بيروت: كرامي يدعم مطالبة فرنجية بالداخلية ويسعى لإشراك المعارضة المسيحية في حكومته

TT

عاشت الاوساط السياسية والشعبية في لبنان يوماً آخر من الترقب والانتظار لما ستؤول اليه التشكيلة الحكومية التي يعمل الرئيس المكلف عمر كرامي على تذليل العقد التي تعترض طريقها، والتي تتركز حول حقيبة وزارة الداخلية، واشراك المعارضة المسيحية في الحكومة. فقد اظهرت نتائج الاتصالات الاخيرة التي جرت طوال ليل اول من امس وقبل غروب يوم امس ان الوضع ما زال يراوح مكانه من دون ان يطرأ عليه اي تطور لافت، باستثناء ما اعلنه كرامي ظهر امس عن ان عقدة وزارة الداخلية في طريقها الى الحل، مكرراً موقفه من انه لن تشكل حكومة من دون فرنجية، رافضاً تحديد موعد لاعلان التشكيلة الوزارية، وكذلك قوله ان مشاركة عضوي «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض النائبين بطرس حرب ونايلة معوض تتوقف على ما سيقرره «اللقاء» في اجتماع يعقد لهذه الغاية.

وتوقع مسؤول كبير ان تطول ازمة تشكيل الحكومة الجديدة بعض الشيء. ونقل قريبون عنه انه اجرى اتصالاً برئيس الحكومة المستقيل رفيق الحريري قبل مغادرته بيروت امس متمنياً عليه «النزول الى السراي الحكومي لتصريف الاعمال». كما طلب من وزراء المداومة في مكاتبهم ابتداء من اليوم الاثنين والعمل كالمعتاد «حتى يظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود وتولد الحكومة». الا ان مصدراً قريباً من كرامي ابلغ «الشرق الاوسط» عصر امس عن ظهور بوادر حلحلة في الافق متوقعاً ان تتضح الامور مساء.

ويدور الخلاف الابرز حول حقيبة وزارة الداخلية بعد اصرار الوزير سليمان فرنجية (ماروني) على تسلمها ويدعمه في ذلك كرامي، فيما تشير المعلومات الى تمسك رئيس الجمهورية اميل لحود بابقائها في يد وزير الداخلية الحالي الياس المر (ارثوذكسي وصهر الرئيس لحود) نظراً لاهميتها في المرحلة المقبلة، بعد ان جعل الرئيس المكلف من مسألة اقرار قانون جديد للانتخابات احد ابرز اولويات حكومته العتيدة والذي ستجري على اساسه الانتخابات النيابية في شهر مايو (ايار) المقبل تحت اشراف ومراقبة وزارة الداخلية المصنفة في لائحة الحقائب الوزارية بـ «السيادية» الى جانب وزارات الدفاع والخارجية والمالية.

وازاء تمسك كل من لحود وفرنجية بموقفه تحولت الانظار الى دمشق لمعرفة موقفها مما يجري على هذا الصعيد، والنصيحة التي ينبغي اتباعها لحل العقد. الا ان الجواب السوري كان قاطعاً لجهة عدم الرغبة في التدخل، مع التأكيد على ان كلاً من فرنجية والمر «عزيزان عليها»، والاشارة في الوقت نفسه الى ان وزارة الداخلية «ليست كبقية الوزارات ولا بد ان يحسب لها الف حساب».

وفي هذا الاطار، كرر النائب قيصر معوض العضو في كتلة الوزير فرنجية البرلمانية ان كتلة نواب الشمال «لن تشارك في الحكومة الا من خلال وزارة الداخلية، وستتجه لحجب الثقة عن الحكومة في حال لم يتم اسناد حقيبة وزارة الداخلية للوزير سليمان فرنجية». وقال معوض في حديث اذاعي امس «هناك اجواء، ليست عند الرئيس كرامي، ترفض هذا الامر».

واوضح «ان المطروح الآن هو عدم المشاركة. واذا كان الوزير فرنجية يرى ان لا مصلحة للكتلة في هذه المشاركة فنحن ملتزمون بهذا القرار، وعلى الاقل بالنسبة للموقع الماروني. هذا هو موقفنا».

كذلك يجهد الرئيس المكلف في حل العقدة الثانية المتعلقة بانضمام عضوي «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض والمقربين منه النائبين بطرس حرب ونايلة معوض. وهو قد زار البطريرك الماروني نصر الله صفير مساء الجمعة الماضي لهذه الغاية طالباً مساعدته. واستقبل امس المطران رولان ابو جودة موفداً من قبله حيث نقل اليه جواب البطريرك، علماً ان الاخير كشف عن هذا الموقف قبل توجه ابو جودة لزيارة كرامي في منزله في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، وذلك في دردشة مع الصحافيين المعتمدين في بكركي (مقر البطريركية المارونية) اذ قال بأنه «لن يدخل في اسماء الوزراء ولن يعين احداً، خصوصاً بالنسبة للقاء قرنة شهوان. فهم راشدون وقادرون على اختيار من يمثلهم».

هذا وتحدث المطران ابو جودة بعد لقائه مع كرامي موضحاً ان «الزيارة التي قام بها الى الرئيس المكلف جاءت رداً على الزيارة التي تكرم وقام بها الاخير للبطريرك صفير فور تكليفه تشكيل الحكومة، وهي الزيارة الرسمية الاولى.

وقد نقلنا للرئيس كرامي مشاعر البطريرك وكلنا نعرف ما لعائلة كرامي من خط وطني اصيل منذ سنوات. وما لدولته وللمغفور له شقيقه الرئيس رشيد كرامي من خدمات في الحكومة وفي السياسة الوطنية اللبنانية. وتمنينا له النجاح في مهمة تشكيل الحكومة».

ورداً على سؤال حول موقف البطريرك صفير من مشاركة حرب ومعوض اجاب: «البطريرك لا يتدخل بتسمية اشخاص وهو يتبع الخط الوطني بنوع اجمالي. وليس له ان يوصي باشخاص او ان يعين اشخاصاً».

وسئل: هل اجرى البطريرك مساع مع اعضاء «قرنة شهوان»؟ اجاب: «هناك احاديث متواصلة بينهم. ويوحي لهم من خلال كلامه ما هو تفكيره في الموضوع ولكن ليس له ان يقوم مقامهم، وهم وكما قال راشدون ولا يقول لهم افعلوا أو لا تفعلوا». وعما اذا كان البطريرك صفير قد تبلغ اي رد سلبي من اعضاء «القرنة» اوضح المطران ابو جودة ان «ليس هناك من جديد في الموضوع نهائياً. وهم يريدون ان يتشاوروا مع بعضهم البعض. واعتقد انهم بعد ان يتشاوروا سيكون هناك شيء جديد لديهم».

من جهته قال الرئيس كرامي رداً على سؤال حول عقدة وزارة الداخلية التي يطالب بها الوزير سليمان فرنجية انها «بطريقها الى الحل قريباً بإذن الله».

وحول ما وصلت اليه الامور في قضية توزير النائبين بطرس حرب ونايلة معوض اجاب: «لا بد ان يعودا للقاء قرنة شهوان للتباحث وابلاغنا الجواب النهائي».

وعن موعد الاعلان عن التشكيلة الحكومية اجاب كرامي: «لا نستطيع ان نحدد موعداً».

ورداً على سؤال حول كلامه من انه لا يمكن ان تشكل حكومة من دون فرنجية قال: «لقد تحدثنا في هذا الموضوع مراراً ولا نريد ان نكرره فنحن لا نغير موقفنا كل يوم. فموقفنا واحد ولن تشكل حكومة من دونه».

وحول ما يحكى عن تعويم لحكومة الرئيس رفيق الحريري قال كرامي ضاحكاً: «لم يعد هناك امكانية لتعويمها. لقد حصلت استقالة وقبلت الاستقالة وتم التكليف».

وعن ضمانات تطالب بها المعارضة للدخول في الحكومة قال كرامي: «ان من يدخل في الحكومة سيكون جزءاً منها» متسائلاً «من سيعطي ضمانات لمن؟ فهذا امر غير ديمقراطي والامور كلها تناقش في مجلس الوزراء. وفي حال الاختلاف في الرأي يتم التصويت. مؤكداً ان «الكل تحت سقف اتفاق الطائف الذي ينص على كل شيء».

وعن تفسيره لمطالبة النائب فرنجية بحقيبة الداخلية بالذات قال كرامي: «ان الرجل له الحرية في المطالبة بوزارة للدخول الى الحكومة»، رافضاً ان يعتبر مطلبه ابتزازاً سياسياً.

وعلى صعيد المواقف من تشكيل الحكومة اعرب البطريرك صفير عن امله في «ان يحظى لبنان بحكومة هي الآن قيد التأليف تضع حداً للتدهور والفساد وتعيد ثقة جميع ابنائه به ليستعيد ما كان يشغله من مرتبة رفيعة بين الامم».

واعتبر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير الدولة طلال ارسلان «ان تشكيل الحكومة العتيدة يجب ان يتم بسرعة ولكن بدون تسرع. فبالتسرع نتخلف عن تشكيل حكومة جامعة ومتجانسة وذات بعد تمثيلي، وبالتسرع نتخلف عن ملاءمة الحقائب الوزارية مع الاشخاص المخولين الاضطلاع بالمسؤولية». وشدد على «ضرورة تفادي وقوع البلاد في فراغ سياسي على مستوى السلطة التنفيذية وعلى ضرورة مواكبة المناخ الشعبي الذي استبشر خيراً في الآونة الاخيرة»، مشيراً الى «ان تغييب القوى السياسية التي شاركت في صياغة حالة الممانعة اللبنانية للطروحات الغربية المشبوهة سيؤثر سلباً، لا على التشكيلة الحكومية فحسب، بل على قدرة الحكومة على مواجهة تحديات المرحلة الراهنة».