إلى أي مدى تتنبأ استطلاعات الرأي بالنتيجة في اليوم الفصل؟

TT

اذا كنت من المتابعين لحملة انتخابات الرئاسة، اصبحت مدركا لحقيقة ان نتائج استطلاعات الرأي ظلت في تقلب مستمر خلال العام الحالي، اذ تظهر هذه النتائج الرئيس جورج بوش منتصرا احيانا ومهزوما احيانا اخرى اعتمادا على نوعية الاستطلاع والوقت الذي اجري فيه. وكثيرا ما تناقض نتائج الاستطلاعات بعضها بعضا او تظهر تحولا مفاجئا بين ليلة وضحاها بدون ان يكون ثمة سبب واضح. فشبكة «ايه بي سي» تظهر في استطلاعاتها بوش متقدما على منافسه كيري، بينما تشير استطلاعات «غالوب» في احيان اخرى الى تقدم كيري. ترى كيف نفهم هذا الوضع المتقلب؟ بداية، ثمة قواعد لا بد ان نضعها في الاعتبار عندما نقرا نتائج الاستطلاعات. القاعدة الاولى تتلخص في ان الانتخابات لا تحسمها في نهاية المطاف اصوات الناخبين العاديين وانما تحسم بواسطة اصوات المجمع الانتخابي. ويعني ذلك ان الجانب الاكثر اهمية في انتخابات الرئاسة ليس اصوات الناخبين نفسها وانما اداء المرشح في كل ولاية من الولايات الثماني المعروفة بتقلب مواقف اولئك الناخبين. ولذا، فإن ما نقرأه في نتائج الاستطلاعات ربما لا يكون ذا علاقة تذكر بمن يكسب ومن يخسر في نهاية الامر. وثمة قاعدة ثانية تتلخص في ان نظرية الاحتمالات تقول ان النتيجة يمكن ان تكون ناقصة او زائدة بنسبة 3 بالمائة، وهذا ما يسمى بهامش الخطأ. لذا فإن نتائج غالوب، عندما تشير الى ان كيري حصل على 49 بالمائة وبوش على 48 بالمائة، فإن النتيجة الصحيحة ربما تكون 45 لبوش و51 لكيري.

يضاف الى ذلك ان استطلاعات الرأي تعتمد على مبدا الاختيار العشوائي. فإذا اختيرت عينة بصورة غير صحيحة، او اذا لم يتم اختيار المشاركين في الاستطلاع على نحو عشوائي، فإن المشاركة في الاستطلاع ستكون محصورة بين عدد كبير من الديمقراطيين او من مهاجري اميركا اللاتينية او من النساء. الا ان التغييرات في تكنولوجيا الاتصالات جعلت من الصعب اختيار عينة صحيحة مائة بالمائة. فحتى وقت قريب كان كل بيت اميركي مزود بخدمة الهاتف. ولذا كان من السهل اشراك البيوت في استطلاعات الرأي واعطاء كل اسرة فرصتها. الا ان هناك الان فئة جديدة غالبيتها من الشباب والمستأجرين الذين يستخدمون الهاتف المحمول وليست لديهم خطوط ارضية في اماكن سكنهم. وتجدر الاشارة الى ان القوانين الفيدرالية تجرم اجراء استطلاعات عن طريق الهواتف الجوالة بدون موافقة صاحب الهاتف اذا كان يدفع قيمة المكالمات التي يتلقاها. ولا تريد مؤسسات الاستطلاع تعريض سائقي السيارات للخطر. ومع حرية الحركة، لا نعرف ما ان كان مفتاح المنطقة يعبر فعلا عن المكان الذي يعيش فيه الشخص. ونتيجة لذلك، فإن مجموعة هؤلاء الاشخاص، حملة الهواتف الجوالة فقط، لم يشاركوا في الاستطلاعات. هل هذا يهم؟ ربما لا يهم العام الحالي لأنهم يمثلون ما يتراوح بين 4 الى 7 في المائة فقط من السكان الآن. ولكن اذا ما حدثت زيادة غير متوقعة من الناخبين الذين ينتمون لهذه المجموعة، في ولايات مواجهة مثل اوهايو، التي يعيش فيها عدد كبير من طلاب الكليات، فيمكن ان يؤدي هذا الى تأثير لا تعكسه الاستطلاعات.

والقضية الاخرى هي كيفية تحديد مؤسسات الاستطلاع للناخب المرجح. ومعظم الاستطلاعات على مستوي البلاد تعتقد انها حصلت على افضل نموذج اذا استخدمت ما يعرف باسم «الاتصال الهاتفي العشوائي». وهذا يتم عندما يعد الكومبيوتر ارقاما هاتفية محتملة اعتمادا على توزيع مناسب لشبكة المفاتيح. ولكن عندما يقترب الامر من موعد اجراء الانتخابات، فإن مؤسسات الاستطلاع ترغب في قياس وجهة نظر هؤلاء المرجح ان يدلوا بأصواتهم.

ولذا يسأل المستطلعون عما ان كانوا مسجلين، وبالاضافة الى سلسلة من الاسئلة الاخرى لمساعدتهم على تحديد ما ان كانوا سيصوتون فعلا. ولكل مؤسسة استطلاع مجموعتها الخاصة من الاسئلة ـ وهو سبب آخر لاختلاف النتائج من استطلاع لاخر.

ثم تأتي مسألة «زيادة وزن» المعلومات. فحين يتم جمع النتائج يكون على مؤسسات الاستطلاع معرفة توزيع الكثافات السكانية للتوثق من ان النسب مثلت بشكل صحيح من حيث الجنس والعرق والعمر والتعليم والجغرافيا. ويصبح العمل اكثر تعقيدا اذا حاولت ان تكيف عملك كي يشمل الانتماء الحزبي.

انه تكييف بسيط للمعلومات المتعلقة بالكثافة السكانية لهذه المنطقة او تلك بالاستناد الى المعلومات الموجودة في مكتب الاحصاء السكاني العام ومنظمات اخرى موثوق بها. واذا كان استكشافك فيه عدد قليل من الاميركيين ذوي الاصل الاميركي اللاتيني، فإن برامج الكومبيوتر تسمح لك بتبديل النتائج بصيغة رياضية بحيث يصبح لهذه الفئة من السكان وزنا اكبر مما عكسه الاستطلاع نفسه.

ولكن ماذا اذا كانت مكالماتك الهاتفية تشمل عددا من الديمقراطيين يزيد عن عدد الجمهوريين؟ في هذه الحالة تحتاج الى «زيادة وزن» الجمهوريين. ثم يطرح السؤال: ضمن اي نسبة؟ هل مثلما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة؟ واي منها؟ وكيف تعرف ذلك باستثناء ما تعطيه النتائج الناجمة عن الاستطلاع الذي يتم بعد خروج الناخبين من مراكز الاقتراع؟ هل يعني كل ذلك ان علينا عدم الثقة في الاستطلاعات؟ ليس تماما. فمعظم المستطلعين على المستوى القومي والعاملين في الاعلام والمنظمات غير المنحازة والمعاهد الاستراتيجية وغيرها يقومون بعمل مهم في التقليل من درجة الخطأ. لكن في سباق انتخابي قريب الى الدرجة الحالية، يكون من الحماقة المراهنة على احد المتنافسين.

* خدمة «لوس آنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»