نتنياهو يسعى لتحطيم انتصار شارون ويخطط لإسقاطه من زعامة الليكود ورئاسة الحكومة

TT

في خطوة وصفتها وسائل الاعلام الاسرائيلية بأنها لعبة قذرة وطعنة في الظهر، انطلق وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو في معركة سياسية وشخصية ضد رئيس وزرائه أرييل شارون، تهدف الى تحطيم الانتصار الذي حققه في اقرار خطة الفصل للانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية وازالة المستوطنات منهما، ترمي الى اسقاط شارون من زعامة الحزب ورئاسة الحكومة.

وأقدم نتنياهو على هذه الخطوة بالتعاون مع ثلاثة وزراء آخرين وحزب المفدال المتطرف. لكن شارون قال انه لا يتأثر من هذه المؤامرة وانه سيمضي في مخططه. وربط الوزراء الاربعة بين بقائهم في الحكومة وبين موافقة شارون على اجراء استفتاء شعبي على خطة الفصل مع الفلسطينيين.

وكان الكنيست قد اقر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس وبعد يومين من المناقشات المراثونية، خطة الفصل بأكثرية ساحقة (67 : 45)، وسط ضغوط شعبية واسعة من اليمين واليسار على النواب وصلت الى حد تهديد حياة عدد منهم، خصوصا مؤيدي الخطة بمن في ذلك شارون نفسه. وصوت الى جانب الخطة 23 نائبا من حزب الليكود (من مجموع 40) وكل نواب حزب العمل المعارض الـ 21 و14 نائبا من حزب شنوي (احدى نائباته تغيبت بسبب مرضها) و6 نواب حزب «ياحد» الاشتراكي الديمقراطي ونائبا القائمة العربية الموحدة (تحالف الحركة الاسلامية والحزب الديمقراطي العربي) ونائب منشق عن حزب الاتحاد اليميني المتطرف (ميخائيل نودلمن). بينما صوت ضد الخطة 17 نائبا من الليكود و11 نائبا من حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين و6 من حزب المفدال الاستيطاني و6 من الاتحاد اليميني المتطرف و5 من «يهدوت هتوراه» لليهود الغربيين المتدينين. وامتنع عن التصويت 6 نواب عرب هم نواب حزب التجمع بقيادة النائب عزمي بشارة والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بقيادة النائب محمد بركة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائب احمد الطيبي، وكذلك النائب المتدين المستقل ديفيد طال. وكانت هذه النتيجة معروفة سلفا طيلة يوم أمس، وراحت وسائل الاعلام تشيد بنجاح شارون وصموده والمكاسب التي حققها وسيحققها من بعد اقرار الخطة، واذا بوزيره نتنياهو يفجر أزمة درامية في الكنيست، قبل 40 دقيقة فقط من موعد التصويت.

فقد جاء نتنياهو يحمل رسالة من شخصيات في حزب المفدال يتعهدون فيها بالبقاء في الحكومة حتى نهاية الدورة اذا وافق شارون على طرح خطة الفصل للاستفتاء العام، والتزموا بأن يقبل حزبهم أية نتيجة يقرها الاستفتاء.

وحاول نتنياهو تجنيد أولا عدد من الوزراء فرفض وزير الخارجية، سلفان شالوم، هذه الوثيقة وقال ان الشخصيات الموقعة عليها غير رسمية فذهب نتنياهو مرة أخرى الى المفدال وأحضر تواقيع أربعة من نوابها في الكنيست ومعها تواقيع قيادة المستعمرين في الضفة الغربية وقطاع غزة. الا ان شالوم رفض المشاركة. فجند نتنياهو الوزراء: ليمور لفنات (التعليم)، وداني نافيه (الصحة)، يسرائيل كاتس (الزراعة) ورئيس لجنة الخارجية والامن، يوفال شتاينتس.

وتوجه هؤلاء الى شارون في اللحظة الأخيرة وخيروه بين الموافقة الآن على اجراء استفتاء على خطة الفصل، واما التصويت في الكنيست ضدها. ولم يرضخ شارون لهم بل رفض ان يستقبلهم في مكتبه وأرسل لهم سكرتيره ليقول لهم «صوتوا كما تشاءون». فأبلغوه انهم سيبقون في مكاتبهم ولن يدخلوا القاعة الا اذا قابلهم. فقام شارون وغادر مكتبه وادار لهم ظهره ودخل الى القاعة. فما كان منهم الا ان دخلوا الى القاعة مهرولين وصوتوا الى جانب خطة شارون وهم يهددون بخطوات أخرى مدروسة أكثر ضده. وبعد انتهاء التصويت، خرج الأربعة الى وسائل الاعلام يعلنون ان تهديدهم ما زال قائما وانهم يعطون شارون مهلة أسبوعين، فاذا لم يوافق عى الاستفتاء سيستقيلون من مناصبهم وسيتصرفون على انهم في حل من الالتزام بالائتلاف الحاكم.

ثم أصدر حزب المفدال تهديدا مشابها، وقال انه يمهل شارون أسبوعين والا فانه سينسحب من الائتلاف وينتقل الى المعارضة. وبذلك تصبح حكومة شارون حكومة أقلية ضئيلة (55 من مجموع 120 نائبا في الكنيست) وتعتمد بالاساس على شبكة أمان المعارضة، وهذا غير ممكن. وسيضطر عندئذ الى التوجه للانتخابات. بيد ان شارون لا يبدي تأثرا جديا من كل هذه التهديدات ويواصل العمل وفق أجندته الخاصة. فقد استدعى الوزير بلا وزارة في حكومته عوزي لانداو، ونائب الوزير ميخائيل ريتسون، اللذين قادا المعركة في الليكود ضد خطة الفصل وصوتا في الكنيست ضدها، وسلمهما كتاب الفصل من الحكومة. وعاد وأعلن انه سيواصل العمل في خطة الفصل حتى تطبيقها الكامل، من دون الرجوع الى الكنيست. وقال انه لن يذهب الى انتخابات جديدة. وسيعمل على توسيع ائتلافه الحكومي. ورفض بشدة ما سماه «لعبة الاستفتاء الشعبي» الهادفة فقط الى المزيد من المماطلة والعرقلة للخطة.