«فرنسي».. كلمة مذمومة في الحملة الانتخابية

TT

واشنطن ـ رويترز: على مدى قرون، كان ذكر اسم فرنسا يستحضر في الاذهان الأميركية صورة الاناقة والذوق الرفيع. لكنه أصبح كلمة مذمومة في الحملة الانتخابية الاميركية التي تحتدم المنافسة فيها.

واستغل بعض الجمهوريين المشاعر المعادية لفرنسا بين بعض الاميركيين اثر رفضهم الحرب على العراق واتهموا المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة السناتور جون كيري بأنه «يبدو فرنسيا».

وانضمت الصحافة المحافظة الى الجوقة بعد ان عقد مستشار لبوش، لم ينشر اسمه، المقارنة نفسها في حديث لصحيفة «نيويورك تايمز». ومن جهة اخرى وصف جيمس تارانتو، المعلق بصحيفة «وول ستريت جورنال»، كيري أكثر من مرة بأنه «ديمقراطي متعجرف من ماساتشوستس يشبه الفرنسيين».

وقالت هول ان المشاعر المناهضة لفرنسا جديدة نسبيا. واضافت ان مستوى الوعي بالشؤون الدولية في الولايات المتحدة «منخفض جدا. لا أعتقد بان الشعب الاميركي لديه بصفة عامة انطباع واضح عن فرنسا». واضافت: «من قبل كان معظم الاميركيين يفترضون ان تعبير «يبدو فرنسيا» مجاملة. كان الناس يعتبرونه مرادفا للجاذبية والتحضر وحب الحياة».

ولم يصف الرئيس الاميركي جورج بوش او حملته كيري على هذا النحو علنا، كما رفضت حملة بوش التعليق. وقال المتحدث ريد ديكنز مازحا باللغة الفرنسية: «لا تعليق». وتقول كاثلين هول جاميسون، مديرة «مركز انينبرغ للسياسة العامة» بجامعة بنسلفانيا: «يفترض انها مجاملة. ولكن في هذا السياق تعني ان كيري سيذعن لفرنسا والمانيا بدلا من ان يدافع عن بلاده».

ويتحدث كيري الفرنسية بطلاقة وتربطه صلة قرابة بفرنسيين. وقالت ستيفاني كيتر، المتحدثة باسم كيري: «اعتقدت بأن اميركا بلد كبير تذوب فيه جميع الجنسيات. لا أعرف لماذا اختار بوش جنسية بعينها ليوجه اليها انتقادات. انه نفس السلوك الذي انتهجه الرئيس ودفع بأميركا للعزلة بين دول العالم». ومنذ ان تمسك الرئيس الفرنسي جاك شيراك بموقفه في الامم المتحدة في اوائل العام الماضي ورفض ان يتبع خطى الولايات المتحدة في حربها ضد العراق، هوجم كل ما هو فرنسي في اميركا. وفي اعقاب الحرب طلب مشرعون تغيير اسم «فرينش فرايز» أو البطاطس الفرنسية المقلية الى «بطاطا الحرية» في مطعم مجلس النواب الاميركي.

وقالت فرانسواز ميلتزر، استاذة الشؤون الانسانية في جامعة شيكاغو: «حين ترى أميركيين يسكبون المشروبات الفرنسية الفاخرة في المجاري احتجاجا على موقف فرنسا بشأن العراق فإنك تدرك عمق الاحساس بالخيانة لدى رجل الشارع».

ودفع الهجوم على فرنسا خلال الحملة الانتخابية السفير الفرنسي لدى واشنطن، جان دافيد ليفيت، لتقديم احتجاج للسلطات الاميركية الشهر الحالي. وقال في كلمة القاها في الآونة الاخيرة في جامعة جونس هوبكينز: «أصبحت فرنسا مادة للسخرية في الجدل الانتخابي».

وتقول ميلتزر، التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والاميركية ان المشاعر المعادية لفرنسا «ظاهرة بين الاميركيين من وسط الولايات المتحدة والطبقة الوسطى أيضا، وهي المجموعة الانتخابية الرئيسية التي يستهدفها الحزب الجمهوري هي ومجموعة المسيحيين الاصوليين».

وتضيف ميلتزر: «ثمة نوع من الغضب بين افراد الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة لأن فرنسا لم تصن الجميل وكأنهم يقولون: «أنقذناكم عام 1944 والآن حين نحتاجكم لا نجدكم». لم يهب الفرنسيون لمساعدة الاميركيين الذين سبق ان هبوا لنجدتهم».

ومضت قائلة: «حقا ساعدت اميركا فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن الثورة الاميركية لم تكن لتنتصر بدون فرنسا. كل هذه الامور لا علاقة لها بما ان كان على فرنسا المشاركة في حرب العراق. على ان كلمة «فرنسي» صارت تعني في واقع الامر «غير اميركي».

وتقول كيتر: «كل من زار تمثال الحرية، الذي اهدته فرنسا للولايات المتحدة، يعرف أن أهم نقاط القوة في الولايات المتحدة هي المزج بين القوميات. وأعتقد بان الوقت قد حان لأن يزور الرئيس بوش تمثال الحرية مرة اخرى ليدرك ما تعنيه كلمة (فرنسي)».