محمد سرور غادر سورية بعد نكبة الاخوان.. استقر وعلم في بريد.. خلط حركية الاخوان بثورية قطب بسلفية ابن تيمية

ماهي قصة التيار السروري؟

TT

بعد اعلان نبأ انتقال الشيخ السوري، الاخواني السابق، محمد سرور بن نايف زين العابدين، من لندن الى الاردن، في خطوة مفاجئة، كثرت الاسئلة حول منهج وآراء هذا الشيخ، 70 عاما، المثير للجدل، خصوصا مع بقاء الغموض حول انتساب تيار منهجي كامل داخل البحر الاسلامي الحركي اليه.

محمد سرور بن نايف زين العابدين، كان اخوانيا سوريا، ثم وبعد اشتداد الوطأة الامنية على الاخوان في سورية،انتهى به المطاف اواخر الستينات الميلادية، معلما في معهد بريدة العلمي، في منطقة القصيم السعودية، مارس التعليم والتبشير في المعهد العلمي التابع لجامعة الامام بمحمد بن سعود الاسلامية، وتتلمذ عليه مجموعة من الاسماء التي برزت لاحقا في سماء العمل الاسلامي الجديد في السعودية، أبرزهم سلمان العودة.

غير ان الرحلة استؤنفت من جديد، في محطة الكويت، غير الواضحة لحد الان، الى أن استقر المفام بسرور في بريطانيا، وهناك في برمنغهام أسس مركز دراسات السنة النبوية، مظلته وواجهته البحثية، واطلق عن هذا المركز، مجلة (السنة) التي اصبح لها شأن كبير بعد حرب الخليج الثانية 1991 لجهة صوغ الموقف السياسي للمحازبين له والمقتنعين بمنهجه في السعودية تحديدا.

تحدث لـ »لشرق الأوسط « بعض المتابعين لملف السرورية، مؤكدين أن اسم (السرورية) الذي اطلق على تيار (السلفية الاخوانية) أو (الاخوانية السلفية) ليس الا اسما اصطلاحيا للتداول والتسهيل، ومن اجل وصف هذا المتحول الجديد في العمل الاسلامي الحركي.

وتبعا لهؤلاء المتابعين، فإن منهج السرورية، لايصنف على منهج الإخوان المسلمين، كما أنه من المؤكد انه شيء آخر غير السلفية التقليدية التي اعتدنا عليها، ومن ابرز ملامحها، التجافي عن النشاط السياسي، على المستويين، النظري والعملي.

وطبقا لإشارة الباحث السعودي ابراهيم السكران فإنه، وحسب تجربته الخاصة، مع «السرورية»، فانه لم يكن واعيا بهذه التسمية اثناء الانغماس في «الدعوة الى الله»، ولم يكن يشعر بشيء ما اكبر من كونهم «مجموعة دعوية مرنة». صحيح، والحديث للسكران، انه كان هناك مستوى من التنسيق والمتابعة، غير انه لم يكن الحديث عن قصة إطار أو تنظيم.... الخ لاحقا حينما سمعت من زملاء لي، من نفس الخلفية التي مررت بها، عن ذلك أبديت دهشة، قوبلت بشفقة من قبل زملائي وقالوا لي: كلنا يعلم بوجود اطار تنظيمي، أو مؤسسي لنا، الا انت! سألت ابراهيم: ألا تعتقد ان كلمة «تنظيم» بدلالاتها الامنية، هي التي جعلت المنتمين لهذا الاطار الحركي، يتوترون من اطلاق هذه الاوصاف الحزبية عليهم؟

فقال: يجب ان ندرك ان هناك جانبا «عفويا» تلقائيا في الموضوع، فصحيح اننا كنا نختلف عن الاخوان المسلمين في المنهج الدعوي والعملي، الا ان كلمة تنظيم بالمعنى الدقيق، ربما لاتنطبق الا على فئة معينة لاتتجاوز 3000 حسب توقعي، هؤلاء هم المعنيون بالمتابعة وحماية «الدعوة» أي المنهج من الاخطار.

ويتابع: لكن الأهم من التنظيم السروري هو «الفكر السروري» فهو المهيمن على مجمل الخطاب الصحوي في البلد. من خلال اشرطة الكاسيت ورواد الخطب والمحاضرات والكتب. فـ«عمليا» يصبح الأغلب مصبوبون على قالب السرورية منهجا وتفكيرا. يؤكد ابراهيم «وهذا هو الاهم: المنهج».

وعن ملامح المنهج السروري يقول السكران السرورية هي «منهج يختلف عن المنهج الاخواني والسلفي التقليدي، تقوم على المزج بين شخصيتين اسلاميتين هامتين هما: ابن تيمية وسيد قطب!» ويتابع: أخذوا من ابن تيمية موقفه السلفي الصارم من المخالفين للسنة من الفرق والمذهب الاخرى مثل الشيعة، وبالتالي فهم استمدوا من ابن تيمية (المضمون العقائدي).

وأما سيد قطب فأخذوا منه (ثوريته) وآمنوا ايمانا تاما بمقولة الحاكمية لديه.

من أجل ذلك، ورغم عدم اتساق سيد قطب اتساقا تاما مع شروط العقيدة السلفية كما هي وفق التنظير الذي أصله إبن تيمية، من حيث وجود ملاحظات عقدية عليه، فانهم، خصوصا جناح الحمائم منهم، ماكانوا يتوقفون عند ذلك، وكانوا يغضون الطرف عنه من اجل مقولة الحاكمية.

باحث اخر، قال لـ«الشرق الأوسط»، ان مظهرا من مظاهر الاختلاف السروري عن الاخواني في السعودية يتجلى من خلال اعتماد «المراجع» النظرية المنهجية، على مستوى الكتب، فرغم أن التيارين: الاخوان والسروريون، يعتمدان سيد قطب وتفسيره «في ظلال القرآن «اثناء الفهم الحركي» للقرآن، الا انهم اختلفوا عندما وصلوا للسيرة النبوية، وكيفية استثمارها والاعتبار بها حركيا.

ويتابع الباحث : عند الاخوان السعوديين كان كتاب (فقه السيرة) للاخواني السوري المقيم في السعودية منير الغضبان هو المعول عليه في تثقيف الشباب بسيرة النبي (ص)، ولم يكن عند السرورين، حديثي النشأة، مرجع خاص، يحتوي زبدة رؤيتهم وفهمهم « المنهجي« للسيرة النبوية فكان لزاما ايجاد هذا المرجع. صحيح، حسب شرح الباحث، أنه كان هناك كتاب قبسات من السيرة لمحمد قطب، لكنه لم يكن يشفي الغليل، ومن هنا ألف محمد سرور زين العابدين كتابه حول فقه السيرة النبوية.

وكان الكتاب منهلا لكيفية استثمار السيرة من اجل الحركة وظروفها وتحولاتها عبر آلية «الاستلهام»، وعليه، مثلا، فان مرحلة الاستضعاف التي مر بها نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وهي المعروفة بالفترة المكية، وكان محرما عليه فيها القتال، ليست مجرد مرحلة تاريخية، حسب شرح سرور، بل هي «حالة» قد تمر بها الدعوة الاسلامية = الاسلام مع الرسول (ص)، وقد جسد سرور هذا المعنى اكثر اثناء حديثه عن ازمة الحركة الاسلامية في الجزائر بعد تعطيل الانتخابات واندلاع العنف المسلح، حيث يقول موجه نصيحته للاسلاميين الجزائريين« يا دعاة الجزائر لم يحن القطاف بعد « (« مجلة السنة العدد (15 شهر صفر 1412هـ).

وحول اصل تسمية «السرورين» التي يرفضها اغلب اسلاميي السعودية، ويرفضها سرور نفسه، يقول ابراهيم السكران «اول مرة اسمع بهذا الاسم كانت اثناء حرب الخليج الثانية، واعتقد ان مصدر التسمية جاء من خصوم التيار السروري والمتضررين منه خاصة من تيار الاخوان المسلمين الذين رأوا في هذا التيار اهدارا لطاقات العمل الاسلامي».

ويتابع: «الجامية هم الذين اشهروا هذا اللقب»، والجامية اسم محلي داخل خريطة الاسلاميين السعوديين يطلق على شعبة من شعب التيار السلفي، وهي تعادي اي توجه سياسي مناوىء للسلطة انظلاقا من «منهج السلف» في السمع والطاعة.

ويتابع «اذكر، وبسبب هذه الحيرة في وصف التيار الاسلامي الجديد، أن الاخوان كانوا يطلقون علينا في مدينة الرياض اسم (جماعة فلاح) نسبة الى احد رموز التيار».

يبقى هناك جملة من الاسئلة حول رموز هذا التيار، وحمائمه وصقوره، ونقاط اختلافه مع الاخوان و«الجامية» والجهاديين السلفيين، علما ان ابا محمد المقدسي سبق ان رد على محمد سرور بكتاب خاص، كما رد سرور على جماعة شكري مصطفى (التكفير والهجرة). واخيرا موقف محمد سرور زين العابدين من ايران والخميني وطوائف لبنان، وعمر عبد الرحمن وقصة كتاب (وجاء دور المجوس)... واشياء اخرى.