شيراك يحض الفلسطينيين والإسرائيليين على العودة للمفاوضات وتقديم تنازلات متبادلة

TT

دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك مجددا الفلسطينيين والإسرائيليين الى «العودة الى طاولة المفاوضات» و«تقديم تنازلات متبادلة»، واصفا ذلك بأنه «الطريق الوحيد» للوصول الى السلام.

وجاءت دعوة الرئيس الفرنسي صباح أمس في كلمة ألقاها في قصر الإليزيه بمناسبة السنة العشرين لتأسيس جمعية «اليهودية والحرية» حيث أكد أن فرنسا «لا يمكنها أن تقبل بالطريق المسدود» الذي وصل إليه الوضع في الشرق الأوسط.

وقال شيراك بحضور مسؤولي الجمعية المذكورة: «إن فرنسا عازمة على لعب دورها كاملا حتى ترى نهاية إيجابية، وهذا كما نعلم يتطلب جهودا حيث يتعين على كل طرف أن يسير مسافة من الطريق وأن يفي بالتزاماته وأن يقبل بتقديم تنازلات».

واستطرد الرئيس الفرنسي قائلا «هذا وحده هو الثمن الذي يتيح الوصول في الى قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية تستطيعان العيش بسلام ووئام». وخلص الى القول إن فرنسا «ليس لها هدف آخر غير الوصول الى سلام عادل و دائم» في المنطقة.

وتأتي دعوة شيراك بعد بعد ثلاثة أيام على الزيارة المطولة التي قام بها وزير الخارجية ميشال بارنيه الى إسرائيل في مسعى فرنسي واضح لتطبيع العلاقات مع إسرائيل التي تعاني من المواقف الفرنسية إزاء السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وإزاء الرئيس الفلسطيني ومن الاتهامات الإسرائيلية لفرنسا بالميوعة في محاربة ظاهرة معاداة السامية والتعرض للجالية اليهودية على الأراضي الفلسطينية. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية في باريس أن برنار إيميه، مدير دائرة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية التقى صباح أول من أمس وبناء على طلبه السفراء العرب المعتمدين في باريس أو من ينوب عنهم وكذلك سفير إيران لإطلاعهم على ما جرى خلال زيارة الوزير بارنيه الى إسرائيل.

وبحسب هذه المصادر، فإن إيميه شدد على أن الوزير الفرنسي، رغم ما تريده باريس من تطبيع علاقاتها بإسرائيل، «تحدث بحزم وركز على الشروط التي تتمسك بها فرنسا وأوروبا لدعم الانسحاب الإسرائيلي من غزة».

وقالت هذه المصادر إن إيميه عدد هذه الشروط كالتالي: ربط الانسحاب من غزة بخريطة الطريق، التركيز على ضرورة التنسيق بين إسرائيل وبين السلطة الفلسطينية حول الانسحاب والتأكيد على أن إسرائيل ترتكب خطأ في إفقاد السلطة الفلسطينية مصداقيتها.

وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن إيميه أبلغ السفراء العرب أن بارنيه أعرب للإسرائيليين عن «عزم» الإتحاد الأوروبي على لعب دور حقيقي في إيجاد حل للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وعدم الاكتفاء بدور الممول أو المحفز الاقتصادي.

و تفيد مصادر دبلوماسية غربية في باريس أن فرنسا تريد الاستفادة من «الوقت الضائع» المتمثل بالترقب الناتج عن انتظار حصول الانتخابات الأميركية وتوقف نشاط اللجنة الرباعية عمليا للتفكير في ما يمكن أن تقوم به فرنسا فرديا وعلى صعيد الإتحاد الأوروبي حتى يأتي الانسحاب الإسرائيلي «منسجما ومتوافقا مع النظرة الفرنسية والأوروبية» التي تريد تحاشي «غزة أولا وأخيرا». وتضيف هذه المصادر أن باريس وشركاءها الأوروبيين «بدأوا ببلورة أفكار وتدابير تفصيلية تخرج النقاش من العموميات و تعطيه مضمونا حقيقيا بحيث يتم الانتقال من العام الى التفاصيل».

غير أن مصادر فرنسية رسمية قالت لـ «الشرق الأوسط» إن شارون «ما زال مصرا على انسحاب أحادي الجانب ومن غير تنسيق مباشر مع الفلسطينيين». فضلا عن ذلك، تقول هذه المصادر إن شارون ما زال يربط استئناف العملية السلمية بالتوقف التام لكل ما يعتبره عمليات إرهابية، كما أنه لا يزال متصلبا إزاء السلطة الفلسطينية التي يقول عنها إنها «لا تقوم بواجبها» على هذا الصعيد. والتخوف الذي ينم عنه كلام المصادر الفرنسية أن تكون خطة شارون من غزة بمثابة «الحل المؤقت طويل الأمد» وهو ما كان يدعو إليه دائما رئيس الوزراء الإسرائيلي مما يعني عمليا تأجيل البحث عن تسوية حقيقية وإبقاء الوضع متفجرا لسنوات إضافية.