وفود العزاء تتدفق على الإمارات وارتياح شعبي لسلاسة انتقال الرئاسة للشيخ خليفة بن زايد

TT

استمر تدفق الوفود العربية والأجنبية على العاصمة الإماراتية أبوظبي لليوم الثالث على التوالي لتقديم العزاء برئيسها الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وكان من أبرز الذين وصلوا للإمارات لتقديم العزاء الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي تلا الفاتحة على ضريح الشيخ زايد قبل أن يتوجة الى قصر البطين لتقديم عزائه للشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة. واعلن أمس أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيصل إلى أبوظبي اليوم لتقديم العزاء للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. وأجرى الرئيس الأميركي جورج بوش اتصالا هاتفيا مع الشيخ خليفة لتقديم العزاء له بوفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كما قدم يوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا التعازي باسم بلاده. ووصل أيضا وزير خارجية ايطاليا لتقديم العزاء، وقام ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز بزيارة إلى أبوظبي حيث قدم تعازيه، وكان شقيقه الأمير اندرو برفقته، وهي أول زيارة لمسؤولين غربيين إلى أبوظبي لتقديم التعازي بوفاة الشيخ زايد. فيما استمر تدفق المواطنين على قصر البطين لتقديم عزائهم للشيخ خليفة وأسرة آل نهيان.

وأبدت الأوساط الشعبية الإماراتية ارتياحها للقرار السريع الذي اتخذه المجلس الأعلى للاتحاد بانتخاب الشيخ خليفة رئيسا للدولة، واعتبرت هذه الأوساط القرار دليلا على رسوخ مؤسسات الدولة الاتحادية وسلامة آلية انتقال السلطة. وأشارت المصادر الإماراتية إلى أن سلاسة اتخاذ القرار باختيار رئيس الدولة تبعث على التفاؤل إزاء الاستحقاقات الدستورية الأخرى على صعيد إعادة ترتيب الجهاز الحكومي في إمارة أبوظبي قبل التوجة نحو استكمال ترتيب البيت الاتحادي.

ومن المناصب التي ستشغر باختيار الشيخ خليفة رئيسا للدولة الاتحادية، منصب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ومنصب رئيس المجلس الأعلى للبترول، وهما منصبان كان الشيخ خليفة يتولاهما قبل اختياره رئيسا للدولة، كما تدور تكهنات بإمكانية تسمية نائب لحاكم أبوظبي كمنصب مستقل عن ولاية العهد. ومن المنتظر أن يؤدي التغيير على المستوى الاتحادي إلى التعجيل بإعادة تشكيل المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي سيما أن هناك شواغر في تركيبة المجلس منذ مدة، مثل دائرة بلدية أبوظبي ودائرة الخدمات الاجتماعية كما أن التغيير تفرضه حقيقة أن هناك أعضاء ارتبطت عضويتهم بهذا المجلس برئاسة الشيخ خليفة له، الأمر الذي يرجح انسحابهم منه بعد انتقال الشيخ خليفة إلى سدة الرئاسة.

وترى المصادر المطلعة أن الاستحقاقات التنظيمية المقبلة سواء على الصعيد المحلي أو الاتحادي، ليست ضاغطة، وقد يتأجل اتخاذ قرار بشأنها إلى ما بعد انتهاء فترة الحداد.

وأشارت المصادر إلى أن إعادة تشكيل الحكومة التي تعد من أبرز التغييرات المنتظرة قد لا تكون ضمن الأولويات للرئيس الجديد، لا سيما انه جرى قبل ساعات من وفاة الشيخ زايد تعديل حكومي موسع أعطى للحكومة الإماراتية جرعة حيوية لم تستنفدها بعد.

وفي بادرة تعكس عمق العلاقة التي كانت تربط الرئيس الفرنسي برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يصل شيراك اليوم لتقديم التعازي. ويرتبط شيراك والشيخ زايد بعلاقة صداقة قديمة. و كان شيراك قد زار الإمارات مرتين، الأولى عام 1997 ثم عام 2001، وعاد الشيخ زايد في مقر إقامته في مدينة أنماس الفرنسية الواقعة في منطقة جبال الألب في يوليو (تموز) عام 2002. ووقعت الإمارات وفرنسا اتفاقا دفاعيا عام 1995، وتمثل باريس المصدر الأول للمعدات الدفاعية والأسلحة التي تمتلكها القوات الإماراتية فيما تقوم بينها وبين القوات الفرنسية علاقات تعاون وثيقة في ميادين التأهيل والتدريب والتخطيط.

وتعود علاقات الصداقة بين باريس وأبوظبي إلى بداية نشوء دولة الإمارات، حيث رغب الشيخ زايد، رئيسها الأول، في توثيق علاقاته مع فرنسا بعد مرحلة انسحاب بريطانيا من المنطقة وعدم رغبته في التوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية وجاءت أزمة النفط الأولى مع حرب أكتوبر عام 1973 لتزيد من اهتمام فرنسا بمنطقة الخليج بتوجيه من الرئيس الأسبق جورج بومبيدو ووزير خارجيته ميشال جوبير. ثم سار كل الرؤساء الفرنسيين على هذا الخط المستوحى مما يسمى "سياسة الجنرال ديغول الفرنسية".

وفي نيويورك، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة خاصة حداداً على الشيخ زايد، تحدث فيها ممثلو المجموعات الإقليمية في المنظمة الدولية. وكانت كلمات المندوبين أمام الجمعية العامة التي قدموا فيها الثناء للشيخ زايد والتعازي للشعب الإماراتي، قد عكست مشاعر المجتمع الدولي إزاء الرئيس الإماراتي الراحل، الذي وصف «بقوة موحدة في المنطقة». وقد تمت الإشادة بالدور المميز الذي لعبه في إطار تطوير مجلس التعاون الخليجي وتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة.

وقد عبرت الولايات المتحدة عن إعجابها بالطريقة التي قاد بها الشيخ زايد دولة الإمارات، معتبرة أن «الصداقة التي ربطت أميركا به لن تنسى»، وأشار الممثل الأميركي في كلمته الى «حكمة وإنسانية الرئيس الإماراتي الراحل الذي سنفتقد مساهماته البناءة»، مقدماً التعازي للشعب الإماراتي بوفاته.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، قد عبر في بيان له عن حزنه العميق إزاء وفاة الشيخ زايد الذي وصفه بـ «رجل الدولة المميز». وتحدث أنان في البيان عن «الجهود المتواصلة التي بذلها الشيخ زايد لبناء دولة الإمارات»، مشيراً الى الاحترام الذي حظي به من شعبه نتيجة «حكمته وكرمه وإنجازاته في بناء اقتصاد مزدهر». وقال «إن إيمان الشيخ زايد القوي بالدبلوماسية ودعمه الواسع للدول النامية ساهما أيضاً في كسبه شهرة خارج دولة الإمارات والعالم الإسلامي»، مشيراً الى أنه كان صديقاً للأمم المتحدة وعمل دوماً على تعزيز العلاقات بين دولة الإمارات والمنظمة الدولية.