الاحتباس الحراري يؤجج التوترات العرقية في الهند ومسؤول عن الصراعات في نيجيريا وأبخازيا وجنوب أوسيتيا

TT

جوهانسبرج ـ رويترز: يجبر ارتفاع منسوب المياه في البحار الملايين في بنغلادش على الهرب الى الهند مما يشعل نار توترات عرقية ودينية تتحول الى اضطرابات دموية. وفي افريقيا تجف المحاصيل في أراض لفحتها نار الجفاف مما يشعل صراعات في الريف ويدفع سكان المدن الى الاشتباك مع الجيش وهم يسرقون المتاجر من أجل الطعام. ومع توقيع نواب البرلمان الروسي على بروتوكول كيوتو بشأن التغيرات المناخية يوم الجمعة الماضي بعد سنوات من التردد ربما تكون مثل هذه السيناريوهات السوداوية قد راودت البعض.

ويجادل عدد متزايد من المحللين بأن ارتفاع درجة حرارة الارض المرتبطة بظاهرة الاحتباس الحراري ليس مجرد «قضية بيئة». وهم يقولون ان تلك القضية ربما تتقدم على الارهاب في قائمة الاهتمامات الامنية العالمية باثارتها صراعات جديدة واشعالها نار ضغائن قديمة. وقال ستيف ساوير خبير سياسات المناخ لمجموعة جرينبيس المدافعة عن البيئة «أضخم مشكلة أمنية تنتج عن ارتفاع درجة حرارة الارض ستكون موجات الهجرة الاضطرارية ونزوح البشر بسبب الفيضانات أو الجفاف»، وتابع «ان تغيرا جذريا في النظام البيئي يمكن أن يغير من طبيعة الموارد ويشرد القرويين، والهجرات القسرية تسبب على الدوام المشكلات». وفي وقت سابق من هذا العام قال ديفيد اندرسون وزير البيئة الكندي السابق ان ارتفاع درجة حرارة الارض هو تهديد أشد خطرا من الارهاب على الانسانية على المدى البعيد لانه قد يجبر مئات الملايين على النزوح من منازلهم. ومهد توقيع روسيا على بروتوكول كيوتو الطريق أمام بدء سريان الاتفاقية الخاصة بالتغيرات المناخية في العالم. ويلزم البروتوكول الدول الغنية بخفض اجمالي الانبعاثات من ثاني اكسيد الكربون المسببة لارتفاع درجة الحرارة الى اقل من مستويات 1990 بمقدار 2. 5 في المائة وذلك خلال الفترة بين 2008 و2012 بالحد من استخدام الفحم والنفط والغاز الطبيعي والتحول الى مصادر أنظف للطاقة مثل الطاقة الشمسية والرياح.

وقالت الامم المتحدة ان درجات الحرارة قد ترتفع بما يتراوح بين 4. 1 درجة مئوية و8. 5 درجة بحلول 2100. وقد يزيد ذلك من مستوى البحار لتبتلع الدول الواقعة في الاراضي المنخفضة كما قد يؤدي الى زيادة ظاهرة التصحر والفيضانات. وحتى اذا ما طبقت الاتفاقية كاملة حتى 2012 فسوف تكبح الزيادة المتوقعة في الحرارة بمقدار 15. 0 درجة مئوية فقط، وأي ارتفاع أكبر سيتطلب خفضا أشد يحتمل أن يكلف تريليونات الدولارات. وأسوأ تداعيات التغير المناخي تصيب الدول النامية رغم أن الجزء الرئيسي من الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض ينبعث من الدول الغنية. وربما كان ارتفاع درجة حرارة الارض سببا للعنف في وسط نيجيريا المكدس بالسكان حيث يخوض رعاة الماشية الرحل صراعا مع المزارعين على الاراضي النادرة منذ عقود مع اتجاه موجة التصحر جنوبا. ويقول المعهد الدولي للتنمية المستدامة «ظهر أن كثيرا من النزاعات في شتى انحاء العالم سببها ندرة الموارد الطبيعية أو غياب الفرص المتساوية وعدم عدالة مستويات الاستفادة منها». وتطرقت الامم المتحدة ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا في تقرير مشترك صدر يوم الجمعة الماضي الى الجذور البيئية للنزاع في منطقة جنوب القوقاز بما في ذلك الشيشان. وقال التقرير «التراجع البيئي واستخدام الموارد الطبيعية قد يعمقان التوتر في مناطق النزاعات كما في ابخازيا وجنوب اوسيتيا وناجورنو قرة باخ ومناطق اذربيجان المتاخمة». وشددت دراسة اخرى اعدتها منظمة الالفية لجنوب افريقيا لتقييم النظام البيئي على أن نزاعات كثيرة في افريقيا سببها ظاهرة تآكل الاراضي. وبعض المحللين يرون أن ارتفاع حرارة الارض تسبب في نزاعات على موارد المياه، لكن دراسة للامم المتحدة وجدت أن 3600 اتفاقية للمياه سجلت على مدى 4500 عام مضت، مما يشير الى ان الشعوب يمكن ان تتعاون عندما يتعلق الامر بمورد حيوي لحياة البشر.