الرباط تراهن على عمر عزيمان سفيرها الجديد لدى إسبانيا في قيادة ثورة هادئة في علاقات البلدين

TT

اتخذ خوسيه رودريغت ثباثيرو، رئيس الوزراء الاسباني، منذ اول اجتماع عقدته الحكومة الاشتراكية الجديدة، نهاية مارس (اذار) الماضي، قرارا نادر الحدوث في الحوليات الدبلوماسية، حين اعلانه قرار اقالة، ان لم نقل عزل سفير اسبانيا السابق في الرباط، ارياس سالغادور، من دون ذكر الاسباب التي أثارت الاشتراكيين الاسبان على ذلك الاجراء، الذي اشار الى حقيقتين جليتين هما: تحميل السفير مسؤولية التدهور المطرد الذي آلت اليه العلاقات بين الرباط ومدريد، ومعاقبته لكذبه على الرأي العام الاسباني وعلى الاشتراكيين، بالخصوص، حينما زعم في عز الازمة بين العاصمتين ان الزعيم الاشتراكي السابق، فيليب غونزاليس، اتى الى المغرب واجتمع خفية برئيس الوزراء السابق عبد الرحمن اليوسفي في طنجة، من دون إخطار خوسيه ماريا اثنار، رئيس الحكومة السابق، واتضح فيما بعد ان اللقاء كان مجرد خيال في خيال.

حادث الاستغناء عن خدمات السفير الاسباني، استوجب في نظر بعض السياسيين والمعلقين المغاربة آنذاك الرد الايجابي بالمثل على الخطوة الاسبانية الشجاعة. غير ان الرباط تريثت، ايمانا منها ان مثل تلك القرارات السيادية لا تنسخ عن دول اجنبية مهما كانت طبيعة العلاقات معها، ثم ان اختيار السفير الملائم ليس بالامر اليسير، ويوجد سبب آخر اكثر رجحانا من سابقيه هو اتاحة الفرصة لحكام اسبانيا الجدد حتى يضعوا بهدوء اسس وقواعد السياسة الخارجية الجديدة حيال المغرب.

ومع مرور الايام، اتضح ان الاشتراكيين راغبون في طي صفحة الماضي المتأزم مع الجيران المغاربة، تجاوبا مع مقتضيات تطور العلاقات الدولية من جهة، واحياء لتقليد سَنّهُ الاشتراكيون انفسهم لما كانوا في الحكومة برئاسة زعيمهم المحتفظ حتى الآن بتأثيره المعنوي في القرارات الكبرى، فيليبي غونثالت.

توالت الاشارات الايجابية حيال المغرب، اقواها حركة دائبة يقودها وزير الخارجية، ميغل انخيل موراتينوس، من اجل تحريك مستنقع الصحراء، وحث الجزائر بل واغرائها بالمستقبل المغاربي الزاهر في حالة استئصال الدمل الصحراوي، بدواء ناجع لا يسبب ضررا للجانبين بل وحتى لجبهة البوليساريو الانفصالية، وانما يحفظ للمغرب سيادته على اقاليمه الجنوبية التي ضحى من اجلها ماديا وبشريا ومعنويا.

ويبدو ان المغرب اقتنع انه يمكن استبدال العجلة والآلة الدبلوماسية في وضع الدوران. هكذا اختار لمنصب السفارة في مدريد، عمر عزيمان، الوزير السابق والرئيس الحالي للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان.

استقر الرأي على هذا الناشط الحقوقي، بعد استعراض عدة اسماء، كل منها له مواصفاته الخاصة تؤهله للمنصب. وتم على سبيل المثال تداول اكثر من مرة اسم، محمد العربي المساري، وزير الاتصال الاسبق، وفاضل بن يعيش، المكلف مهمة الديوان الملكي، واحد المقربين الى الملك محمد السادس.

لم تخرج قائمة الترشيحات لمنصب سفارة مدريد عن دائرة منطقة شمال المغرب التي كانت خاضعة قبل عام 1956 للحماية الاسبانية، مما يفترض معه ان السفير الجديد وكذا الذين رشحتهم التكهنات قبله، وكذلك السفير المنتهية مهمته، عبد السلام بركة، من ابناء المنطقة ويتقن اللغة الاسبانية.

وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد التقط اشارة ان الاسبان المعتزين بلغتهم يفضلون ان يكون صلة الوصل بينهم وبين جيرانهم، من يتكلم لغة طرفي العلاقة، مع العلم بان اي سفير يضطر الى تعلم لغة البلد الذي يعمل فيه، مثلما فعل السفراء السابقون الذين كان إلمامهم بالاسبانية ضعيفا لكنهم طوروه.