اتجاه أصوات المسلمين الأميركيين مرشح لتغير كبير عن انتخابات 2000.. وأجواء ما بعد 11 سبتمبر مسؤولة مباشرة عن النقمة على الجمهوريين

TT

تقارير كثيرة على امتداد الأشهر الماضية تحدثت عن تغير جذري مرتقب في اتجاه أصوات الناخبين المسلمين الأميركيين يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) عما حصل في انتخابات 2000 .

يقدر عدد المسلمين في الولايات المتحدة بمختلف طوائفهم بأكثر من 10 ملايين نسمة، وهم وفق بعض الاحصاءات يشكلون ثاني أكبر دين بعد المسيحية. واذا وزعت أصوات المسيحيين على طوائفهم يحتل المسلمون المرتبة الثالثة خلف الكاثوليك والمعمدانيين الجنوبيين (أكبر طوائف البروتستانت). المسلمون الأميركيون يمكن توزيعهم اجتماعياً على ثلاث فئات، هي: المهاجرون المسلمون، ومعتنقو الدين الاسلامي من الأميركيين غير المسلمين أصلاً، والمتحدرون من الفئتين السابقتين. وهم يستقرون بصفة غالبة في الولايات الحضرية الكبرى التي تلعب الدور الأساسي في حسم نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتحديداً، في ولايات كاليفورنيا ونيويورك وتكساس واوهايو وايلينوي وميشيغن وبنسلفانيا وفلوريدا وماساتشوستس.

في انتخابات عام 2000، وفق استبيان «مجلس العلاقات الأميركي الاسلامي» (كير) حصل المرشح الجمهوري، الرئيس الحالي جورج بوش، على نسبة 78 % من أصوات المسلمين الأميركيين تلاه المرشح الديمقراطي آل غور بنحو 13 % والمرشح المستقل الثالث رالف نادر بنحو 8 %. ويومذاك أجرى «كير» الاستبيان على اساس الاستفسار من المقترعين عن خيارهم لدى خروجهم من مكتب الاقتراع، وشمل عينة من 1774 مقترعاً مسلماً.

أكثر من هذا حصل بوش على دعم معلن من عدد من الجمعيات والروابط الاسلامية الناشطة في الولايات المتحدة، وضم «فريق المهمات الأميركي المسلم» الذي دعم المرشح الجمهوري كلاً من مجلس العلاقات الأميركي الاسلامي ومجلس المسلمين الأميركين والمجلس المسلم للشؤون العامة وتحالف المسلمين الاميركيين وجمعية المسلمين الاميركية والجمعية الاسلامية لأميركا الشمالية والدائرة الاسلامية لأميركا الشمالية وتحالف مسلمي أميركا الشمالية.

يوم 2 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيجيب المسلمون الأميركيون على سؤال ملح دأب على طرحه منظمو الحملتين الانتخابيتين الرئاسيتين الجمهورية والديمقراطية وهو هل سيصب الناخبون المسلمون الأميركيون أصواتهم هذه المرة ككتلة مما قد يساهم في التأثير على نتائج الولايات المحورية التي يشتد التنافس فيها بين الرئيس بوش ومنافسه الديمقراطي السناتور جون كيري؟... واستطراداً ما هو التأثير المحتمل للمرشح الثالث رالف نادر في الولايات المحورية اذا ما حافظ على نسبة معقولة من أصوات المسلمين؟ بطبيعة الحال، كانت اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وما تلاها من مضايقات ومخاوف وتهم واجراءات حكومية وضعت عموم المسلمين موضع شك داخل البلاد، ومن ثم غزو كل من افغانستان والعراق، أبرز العوامل التي أثرت على المزاج السياسي للناخب المسلم الأميركي. فقبل اعتداءات سبتمبر كانت هناك بضع قضايا تتحكم بهذا المزاج أو ترسم الأولويات، منها ما هو سياسي كقضية فلسطين وقضية افغانستان، والبعض الآخر اجتماعي متصل بمستوى المعيشة والضرائب والبطالة، والبعض الثالث له أبعاد اجتماعية مثل مواجهة العنصرية والتعايش مع الحريات الشخصية في المجتمع الغربي مع تحديات المحافظة على الهوية الدينية والثقافية.

أيضاً، كان هناك فرز عمري بين جيل الشباب وجيل المهاجرين القدامى من الجيلين والثالث والرابع، واختلاف بين ولاية وأخرى أو منطقة ريفية أو حضرية. وهذا فضلاً عن الاختلاف العرقي بين المسلمين الأميركيين الذين يشكل المتحدرون من أصول جنوب آسيوية (الهنود والباكستانيون والبنغلاديشيون وغيرهم) منهم نحو 39 % يليهم المتحدرون من أصول أفريقية بـ29 % ثم المتحدرون من أصول عربية نحو 17 % ثم المتحدرون من أصول في آسيا الوسطى نحو 11 % مع اقليات مختلفة تشكل النسبة المتبقية. الا ان ما حدث في سبتمبر 2001 وتداعياته داخل أميركا وفي العالمين العربي والإسلامي هز الضمير الجماعي للمسلمين الأميركيين وأوجد بؤرة تركيز غير مسبوق.

* التأثير المحتمل للصوت المسلم

* في احصائية مثيرة لـ«كير» عن انتخابات عام 2000 كان الفارق في تصويت المسلمين في ولاية فلوريدا وحدها لصالح بوش عن غور نحو 64 الف صوت، والمعروف ان بوش فاز بالرئاسة بفارق 6 اصوات انتخابية في اعقاب انتزاعه الأصوات الانتخابية الـ25 لولاية فلوريدا يومذاك بأغلبية 537 صوتاً فقط. أيضاً تشير الاحصائية الى ان 36 % من الناخبين المسلمين كانوا يقترعون لأول مرة. كيري وبوش أهملا جانباً من القضايا التي كانت ضمن أولويات الناخب المسلم عام 2000 في مقدمها القضية الفلسطينية، التي كانت فعلاً المغيب الأكبر عن سجالهما السياسي في خضم اشتداد تزاحمهما لكسب الصوت اليهودي. والملاحظ ان خلفية الدعم اليهودي التقليدي للديمقراطيين كانت على مر السنين عاملاً سلبياً مؤثراً دفع كثيرين من المسلمين الى التصويت «ضد» المرشح الرئاسي الديمقراطي أكثر من التحمس للتصويت «مع» المرشح الرئاسي الجمهوري. فهل يواصل الناخب المسلم أسلوب التصويت السلبي «ضد» أكثر من «مع» يوم 2 نوفمبر؟ وهل تأتي سلبيته هذه المرة «ضد» الجمهوريين؟ حتى الآن بعض الاستبيانات تشير الى انقلاب واضح في اتجاه التصويت. فقي مسح أجري في يونيو (حزيران) الماضي في اوساط من اقترعوا لبوش عام 2000 حصل كيري على تأييد 50 % من الناخبين المسلمين مقابل 3.1 % فقط لبوش وقال 26 % انهم سيصوتون لنادر. ولدى سؤال المستفتين عموماً (ليس فقط من صوتوا لبوش) عن مرشحهم المفضل أيد 54 % كيري و26 % نادر و2 % فقط بوش مع 14 % قالوا انهم غير واثقين كيف سيقترعون. وعلى صعيد الولايات المحورية يتكرر السيناريو بحصول كيري على ما يتراوح بين 55 و70 % من التأييد مقابل نسبة ضئيلة جداً بين 2 و4 % لبوش. ولكن بطبيعة الحال سجل تغير منذ يونيو الماضي، وخصوصاً بعد عرض المرشحين افكارهم على المستوى الوطني في المناظرات، لكن الواضح من مصادر مختلفة ان ثمة نسبة غالبة مع المرشح الديمقراطي في حدود الـ 50 الى 60 % مع ترجيح ذهاب معظم المترددين الى معسكر بوش بحيث يتقاسم النسبة الباقية مع نادر.