الأوروبيون يدعون إيران إلى التخلي عن تخصيب اليورانيوم في مفاوضات الفرصة الأخيرة

TT

في محاولة اخيرة لانقاذ الموقف قبل اللجوء الى خيار فرض عقوبات اقتصادية، بدأت فرنسا والمانيا وبريطانيا اجتماعا جديدا مع ايران في فيينا امس، لسماع رد طهران على عرض أوروبي للتعاون، في مقابل وقف تخصيب اليورانيوم لاجل غير مسمى. ويعقد الاجتماع على غرار اجتماع الخميس الماضي في مقر بعثة فرنسا لدى المنظمات الدولية في العاصمة النمساوية، ويأتي وسط تفاؤل بسبب التصريحات الاخيرة التي اطلقها حسن روحاني المسؤول الاول عن النشاط النووي الايراني الذي قال ان بلاده قد تقبل بتعليق تخصيب اليورانيوم كقرار طوعي غير مفروض عليها، وانها ستتخذ خطوات لبناء الثقة. غير ان بعض الدبلوماسيين اعتبروا ان الفرص ضئيلة في التوصل الى نتيجة في هذا الاجتماع، وهو الثاني في غضون اسبوع. وقد صرح المتحدث باسم فريق المفـــاوضين الايرانيين حسين موســويان لوكالة الصحافة الفرنســــية بان ايران تعتــــبر انه ما زال هناك الكثير من نقاط «الغـــموض» في الاقتراح الأوروبي، الذي يجنبها عقوبات محتملة من الامم المتحدة في حال تخليها عن تخصيب اليورانيوم.

ويشارك في هذا اللقاء مسؤولون من وزارات الخارجية الالمانية والبريطانية والفرنسية. ويقول دبلوماسيون ان العرض يعتبر الفرصة الاخيرة التي تقدم الى ايران، اذا ارادت التعامل مع المجتمع الدولى بشفافية. ويضيف هؤلاء الدبلوماسيون انه اذا رفضت ايران العرض الأوروبي، ستؤيد معظم الدول الاوروبية المطلب الأميركي بإحالة الملف النووي الايراني الى مجلس الامن، لفرض عقوبات محتملة على طهران حين يجتمع مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر (تشرين الثاني). وقال دبلوماسي أوروبي ان احد بواعث القلق هو ان توافق ايران على تجميد تخصيب اليورانيوم، ثم تماطل في المحادثات لكسب الوقت وتخفيف الضغوط السياسية عليها، مثلما فعلت في اتفاق مماثل عام 2003 .

ولمح حسن روحاني رئيس المجلس الأعلى للامن القومي الايراني الى امكانية موافقة طهران على الجزء الاول من الاتفاق الأوروبي الذي طرحته الدول الاوروبية الثلاث، وهو تجميد انشطة تخصيب اليورانيوم لأجل غير مسمى. وفور تنفيذ هذه الخطوة تعهدت الدول الاوروبية الثلاث بالتفاوض من اجل التوصل الى حل كامل والذي قد يتضمن مساعدة ايران في برامجها التقنية النووية المدنية والتوصل الى اتفاق تجاري مقابل تخلي طهران عن برامج الوقود النووي الى الابد. لكن حسين موسوي وهو من اكبر المفاوضين الايرانيين النوويين قال امس «لن يطرح اي عرض جديد خلال اجتماع الاربعاء... لكن سنناقش نقاط الغموض في الاقتراح الاوروبي». وقدم امس عدد من النواب المتشددين الذين يسيطرون على البرلمان الايراني مشروع قانون يلزم الحكومة باستئناف تخصيب اليورانيوم، ووقف زيارات المفتشين الدوليين المفاجئة للمنشآت النووية الايرانية. وفى سياق تطورات الملف النووي اعلن مسؤول في مصنع اراك (200 كلم الى جنوب غربي طهران) لانتاج المياه الثقيلة امس ان المصنع سيبدأ عمله في غضون شهر، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية. وقال المسؤول منوشهر مدادي ان «اثنتين من الوحدات الثلاث الرئيسية في المصنع بدأتا بالعمل (...). اننا ننتج حاليا مياها ثقيلة بنسبة 15%، ولكن من اجل تحويلها الى مياه ثقيلة بنسبة 99.8%، يجب الاقلاع بالوحدة الرابعة، الامر الذي سيتم خلال شهر». واضاف «مع اقلاع الوحدة الرابعة، ستنتقل قدرتنا على الانتاج من ثمانية اطنان الى 16 طنا سنويا».

وتضم منشآت اراك مصنعا لانتاج المياه الثقيلة ومفاعلا بالمياه الثقيلة بقوة 40 ميغاوات لا يزال مشروعا لم ينفذ بعد. ومن شأن هذا المفاعل، بحسب الخبراء، تأمين التقنية اللازمة لايران لانتاج البلوتونيوم للاســـتخدام العسكري، على عكس مفاعلات المياه الخفيفة التي لا تصلح للاستخدام العسكري. وتستخدم المياه الثقيلة في نظام معالجة الوقود للمفاعلات النووية.

وطلبت الدول الاوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا والمانيا) التي تجري محادثات مع طهران حول الملف النووي، من ايران تعليق كل نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، لا سيما بناء محركات الطرد المركزي وتحويل اليورانيوم في منـــشآت اصفهان (وسط) والعدول عن بناء مفاعل بالمياه الثقيلة في اراك.

ويأتي الإعلان عن بدء العمل قريبا بمصنع اراك قبل بضعة ايام من تأكيد مسؤول في المنظمة الايرانية للطاقة الذرية ان مصنع تحويل اليورانيوم في اصفهان «يعمل بنسبة 70% من طاقته».

ويسعى الإيرانيون، على ما هو واضح، الى التأكيد على المضي في برنامجهم النووي رغم مطالب الاسرة الدولية.