الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية الجديدة تخصص لإعداد البيان الوزاري والرد على المنتقدين في الداخل والخارج

وزير الإعلام يرفض «أخذ الدروس» من أرميتاج

TT

استهلت الحكومة اللبنانية اولى جلساتها امس، بعد اعلان تشكيلها اول من امس، بالتحرك على خطين: الأول الاعداد للبيان الوزاري الذي ستنال على أساسه الثقة، والثاني الرد على الانتقادات الداخلية والخارجية التي استهدفتها مع التوقف عند الكلام الصادر عن بعض المسؤولين الاميركيين وبينهم نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج، الذي اعتبر ان الحكومة اللبنانية الجديدة «صنعت في دمشق» كما «ان تعيين سورية لرئيسها (عمر كرامي) اثر استقالة الرئيس (رفيق) الحريري لا يبدو منسجماً مع القرار 1559».

وقد رد وزير الاعلام ايلي الفرزلي، في اول اطلالة له على الصحافيين بهذه الصفة بعدما كان نائباً لرئيس مجلس النواب، على كلام ارميتاج آخذاً عليه نقص المعلومات لديه، لافتاً اياه الى ان الرئيس كرامي «هو ابن البيت الاستقلالي الاول وهو ابن عبد الحميد كرامي احد صانعي الاستقلال اللبناني»، رافضاً «اخذ الدروس من هذا المسؤول الاميركي او غيره في مسألة صون الاستقلال وصون السيادة». فيما رأى وزير العمل عاصم قانصوه (ممثل حزب البعث في الحكومة) في التعليق الاميركي على تشكيلة الحكومة «مسألة طبيعية»، متسائلاً في الوقت نفسه ما اذا كان الوزير السابق فارس بويز (الذي وصف بعض اعضاء الحكومة بالمخبرين من الدرجة العاشرة) يعتبر من الصف الاول.

اما رئيس الحكومة عمر كرامي فأعلن عن «تقبل كل ما يحكى بصدر رحب» مؤكداً انه «لن يثنينا انتقاد ولا تهويل عن المهمة التي انتدبنا انفسنا لها وهي خدمة الناس».

وكانت الحكومة الجديدة قد استهلت نشاطها أمس بالتقاط الصورة التذكارية لاعضائها مع رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء عمر كرامي وذلك في القصر الجمهوري في بعبدا، قبل انتقالها الى مقر اجتماعاتها في منطقة المتحف في بيروت، حيث ترأس اولى جلساتها رئيس الجمهورية اميل لحود في حضور الرئيس كرامي والوزراء وفي غياب نائب رئيس الحكومة عصام فارس الموجود في لندن لارتباط مسبق بمحاضرة يلقيها في العاصمة البريطانية. وعقب انتهاء الجلسة اذاع وزير الاعلام المعلومات الرسمية التي جاء فيها ان رئيس الجمهورية تحدث عن التحديات الخارجية والداخلية التي تواجه لبنان. مشيراً الى ان المدة قصيرة ولكن من المطلوب والممكن تحقيق الكثير فيها لأن هذه المرحلة ستضع الأسس لمرحلة لاحقة».

وقال الفرزلي ان رئيس مجلس الوزراء تحدث ايضاً بكلمة موجزة «شكر فيها فخامة الرئيس على تعاونه في تأليف الحكومة. وتحدث عن التحديات الكبيرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحاول ان يعطي التوجيه المتعلق بضرورة وضع حجر الاساس لعملية إنقاذية حقيقية بعد حالة، ما وصفه، بالانحلال التي أصابت البلاد على المستويات كافة في المدة الاخيرة. وطرح شعار ضرورة استعادة ثقة الناس، كل الناس، بالجمهورية وبالنظام الديمقراطي البرلماني. وأعلن الفرزلي ان لجنة تألفت لاعداد هذا البيان برئاسة الرئيس كرامي وعضوية الوزراء: الياس سابا، ايلي الفرزلي، ألبير منصور، سامي منقارة، ياسين جابر، محمود حمود، عدنان القصار، عدنان عضوم، ابراهيم الضاهر، ناجي البستاني ووئام وهاب. وقد عقدت اللجنة اول اجتماع لها في السراي الكبير امس.

وتناول وزير الاعلام الانتقادات التي ووجهت الى الحكومة فور تشكيلها فقال: «للأسف الشديد أقول انه لم يكد دولة رئيس مجلس الوزراء ينهي تلاوة الاسماء، حتى كانت هناك حملة اعلامية من الداخل والخارج. وآمل ألا يكون هذا التناغم بين الداخل والخارج منسقاً لأنه يرسم علامات استفهام كبيرة..الاسماء، اسماء السادة الوزراء جميعاً، تتمتع بنظافة كف وقصد واضحة. اسماء وزراء نجحوا في الحياة العامة على المستويات كافة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً. بالرغم من هذا كله، هناك إصرار، أكاد أقول، على توجيه الشتائم لهؤلاء جميعاً قبل ولادة الحكومة، حتى لم ينتظروا لقراءة البيان الوزاري الذي سيصدر كأن هذه الحملة شاءت ان تكون هجوماً استباقياً لما يمكن ان تقدم عليه الحكومة».

وفي حوار مع الصحافيين سئل الفرزلي اذا كان كلامه مقدمة لاتخاذ اجراءات بحق اي وسيلة اعلامية تعارض الحكومة، فنفى ذلك بشدة قائلاً: «نحن رموز الحفاظ على الديمقراطية، ونحن من انصار فكرة التعددية الاعلامية... لذلك اطمئن ان الاعلام بخير والديمقراطية ستكون بخير. ولكن من حق الحكومة ان تكون صاحبة لسان محق في الدفاع عن حقها وعن الحقيقة، لأنه لا يجوز ايضاً ان يكون الاستقرار في الساحة على قاعدة ان الفاجر يأكل مال التاجر».

وحول تحرك الحكومة لوقف المراقبة الاميركية والاوروبية الدائمة لتطورات الاوضاع في لبنان، قال الفرزلي: «الحكومة تدرك جيداً وتقرأ جيداً وهي قارئة بعمق للواقع الدولي ولعلاقة هذا الواقع بدول المنطقة. وان اي قرار سيتخذ وفقاً لمصلحة لبنان العليا في كنف هذه التطورات الجارية على الساحة الاقليمية. والأكيد انه في نهاية المطاف الشائعات ستسقط الواحدة تلو الأخرى».

وعقب الجلسة تحدث الرئيس كرامي للصحافيين فسئل عن تعليقه على الملاحظات التي اطلقت ضد الحكومة فرد قائلاً: «نحن نتقبل كل ما يحكى بصدر رحب. وكما قلنا بالأمس ان هذه هي الحياة الديمقراطية. والحكومة لم تجتمع حتى الآن. على كل حال نحن نكرر ترحيبنا ونؤكد انه لن يثنينا لا انتقاد ولا تهويل عن المهمة التي انتدبنا نفسنا لها وهي خدمة الناس».

وبعد اول اجتماع عقدته اللجنة الوزارية المكلفة باعداد البيان الوزاري برئاسة كرامي اوضح الفرزلي رداً على سؤال ما اذا كان البيان الوزاري سيتطرق الى مسألة الوجود السوري في لبنان، وكيف سيطرح موضوع الانتخابات النيابية، بالنسبة لمشروع قانون الانتخابات فأجاب: «مشروع القانون المنتظر سيتم التطرق إليه، كله تحت سقف الدستور. تحت سقف الطائف، وهذا أمر أساسي، ان يعتمد الطائف وان يعتمد المعيار الواحد في اي قانون للانتخابات النيابية. وبالنسبة للوجود السوري، مسألة تحتمه العلاقات اللبنانية ـ السورية وفقاً لمعاهدة نص عليها، وبالتالي هي من الثوابت الوطنية التي نؤكد عليها دائماً وأبداً ولن تستطيع الضغوطات ان تنال، لا من قريب ولا من بعيد من متانة هذه العلاقات».

وانتقد النائب فيصل الداوود (درزي) مستوى التمثيل الدرزي في الحكومة ورأى انه يكرس «سياسة الابتزاز وسياسة المزرعة». واعتبر ان تشكيل هذه الحكومة يعد «تحدياً للموالين قبل المعارضين واستخفافاً بالسياسيين والمثقفين». وأكد بأنها «لا تمثل الدروز في جميع تياراتهم ومناطقهم» معلناً بأنه سيعارضها.

واصدرت «حركة الناصريين الاحرار» بياناً استنكرت فيه «الغبن الذي لحق بأبناء بيروت نتيجة تغييب تمثيلها من التشكيلة الحكومية» معتبرة ان «العمر القصير للحكومة لا يستدعي أي تصعيد سياسي».