تشكيلة الحكومة اللبنانية تتجاوز ثأرا دمويا يعود إلى 55 سنة

ابنة رياض الصلح ستحضر الجلسات مع وزير عن الحزب الذي اغتال والدها

TT

أصعب ما قام به رئيس الوزراء اللبناني الجديد، عمر كرامي، لم يكن جمعه لممثلين عن طوائف ومذاهب وعقائد وملل متناقضة في وزارة واحدة، بل تعيين وزيرين يفرق بينهما ثأر دموي عمره أكثر من 55 سنة.

وزارة «ليس بالإمكان أفضل مما كان»، كما سماها الرئيس كرامي، جمعت بين محمود عبد الخالق ـ كوزير دولة يمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أعدم مؤسسه، أنطون سعادة، يوم كان رياض الصلح رئيسا لحكومة لبنان ـ وبين ليلى الصلح، وزيرة الصناعة الجديدة، والابنة الصغرى للرجل الذي انتقم الحزب منه لإعدام سعادة في عهده باغتياله رميا بالرصاص خلال زيارة له الى عمان.

اتصلت «الشرق الأوسط» أمس بالوزيرين الجديدين، عبد الخالق والصلح، لتسألهما كيف سيلتقيان على طاولة واحدة وتحت سقف واحد في اجتماعات مجلس الوزراء المقبلة، فقبل الوزير عبد الخالق التحدث في الموضوع فيما تجنبت الوزيرة ليلى الصلح الرد على أكثر من 10 اتصالات أجرتها «الشرق الأوسط» معها، على كل من هاتفها النقال والثابت.

والجدير بالذكر، أن القوميين السوريين يعتبرون أن الحكم بإعدام أنطون سعادة كان ظالما ومجحفا، إذ ان السلطات اللبنانية اتهمته بالعصيان، في منتصف عام 1949، والقيام بثورة مسلحة، فكان أن غادر سعادة الاراضي اللبنانية إلى دمشق، ساعيا للحصول على حماية حسني الزعيم، الرئيس السوري آنذاك. ولكن الأخير، بعد ان احتضنه فترة، عاد وسلمه إلى السلطات اللبنانية التي حاكمته في يوم تسلمه من دمشق، ولم تسمح لمحاميه بدرس الاتهامات التي وجهها إليه القضاء العسكري، مما اضطره لأن يدافع عن نفسه طوال 8 ساعات، ليلة 7 يوليو (تموز) من ذلك العام، وانتهى كل شيء بإدانته بالإعدام وتنفيذه به قبل شروق شمس 8 يوليو (تموز) بساعات قليلة، وذلك رميا بالرصاص على شاطئ بيروت.

ويقول وزير الدولة الجديد، محمود عبد الخالق، وهو برتبة أمين في الحزب السوري القومي الاجتماعي الداعي منذ تأسيسه في مثل هذا الشهر من عام 1932 إلى وحدة لبنان وسورية والأردن وفلسطين والعراق والكويت وجزيرة قبرص وصحراء سيناء ضمن «أمة سورية» واحدة، ان هذه القضية «مرت ولم يعد لها أثر في تاريخ لبنان الحديث.. من الجائز أنها كانت تمثل الكثير في ذلك الوقت، أما الآن فالأمر مختلف، ونحن على أي حال لسنا في خندق قتال مع آل الصلح»، وفق تعبيره عبر هاتفه النقال من بيروت.

وسألته «الشرق الأوسط»:

* هل اجتمعت بالوزيرة ليلى الصلح؟

ـ طبعا. وصافحتها اليوم (أمس) وتبادلنا التهاني.

* كل شيء كان عاديا خلال المصافحة؟

ـ بالتأكيد، ولم يتبادر إلى ذهني شيء تقريبا، فأنا أعرفها امرأة مناضلة، وكانت وما تزال ناشطة دائما في كثير من الحقول.

* وهي، هل كانت طبيعية معك؟

ـ كانت طبيعية على ما أعتقد، لكن أحدا لا يعرف ما يدور في داخل الآخر.

* لنفترض أنها دعتك في إحدى المرات إلى ذكرى اغتيال والدها، فهل ستحضر؟

ـ أعتقد.. قد أحضر. لا أدري، ربما.. حسب طبيعة الدعوة.. هذه القضية ليست في الوارد الآن، دعونا من الماضي، أرجوك.

أما وزيرة الصناعة، ليلى الصلح، وهي خالة الأمير الوليد بن طلال، وأرملة النائب والوزير اللبناني السابق ماجد حمادة، فكان من الصعب التحدث إليها «لأنها مشغولة بمؤتمر صحافي في البيت»، بحسب ما قاله مرات ومرات من أجاب على مكالمة «الشرق الأوسط».