاستيطان، خطة تقضي الى تجاوز الخط الاحمر اليميني وتسجيل سابقة في التاريخ الصهيوني بتحقيق انسحاب ما من الاراضي الفلسطينية وازالة مستوطنات.

اضافة الى حزب «شعب واحد»، برئاسة قائد النقابات العمالية، عمير بيرتس وله 3 نواب، والقائمة العربية الموحدة (صوتان) وتضم حزبين: الحركة الاسلامية في اسرائيل برئاسة النائب عبد المالك دهامشة والحزب الديمقراطي العربي ويمثله النائب طلب الصانع. وهما ايضا لا يثقان بشارون وسياسته، لكنهما صرحا بانهما لن يستطيعا رفع يديهما ضد خطة تنطوي على تحرير ارض فلسطينية محتلة، حتى لو كا ن هذا التحرير جزئيا.

ويؤيد الخطة ايضا النائب ميخائيل نودلمن، وهو من حزب الاتحاد القومي، اليميني المتطرف، لكنه لم ينجرف وراء الاكثرية المتطرفة في حزبه، وقرر اتخاذ موقف متميز الى جانب خطة الفصل.

ويبلغ مجموع هؤلاء 68 نائبا. ويحاول المتمردون في الليكود سحب عدد من نواب الليكود المؤيدين واحد نواب شينوي. لكن رجالات شارون يؤكدون ان هذه المجموعة راسخة. وانهم يحاولون زيادتها اكثر بالضغط على الاحزاب الدينية حتى تعلن موقفا مؤيدا للخطة مقابل ضمها الى الائتلاف الحكومي لاحقا. وتبدو صورة المعارضة المؤكدة لشارون، حتى الآن، على النحو التالي:

المتمردون في الليكود: 18 نائبا. مؤيدو شارون يحاولون التأثير على 3 منهم.

الاتحاد القومي: اصبح الآن من 6 نواب، يقفون بقوة ضد شارون.

المفدال: وهو، رغم الشرخ الكبير الحاصل فيه حاليا، الا انه لدى التصويت على الخطة سيظهر موحدا بستة اصوات.

اما المترددون الذين يبني شارون على ان يحسموا مواقفهم الى جانبه او يختاروا الامتناع عن التصويت، فهم:

حزب «شاس»، لليهود الشرقيين المتدينين، وله 11 نائبا، هو الحزب الذي يتعرض حاليا لاكبر قسط من الضغوط السياسية. واجتمع رؤساء المعسكرين، المؤيد والمعارض لخطة الفصل، مع زعيمه الروحي، الحاخام عوفاديا يوسيف، خلال الايام العشرة الاخيرة لاقناعه كل باتجاهه، وسيحسم مواقفه النهائية مساء السبت (غدا). ويرجح المراقبون ان يختار هذا الحزب الامتناع عن التصويت حتى لا يغضب أي طرف من الطرفين، مع ان هناك ميلا طبيعيا لدى قيادة هذا الحزب الى التصويت ضد الخطة.

«يهدوت هتوراه»، حزب اليهود المتدينين الغربيين، وله 5 نواب: هو ايضا يتعرض للضغوط. لكنه ينتظر قرار «شاس». بيد ان موقفه سيتراوح ما بين تأييد الخطة والامتناع عن التصويت، ولن يصوت ضدها.

بقية الاحزاب العربية: هناك 6 نواب عرب آخرون (باستثناء نائبي الحركة الاسلامية والديمقراطي العربي) مترددون هم: نواب التجمع الوطني الديمقراطي برئاسة عزمي بشارة (3 نواب) والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، برئاسة محمد بركة (نائبان) والحركة العربية للتغيير برئاسة احمد الطيبي (نائب واحد). هذه الاحزاب اعلنت رفضها خطة الفصل منذ اعلانها، ولكن هذا الموقف تعزز اكثر عندما اعلن مدير مكتب شارون، دوف فايسغلاس، ان هذه الخطة ما هي الا فورمالين (المادة التي تحفظ الجثث) بالنسبة للمبادرات السلمية الاخرى («خريطة الطريق» و«مبادرة جنيف» و«المبادرة العربية» وغيرها).

وفي مطلع الاسبوع اعلنت جميع هذه الاحزاب انها ستصوت ضد خطة الفصل. لكن اتصالات تجري معها من مختلف الاوساط الاسرائيلية والفلسطينية، وكذلك من طرف ناخبيها، لكي تغير موقفها وتصوت مع خطة الفصل. وهناك تقديرات بأنها ستمتنع عن التصويت في نهاية الامر.

وتبدو الحلبة الحزبية الاسرائيلية هذه الايام جبلا يحمل بركانا على شفا الانفجار، كما وصفها المراقبون المخضرمون. واعتبرها شيمعون بيريس، رئيس حزب العمل: «ساحة حسم تاريخي». وقام بتسجيل رسالة صوتية وجهها بواسطة الهاتف الجوال، الى جميع اعضاء حزبه (165 الفا) يدعوهم فيها الى النزول الى الشوارع والمشاركة في المظاهرات الداعية لانجاح خطة الفصل.

وفي اليومين اللذين سيجري فيها البحث والتصويت على مبادئ خطة الفصل (يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين) ستشهد اسرائيل مظاهرات كبرى من الطرفين، المؤيدين والمعارضين. ويرفع المؤيدون الشعار التالي: «لن نسمح للاقلية ان تفرض ارادتها على الاكثرية» بينما يرفع المعارضون شعار: «خطة الفصل تمزق الشعب».

ويحاول نشطاء اليمين المتطرف فرض ارادتهم بالقوة، من خلال الضغوط الارهابية على عدد من النواب في الكنيست، الذين شكا عدد منهم بشكل رسمي الى رئيس الكنيست، روبي رفلين، من انهم باتوا يخشون على حياتهم. فأمر هذا بتشديد الحراسة عليهم وعلى الكنيست، مع العلم بأنه شخصيا يقف ضد الخطة. وقام امس بتصعيد هجومه على شارون لدرجة القول انه «خان مبادئ ارض اسرائيل» و«اجهض قدرات معسكر اليمين» و«تسبب في خلع ملابس حزب الليكود، ليصبح عاريا من مبادئه».

يذكر ان شارون نفسه يتعرض لخطر الاغتيال. لذلك فان الحراسة عليه باتت مشددة جدا، بشكل لا يعرف له مثيل في التاريخ الاسرائيلي. وكشف امس ان المخابرات امرت حراسه بأن يسلكوا طريقا جديدا لنقله من مبنى رئاسة الحكومة حتى الكنيست (حيث المسافة لا تزيد عن 600 متر). والطريق الجديد يلتف على الكنيست من جهة اخرى، ليصبح الطريق الجديد يستغرق وقتا مضاعفا عشر مرات عن السابق. وبالطبع فان هذا الطريق يعتبر احد الاسرار الامنية الخطيرة.