البنتاغون: العديد من معتقلي غوانتانامو الذين أطلق سراحهم عادوا للانخراط في صفوف القاعدة وقتال الأميركيين

أحدهم عاد إلى أفغانستان واختطف مهندسين صينيين وآخر استأنف عمله كقائد عسكري في صفوف طالبان

TT

أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان عشرة على الأقل من المعتقلين الذين جرى إطلاق سراحهم من معسكر غوانتانامو في أوقات سابقة من العامين الجاري والماضي، أعيد اعتقالهم مرة أخرى أو قتلوا في مواجهات ضد القوات الاميركية أو قوات التحالف في باكستان وأفغانستان. ويذكر أن إطلاق سراح عدد من معتقلي غوانتانامو جاء بناء على توصيات عدد من المسؤولين بدعوى أنهم لم يعودوا يشكلون خطرا يذكر. وأوضح مسؤولون باكستانيون أن واحدا من هؤلاء لا يزال فارا بعد توليه قيادة فصيل مسلح في باكستان يعمل مع تنظيم «القاعدة». وأضاف مسؤول أميركي كان يتحدث إلى صحافيين باكستانيين، إن هذا الشخص كان يتحدث متباهيا بأنه نجح في الغش على المحققين الأميركيين في غوانتانامو وأقنعهم بأنه ليس الشخص الذي يقصدون. ومن ضمن المعتقلين الذين أطلق سراحهم من غوانتانامو صبي أفغاني قضى عامين رهن الحبس في مجمع خاص لاحتجاز صغار السن في غوانتانامو، حيث تعلم اللغة الإنجليزية وكان يمارس ألعابا رياضية ويشاهد مواد على أشرطة فيديو. واعتقد مسؤولون أميركيون أنهم نجحوا في إقناعه بترك حياة طالبان، إلا أن الصبي (عمره الآن 18 سنة) ألقي القبض عليه مع مقاتلين آخرين تابعين لحركة طالبان بالقرب من مدينة قندهار، طبقا لتصريح مصادر طلبت عدم ذكر اسمها. وتعكس هذه الحالات الصعوبة التي تعانيها واشنطن في التوصل إلى قرار بشأن ما إذا كان يتوجب إطلاق سراح معتقلي «القاعدة» وحركة طالبان المعتقلين بمعسكر غوانتانامو وسط ضغوط الحكومات والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان التي أدانت احتجاز السلطات الاميركية معتقلين لفترة سنوات من دون منحهم حق التقاضي أو تقديمهم لمحاكمة. من جانبه، قال فليكس بليكسيكو، المتحدث باسم البنتاغون، إن التقارير التي أشارت إلى أن معتقلين سابقين في غوانتانامو انضموا إلى «القاعدة» وطالبان مجددا يعتبر دليلا على أن «هؤلاء الأفراد يتسمون بالهوس والغش»، على حد قوله. وأضاف قائلا إنهم كانوا يدركون منذ البداية أن هناك مخاطر في تحديد الوقت الذي يطلق فيه سراح معتقل لم تعد هناك حاجة إلى استمرار حبسه. وكانت آخر حالة قد ظهرت قبل حوالي أسبوعين لدى خطف مهندسين صينيين كانا يعملان في مشروع لإنشاء سد في إقليم وزيرستان الذي لا يخضع لسيطرة السلطات وحكم القانون. وكان قائد المجموعة القبلية المسلحة، عبد الله محسود، قد أعلن للصحافيين في مقابلة هاتفية عن مسؤولية مجموعته عن خطف المهندسين الصينيين.

وقال محسود، 29 سنة، انه قضى عامين في معتقل غوانتانامو بعد اعتقاله عام 2002 في أفغانستان وهو يقاتل إلى جانب قوات تابعة لحركة طالبان. وكان محسود يحمل هوية أفغانية مزورة عند اعتقاله، وقال انه عندما كان معتقلا أصر خلال جلسات التحقيق معه على أنه رجل قبلي بريء، فيما لم يدرك المحققون الأميركيون انه باكستاني له علاقات وثيقة بمتشددين في كل من باكستان وأفغانستان. وقال محسود في لقاء صحافي إنه نجح في إخفاء هويته الباكستانية طوال فترة اعتقاله. وكانت الصحف الباكستانية قد نشرت مقالات مطولة حول محسود واجتذابه لتأييد المتشددين من خلال إداناته العنيفة والنارية للولايات المتحدة. وقال محسود في واحد من هذه اللقاءات: «سنقاتل أميركا وحلفاءها حتى النهاية». وكانت قوات خاصة باكستانية قد أطلقت سراح واحد من الصينيين المحتجزين خلال مداهمة مكان احتجازهما مما أسفر عن مقتل خمسة من المتشددين ومحتجز صيني. ويبلغ عدد معتقلي غوانتانامو السابقين الذين عادوا للقتال في صفوف طالبان أو «القاعدة» حوالي عشرة، وهي نسبة محدودة من جملة 202 معتقلا أطلق سراحهم وأعيدوا إلى بلدانهم. وأطلق سراح 146 من هؤلاء مباشرة، فيما جرى تسليم 56 منهم إلى حكومات بلدانهم وأطلق في وقت لاحق سراح معظمهم. وطبقا لتقديرات مارك جيكوبسون، المساعد الخاص السابق في شؤون سياسات المعتقلين بوزارة الدفاع الاميركية والأستاذ حاليا بجامعة ولاية اوهايو، فإن هناك ما لا يقل عن 25 معتقلا حملوا السلاح مجددا وانخرطوا مرة أخرى في صفوف طالبان أو تنظيم «القاعدة».

وقال مسؤولون بوزارة الدفاع يساعدون في الإشراف على السجون الاميركية انه كان بوسعهم تحاشي أي مخاطر ورفض إطلاق سراح أي شخص، إلا أنهم اعتبروا ذلك أمرا غير إنساني وغير عملي ويجعل حكومة الولايات المتحدة تبدو غير معقولة. ولقي معتقل سابق في غوانتانامو يدعى مولوي جعفر مصرعه الشهر الماضي خلال تبادل لإطلاق النار مع قوات أفغانية جنوب شرقي البلاد. وكان جعفر قائدا بارزا في قوات طالبان عند وقوعه في الأسر نهاية عام 2001. ولم تظهر أي معلومات حول ما قاله جعفر للمحققين في غوانتانامو، إلا أن القوات الاميركية أطلقت سراح معتقلين كانوا يقاتلون في صفوف طالبان شرط نبذهم وتخليهم عن العنف في إقرار مكتوب، وهو الشيء الذي ربما حدث مع جعفر. وقال مسؤولون أفغان أن جعفر استأنف عمله كقائد عسكري في صفوف طالبان عقب إطلاق سراحه وعودته إلى أفغانستان في فبراير (شباط) الماضي. وكانت قوات تابعة لجعفر قد نصبت كمينا قتلت إثره مهندسا في الأمم المتحدة وثلاثة جنود أفغان. كما قتل معتقل سابق في غوانتانامو في كمين خلال الصيف الماضي هو الملا شهزاد، الذي اقنع السلطات الاميركية فيما يبدو بتخليه عن العنف، لكنه انخرط في صفوف طالبان فور إطلاق سراحه منتصف العام الماضي. أما الصبي الأفغاني الذي أطلق سراحه من غوانتانامو واعتقل مرة أخرى، فقد اختطف وربما يكون قد تعرض لاعتداء من قبل طالبان قبل إلقاء القبض عليه للمرة الأولى عام 2001. وكان الصبي، الذي احتجز في قسم خاص في معسكر غوانتانامو، قد أطلق سراحه وأعيد إلى أفغانستان في يناير (كانون الثاني) الماضي، اذ كان من المقرر أن يخضع للمراقبة والرعاية الخاصة من جانب بعض المسؤولين الأفغان، إلا أن هذا البرنامج فشل ليعود الصبي مجددا إلى صفوف حركة طالبان. سليمان حاج عبد الرحمن، الذي يحمل الجنسية الدنماركية، معتقل سابق آخر أطلق سراحه من غوانتانامو لكنه لم يحمل السلاح بعد، إلا انه قال لوسائل إعلام دنماركية إن الورق الذي يحتوي على القسم المكتوب، الذي وقع عليه قبل إطلاق سراحه في غوانتانامو، لا يعدو أن يكون «ورق مراحيض»، وأكد انه يعتزم الانخراط في الحرب في الشيشان، كما قال إن رئيس الوزراء الدنماركي هدف مشروع للإرهابيين. وقال ناشطون في مجال حقوق الإنسان إن حالات إصرار بعض المعتقلين السابقين في غوانتانامو على عدم نبذ العنف لا تضعف تأكيداتهم مرارا على أن الولايات المتحدة تنتهك حقوق معتقلي غوانتانامو، وقال المتحدث باسم منظمة العفو الدولية إن ما حدث لا يغير من واقع الظلم ولا يدعم حجة الإدارة الأميركية في تبرير التغاضي عن حقوق المعتقلين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»